من وحى العيش فى اليمن الحبيب 4

أشرف عقل
الاربعاء ، ١٢ فبراير ٢٠٢٥ الساعة ١٠:٥٨ صباحاً

 

( ٤- البخور واللبان والعطور فى اليمن ) .

- اهتم اليمنى منذ قديم الزمان بالبخور واللبان والعطور واشتهر بتجارتها ، وباعتبار أن البخور جزء هام من حياته ، وجزء مميز فى ضيافته ، لذا كان اليمنى يحرص على تبخير ثياب ضيفه قبل مغادرته بما يبقى أثره العطر بين ثناياها أياما بعدها .

- وأنواع البخور كثيرة منها : النباتى كاللبان والعود ، ومنها ما يطبخ فى المنازل ، وهناك عائلات توارثت حرفة صنع البخور وعرفت بها ، ويذاب فى الخلطة المطبوخة العنبر والمسك ودهن البان والطيب والظفرى " من الكائنات البحرية " والعود وغيرها . وهذه الطبخات تنتج ، إلى جانب البخور ، زيوتا عطرية مختلفة ، منها : الزباد ، الأخضرين ، المعشوقة ، الدليلة والمجموع ، وغيرها .

- ويحرق البخور فى المباخر المزخرفة لتفوح رائحته العطرية من كل شيء فى البيت ، ولكل منها بخور مختلف . أما نبات اللبان فيستخدم للتبخير والتطهير وتحسين طعم مياه الشرب والوقاية من الحسد .

- وعلى مدى العقود الأخيرة ، ربما تكون عدن ولحج من أكثر المحافظات اليمنية التى ذاع صيتها بالبخور والفل ومختلف المعطرات . ولا تفارق المشاقر " حزم الفل والريحان والورد والنباتات المعطرة " خدود نساء تعز الفاتنات ، لاسيما فى جبلها الخلاب " صبر " لتزيدهن على تميزهن تميزا . وطالما ألهمت روائحهن المعطرة مع النسمات العذبة الشعراء ، ومنهم الشاعر عبدالله عبد الوهاب نعمان " الفضول " حين قال :

ما أحلى بنات الجبل

حينما يطوفين المدينة

بالثياب الدمس

خدود مثل الورد

ضو الفجر ارواها

واعطاها المشاقر حرس

محوطات الوجوه البيض

بالكاذى المسقى فى برود الغلس

يسقيك محلى ورودك وغرسك

وا صبر يرحم أبوه من غرس

- أما اللبان ، فتنتشر فى اليمن أنواع نادرة من أشجاره ، منها ٩ أنواع فريدة لا تنبت ولا تنمو إلا في محافظة سقطرى . وقد لعب اللبان المستورد خاصة من حضرموت أو ظفار ، دورا هاما فى الحياة اليومية للحضارات الكبرى ، فالأسرات الملكية فى مصر القديمة كانت تقدم البخور للآلهة ، وتظهر النقوش الآشورية فى نينوى محارق البخور الطويلة تحيط بصور الآلهة والعائلة المالكة . كما استخدمته الشعوب الأخرى لأغراض دينية وطبية .

- ووفقا للعالم والطبيب الإغريقى القديم Theophratus الذى عاش فى القرن الثالث قبل الميلاد ، فإن أشجار اللبان ، والمر ، والأكاسيا ، والقرفة ، تتواجد فى شبه الجزيرة العربية بالقرب من سبأ وحضرموت وقتبان وممالى .

- وتنمو بعض أشجار اللبان والمر فى أعلى الجبال ، بينما ينمو بعضها الآخر فى الأراضي الزراعية على السفوح ، بعضها يزرع ، والبعض الآخر ينمو دون زراعة ، كانت زراعته تغطى أكثر من ثلث مساحة حضرموت . أما اليوم ، فلم يعد اللبان يزرع فى مناطق وادى حضرموت الزراعية ، إذ يكفى ما يأتى من الأودية الرافدة الفرعية ، وما يجمع من الأدغال البرية لسد احتياجات معظم السكان ، وهى احتياجات تتنوع بين استخدامه كعلك وبخور وعلاج أيضا .

- وجمع اللبان الحضرمي فى العصور القديمة ، كما يخبرنا المؤرخ الروماني الشهير Pliny كان محصورا فى طبقة محدودة وله طقوسه الخاصة ، إذ لا يزيد عدد العائلات التى تتمتع بهذا الامتياز الذى يتوارثه أفرادها من الآباء والأجداد عن ثلاثة آلاف عائلة ، ولهؤلاء الأفراد ألقاب مقدسة ، وعليهم المحافظة على طهارتهم خلال فترة تقليم الشجر أو جمع المحصول .

- ويتم استخراج اللبان مرتين أو ثلاثة سنويا من شجرة الكندر أو شجرة اللبان أو اللبنى ، وله أنواع عديدة أجودها الحوجرى الذى تنمو أشجاره فى المناطق المرتفعة الجافة ، ثم النجدى يليه الشرزى ، والأقل جودة هو الشعبى أو السهلى . واللبان فعال فى علاج الصفرة ، ويعالج أمراض : الربو واللثة والحنجرة والكبد والمعدة ، وهو دواء اعتمده الطب الشعبى منذ القدم فى علاج كسور العظام ، كما كانت قطعه الكبيرة تقدم مهرا للعروس أيضا .

* المرجع : مصادر متعددة .

* مرفق صورة لشجرة اللبان الشحرى ، من بلاد الشحر فى حضرموت ، وهى من البخوريات التى تفرز صمغا عندما تحرق ، ويصدر منها دخان كثيف ذو رائحة طيبة .

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي