تفجيرا فولغوغراد الروسية تخدم الاسد وتعزز حجج بوتين وتحرج المعارضة السورية وحلفاءها

عبدالباري عطوان
الأحد ، ٠٥ يناير ٢٠١٤ الساعة ٠٧:٥٤ صباحاً
 
أن تصل السنة لهب الحرب في سوريا الى دول الجوار العربي خاصة في لبنان والعراق فهذا امر متوقع ولا جديد في طياته، لكن ان تمتد الى العمق الروسي، وبهذه السرعة، وعلى هذه الدرجة من الخطورة فهذا لم يكن في الحسبان بالنسبة الى الكثيرين.
 
الانفجاران الكبيران اللذان وقعا في مدينة فولغوغراد الروسية واسفرا عن حوالي خمسين قتيلا ونفذها انتحاريان مسلمان متشددان جاءا بمثابة الصدمة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد كل النجاحات الدبلوماسية التي حققتها حكومته نتيجة لادارتها الازمة السورية بقدرة يصفها العديد من المراقبين بانها كانت عالية جدا.
 
هناك عدة تفسيرات بشأن هذان الانفجاران يمكن ان تسلط الاضواء على الاسباب والتوقيت والرسالة التي تريدان ايصالها:
 
*الاولى: قد تكون تفجيرات فولغوغراد هذه مؤشرا على عدم نجاح الزيارة الاخيرة للامير بندر بن سلطان الى موسكو واستغرقت ثلاثة اسابيع، وتمحورت حول تقديم اغراءات سياسية ومالية الى موسكو للتخلي عن الرئيس السوري بشار الاسد، فالامير بندر مكث في روسيا ثلاثة اسابيع والتقى الرئيس الروسي ومعظم الوزراء المهتمين في الشؤون الامنية والعسكرية وعرض صفقات اسلحة وعلاقة استراتيجية ترسيخا لسياسة سعودية جديدة بعدم وضع كل البيض في السلة الامريكية.
 
*الثانية: توجيه الجماعات "الجهادية المتشددة" رسالة قوية للرئيس بوتين بسبب دعمه للرئيس السوري مفادها انها ستنقل المعركة الى قلب روسيا، وستضرب بقوة في ميادين الالعاب الاوليمبية التي ستقام في مدينة سوتشي بعد شهرين.
*الثالثة: خلط اوراق مؤتمر جنيف الثاني الذي من المقرر ان ينعقد في 22 من الشهر الحالي، والايحاء بقدرة الجماعات الاسلامية على "تثوير" اقاليم القوقاز الروسي حيث تتركز الاقليات الاسلامية، ويوجد حوالي 35 مليون مسلم في البلاد.
 
***
في اللقاء الاول بين الامير بندر بن سلطان مع الرئيس بوتين قبل ثلاثة اشهر لمح الاول الى قدرة بلاده على السيطرة على مقاتلي الشيشان، ومنع اي اعمال ارهابية ضد الالعاب الاولومبية الشتوية في اطار رزمة الاغراءات السعودية لتغيير الموقف الروسي من النظام السوري ورئيسه، ولكن هذا العرض قوبل بالرفض، حتى ان الرئيس الروسي قال لضيفه السعودي ان بلاده ليست في حاجة الى صفقة اسلحة مع السعودية بمقدار عشرة مليارات وهي التي ستنفق 45 مليار دولار على تنظيم الالعاب الاولمبية الشتوية فقط، فهل اراد الامير بندر، اذا ثبت انه يقف خلف الجماعة التي نفذت الهجوم في فولغوغراد ان يقول للرئيس الروسي انه قادر على زعزعة استقرار بلاده اذا لم يستجب للمطالب السعودية، جزئيا او كليا وهذا هو الاثبات؟
 
من الصعب الاجابة على هذا السؤال، لكن من الواضح ان المستفيد الاكبر من هذين الهجومين الدمويين هما اكبر المتضريين منهما، اي الرئيس الروسي بوتين وحليفه السوري بشار الاسد، لانهما سيعززان حجتهما في مؤتمر جنيف المقبل التي تقول بضرورة التركيز على الارهاب، واعطاء الاولوية لتصفية الجماعات الجهادية التي باتت تشكل خطرا اكبر على استقرار العالم وامنه حسب منظورهما.
وما يعزز هذه المقولة الهجمة الاعلامية الشرسة من قبل الائتلاف الوطني السوري المدعوم سعوديا هذه الايام، وادلاء العديد من رجالاته آخرهم هيثم المالح بتصريحات اتهموا فيها النظام السوري بالوقوف خلف الدولة الاسلامية في العراق والشام، واختراق بل تأسيس جماعات جهادية اخرى مماثلة لخلق حالة من الفوضى في البلاد والدخول في حرب مع الجماعات الاخرى لتشتيت التركيز على النظام.
 
***
الدول الاحدى عشرة التي تشكل منظومة اصدقاء سورية ستجتمع في الحادي عشر من الشهر الحالي في لندن من اجل تحديد سلم الاولويات في مؤتمر جنيف والوفود المشاركة فيه، وسيجد المعسكر الامريكي الذي يضم بريطانيا والامارات ايضا نفسه في موقف قوى بعد التفجيرات الروسية لانه يطالب بعدم اعطاء الاولوية لاطاحة نظام الاسد على الجماعات الجهادية في الوقت الراهن، لانها الاخطر في رايه، الامر الذي سيقابل بالرفض من المعسكر السعودي الفرنسي القطري التركي الذي يرى العكس تماما.
 
جميع هذه التطورات تخدم الرئيس بشار الاسد، وتضعف موقف خصومه ولو مؤقتا، خاصة ان التطورات العسكرية على الارض تكشف عن حدوث تقدم لصالحه، مضافا الى كل هذا وذاك فشل كل الجهود المبذولة لتشكيل وفد موحد للمعارضة السورية الى مؤتمر جنيف.
 
لا شك ان تفجيرات فولغوغراد هزت الرئيس الروسي واجهزته الامنية وجعلته يفرض حالة الطوارئ في مختلف انحاء البلاد، ولكنها في الوقت نفسه، اعطت نتائج عكسية تماما بالنسبة الى المعارضة السورية وحلفائها العرب، ولا نستبعد ان من خططوا لتنفيذها وضعوا هذا الهدف في اعتبارهم في هذا التوقيت بالذات.
 
أوكرانيا بالعربية
الحجر الصحفي في زمن الحوثي