الفأر الذي هدم السد- الوفد اليمني للامم المتحدة!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الثلاثاء ، ٢٢ اكتوبر ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٢٤ مساءً

بعد مقالة لي تتحدث عن ثوار فيتنام اورد بعض الأصدقاء أن هناك خلل متفاقم في السياسي اليمني، وهو ذلك الخلل في الانتماء والعقلانية ولن نجد ثوار فيتنام بيننا، لذا فان الامور تحتاج تغيير ثورة مفاهيم، أولا لنجد أنفسنا ونحصنها داخل مستنقعات العبث، وثانيا لنجد اليمن كمشروع حقيقي وكما نريدها بين شعوب المنطقة، وثالثا لنجهز أنفسنا أن الطريق شاق وأن كل سنة حرب سوف تستنزف سبع سنوات عمل شاق وصبر منا لاسيما وبيننا شخصيات أخذت من بطونها، أي قد نتحدث عن جيل آخر يجد اليمن كما نريد، والحديث بعد اربعين عام من الضياع، واحد السفراء الأصدقاء يقول خمسين عام بناء على مؤشرات، حيث اليوم البلد تزدهر بالمليشيات والجماعات البرغماتية المختلفة في الداخل والخارج، وحتى غرف الوتس أب لم تسلم من الانقلابات واللف والدوران والكولسة. 

 

قبل يومين اورد الدكتور خالد العامري في التنسيقية معنا اين الخلل، ولذا أجد ذلك في باب تغيير المفاهيم اليوم اهم لنضعه هنا.

 

فالدكتور خالد العامري أحد الأصدقاء الأعزاء شخصية يمنية امريكية وناجح، متزن وسياسي امريكي اعرفه من اكثر من عقد من الزمان، ولم اجده الا ذو قيم ومبادىء، يرفض حتى المتاجرة بمعاناة بلدنا، ويبحث مثلنا عن الدولة، التي نريدها بين الامم. الدكتور خالد وصف أيضا في نقاشه معنا ما دار في نيويورك قبل اسابيع، وسوف اورد ذلك كما ورد بالنص منه فيقول:

 

 " ... في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تُناقش القضايا الأكثر إلحاحًا في العالم، وحيث يجتمع القادة من كل زاوية من زوايا العالم، يقف سلوك الوفد اليمني كتناقض مؤلم ومرير. في عالم يعاني فيه اليمن تحت وطأة الحرب والمجاعة والكوارث الإنسانية، كيف يمكن لأولئك المكلفين بتمثيل الشعب اليمني أن ينغمسوا في الترف، ويبدو أنهم أكثر اهتمامًا بالاحتفالات بدلاً من الدبلوماسية المطلوبة لرفع وطنهم من الخراب؟ إن تصرفات الحكومة اليمنية ليست مجرد مسألة أولويات خاطئة؛ بل هي خيانة للشعب الذي يدّعون أنهم يخدمونه.

 

بينما ينهار اليمن تحت وطأة سنوات من الصراع، ويواجه الملايين الجوع والمرض، فإن مشهد المندوبين اليمنيين الذين يقيمون في فنادق فاخرة وينفقون ببذخ هو أمر لا يمكن وصفه إلا بالفظاعة. حتى ممثلو بعض أغنى دول العالم، دول ذات اقتصادات مزدهرة وحكومات مستقرة، يظهرون ضبط النفس والتواضع في نفقاتهم. كيف يمكن تبرير أن أولئك الذين يحكمون بلداً في حالة بائسة يمكنهم أن يتصرفوا بهذه اللامبالاة تجاه معاناة مواطنيهم؟ كل دولار يُنفق على الرفاهية من قبل هؤلاء المندوبين هو دولار مسروق من يد الطفل اليمني الجائع، أو الأسرة المشردة، أو الشاب الذي تحطمت أحلامه بسبب الحرب.

 

لا يمكن التغاضي عن هذا النفاق. في وقت يستجدي فيه الشعب اليمني المساعدة، اختارت قيادته أن تدير ظهرها لهم. هذا الظلم ليس مجرد مسألة ثراء مفقود؛ إنه فشل أخلاقي من الدرجة الأولى.

يستحق الشعب اليمني أفضل بكثير مما يتحمله حاليًا من قيادته. لقد أظهر الوفد في الأمم المتحدة، من خلال أفعاله، أنه مهتم أكثر بإشباع نفسه من الاهتمام برفاهية أولئك الذين يعانون في وطنهم. هؤلاء الأفراد لا يمثلون قوة وصمود وكرامة الشعب اليمني، الذي استمر في التحمل رغم صعوبات لا تُحتمل. بل إنهم يشوهون سمعة اليمن على الساحة العالمية.

 

عندما ينظر العالم إلى اليمن، يجب أن يرى وجوه أولئك الذين يكافحون من أجل البقاء في ظل واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث. لكنهم يرون بدلاً من ذلك وجوه أولئك الذين تخلوا عن مسؤولياتهم، مفضلين الحفلات والملذات على واجبهم في بناء علاقات دبلوماسية مع قادة الدول الأخرى والدفاع عن السلام وتأمين المساعدات الإنسانية. هذه خيانة للشعب اليمني، الذي تتصاعد صرخاته طلبًا للمساعدة ولكنها لا تجد آذانًا صاغية من حكومته.  

 

استمرار الصراع والكوارث الإنسانية في اليمن ليس نتيجة قوى خارجية أو أعداء فقط، بل هو أيضًا نتيجة لعدم الكفاءة العميقة داخل الحكومة اليمنية نفسها. عندما يهتم القادة براحتهم الخاصة أكثر من رفاهية شعبهم، وعندما يفتقرون إلى الكفاءة والرؤية لتشكيل تحالفات حقيقية والدفع نحو السلام، تكون النتائج مأساوية. الحرب تستمر، والأرواح البريئة تُزهق، والأمل في مستقبل أفضل يتلاشى مع كل يوم يمر. إن هذه الكفاءة المتدنية لها تكلفة حقيقية ومدمرة. تُدفع هذه التكلفة بدماء المدنيين اليمنيين، ومستقبل أطفال اليمن، وكرامة أمة كانت دائمًا فخورة بنفسها. فشل الحكومة في معالجة هذه القضايا ليس مجرد خطأ سياسي؛ إنه جريمة بحق شعبها.

 

ولكن لا يجب أن يكون الأمر كذلك. يمكن أن يكون مستقبل اليمن مختلفًا، ويجب أن يكون كذلك. لقد عانى الشعب اليمني بما يكفي، وحان الوقت لهم للمطالبة بالمزيد من أولئك الذين في السلطة. لم يعد بإمكان الحكومة أن تختبئ خلف الأعذار أو الملهيات. لم يعد بإمكانها أن تمثل نفسها في الأمم المتحدة كما لو كانت تقوم بواجبها بينما تترك بلدها في حالة خراب. فالشعب اليمني يستحق قادة يقاتلون من أجله؛ قادة سيضعون السلام في المقام الأول، ويطالبون بالمساعدات، ويعملون بلا كلل لإنهاء الصراع وإعادة بناء الوطن. يستحقون حكومة تمثلهم حقًا، وليس حكومة تدير ظهرها لهم في وقت هم في أمس الحاجة إليها. وفي المختصر، لقد حان الوقت للشعب اليمني للمطالبة بالمحاسبة، والمطالبة بالتغيير، والمطالبة بمستقبل يعكس قوتهم وكرامتهم. لقد عانوا لفترة طويلة تحت وطأة القيادة السيئة. حان وقت الأمل، ووقت التحرك، ووقت التمثيل الحقيقي. يمكن لليمن أن ينهض من هذه الرماد، ولكن فقط إذا أُعطي شعبه القيادة التي يستحقها...".

 

وفعلا كما تحدث الدكتور خالد العامري، ماذا ننتظر، فقد حان الوقت للشعب اليمني للمطالبة بالمحاسبة والتغيير، او سوف نكون نحن البضاعة لمثل هولاء وغيرهم للمتاجرة بمعاناة اليمن في المحافل والورش، حيث هنا تتجلى صور عدة ليست فقط للخلل في الانتماء الوطني وأنما في انتشار لثقافة البرغماتية الانتهازية في التكسب بالقضايا الوطنية. هولاء لايختلفون عن اي مليشيات او عدو للمجتمع ويتجسدون بصور اقبح من العدو من وجهة نظري، لانهم يلبسون اقنعة الوطنية، وينخرون المجتمع ويتكسبون من حيث نريد ان نصلح، وهم اكثر خطر على مجتمعنا اليمني من الفأر الذي هدم السد كما نتحدث. ولذا يجب ان تسقط تلك الاقنعة لنخفف حدة الضرر لأن في معارك القيم والمبادئ لايوجد حلول وسطية.

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي