ايران والحوثييون: هل تُقْدِمُ طهران على التضحية بحلفائها ضمن صفقة في المفاوضات النووية؟

د. فائزة عبدالرقيب
الأحد ، ١٣ ابريل ٢٠٢٥ الساعة ٠١:٥٩ صباحاً

جولة جديدة من المفاوضات النووية تنعقد بين ايران والقوى الغربية وثمة سؤال يثار حول امكانية تخلي ايران عن دعمها للحوثيين كجزء من صفقة اوسع مع الغرب. غير أن المواقف المعلنة والمؤشرات العملية من طهران توحي بأن هذا السيناريو لا يبدو واقعيًا في الوقت الراهن، لا من حيث المنطق الاستراتيجي الإيراني ولا من زاوية سوابقها التفاوضية.

ايران تعتبر الحوثيين جزءًا أساسيًا من نفوذها الإقليمي، واداة استراتيجية في إدارة توازن القوى في الخليج العربي والبحر الأحمر. دعمها لهم لا يُفهم فقط كعلاقة تحالف عقائدي بل كجزء من منظومة أمنية وسياسية مترابطة تمكّنها من فرض حضورها على الساحة الإقليمية، لذلك من غير المرجح أن تُقدِم على تقديم مثل هذا التنازل مجانًا او أن تدرجه ضمن سياق مفاوضات محصورة في البرنامج النووي.

النهج الايراني يقوم على مبدأ فصل المسارات، حيث ترفض طهران مناقشة القضايا الإقليمية ضمن اي مفاوضات متعلقة بالبرنامج النووي، كما ترفض تقديم اي ضمانات بشأن سلوك الحوثيين، لأن ذلك سيُعد اعترافًا ضمنيًا بسيطرتها عليهم، وهو ما تنفيه رسميًا.

رغم ذلك، يرى البعض أن ايران سبق أن تخلّت جزئيًا عن بعض حلفائها في ظروف معينة، كما حدث في سوريا، حين خففت من انخراطها العسكري المباشر لصالح موسكو، أو في لبنان مع تقليص الدعم المالي لحزب الله نتيجة العقوبات وتراجع الاقتصاد الإيراني. وقد ظهرت مؤخرًا مزاعم إعلامية بأن إيران ضحّت بحسن نصر الله، الذي قُتل في غارة إسرائيلية عام 2024، مقابل مكاسب تفاوضية. لكن طهران نفت ذلك وأعلنت الحداد، وواصلت دعمها العلني لحزب الله، وهو يُضعف صحة تلك الادعاءات.

ان المقايضة بين النفوذ الإقليمي والمكاسب النووية ليست واردة في العقل الاستراتيجي الإيراني، فإيران ترى في حلفائها الإقليميين عناصر قوة لا يجب التنازل عنها ومن هنا، فإن اي صفقة تتطلب تخلي طهران عن الحوثيين، لا بد أن تتضمن مقابلًا إقليميًا كبيرا جدا و اوسع مما يتوقع، وربما إعادة صياغة كاملة مقابل صفقة شاملة لخريطة نفوذ تتجاوز الملف النووي لتعيد تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط.

لذلك، فإن السؤال الذي يبحث في الإجابة عنه، ليس فيما إذا كانت طهران ستتخلى عن الحوثيين او  تقدمهم كضحية! بل فيما إذا كان هناك طرف قادر على تقديم الثمن الذي يدفعها إلى التفكير في ذلك أصلًا. والسؤال الأهم وما يعنينا في الوقت الراهن: ما هو الدور الذي ينبغي أن تلعبه الحكومة الشرعية في بدائل الحلول السياسية والعسكرية من خلال المنهاجية الدبلوماسية في التعامل مع المجتمع الدولي بشأن إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة الدولة وامنها واستقرارها.

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي