وضوح الرؤية يحدد أولوية المرحلة (2)

د. علي العسلي
الأحد ، ١٨ فبراير ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٠٩ مساءً

 

قد يواجه الخيار الثاني ((الانتقال من أولوية "صدّ" التصعيد الحوثي الى "الهجوم")) والذي عرضناه في المشاركة السابقة، بعض الضغوط الاقليمية والدولية لمنع الشرعية من المضي فيه.. ويمكن في هذه الحالة الانتقال للخيار الثالث. 

الخيار الثالث:- ((الحرب والتفاوض(الادارة العسكرية أولوية على الإدارة السياسية من أجل انهاء الانقلاب)) حكومة هجينة (حربية وسياسية وخدمات)..

ممكن للشرعية إذا ما عورضت في الخيار الثاني، فلتكيف نفسها للخيار.الثالث، مع اشتراطها بتمويل وتجهيز وتسليح الجيش الوطني، ورفض الالتزام بعدم تحريك الجبهات، بل بتحريكها بغرض الضغط على الحوثي وجلبه لطاولة الحوار والتفاوض. 

 وهنا ينبغي الموازنة أو المؤامة بين هدف الحرب وهدف التفاوض وتوفير الخدمات للمواطنين في اماكن تواجد الحكومة، وعبر الوكالات المحلية والدولية، والمجتمعات المدنية في مناطق سيطرة المغتصبين.. 

في هذه الحالة.. قد تميل الكفّة لصالح السلطة الشرعية، وستُجبر عصابة الحوثي الإرهابية تحت ضعط القوة للجنوح للسلام. 

الخيار الرابع:- ( استمرار الوضع الراهن (الهدنة القائمة..( ألا حرب وألا سلام))..

طبعاً خيار المراوحة القائم غير مقبول والخروقات فيه موجودة لكثرة، والشهداء كذلك.. وكل يوم يمر يأكل من شرعية الشرعية، وتفقد الشرعية ثقة للمجتمع، والعجز في توفير الخدمات بسبب حصار الموانئ ومنع الصادرات من قبل الحوثي، واخشى ما اخشاه ان تتحوّل كل الخدمات إلى أمن قومي، وليس توفير الكهرباء والامن الغذائي فقط..

وستصبح الشرعية غير قادرة على الوفاء بالالتزامات الضرورية الحتمية، وهلّم جر... 

هذا الخيار مع مرور الزمن هو بالمحصلة لصالح الحوثي، والحوثي في هذه الحالة يعزز مواقعه وسيطرته على المناطق المغتصبة التي تحت يديه. 

ومن السلبية جداً أن تبقل الحكومة الشرعية بالحفاظ على الهدنة القائمة وديمومتها دون خريطة طريق مزمّنة تفضي للحل والسلام الدائم الشامل.

اعتفد انني قد وضحت الأولويات والخيارات.. ومن هنا سانتقل إلى إبراز أهم الأولويات التي لا تتوافق مطلقا مع الرؤية العامة للمرحلة، وسأبينها على النحو الآتي ذكره:-

هدف إدارة اليمن سياسياً يتعارض مع بقاء الحوثين يتحكمون في جزء من اليمن.

هدف ادارة اليمن عسكريا وأمنيا يتعارض دستوريا بوجود تشكيلات عسكرية خارج مؤسستها العسكرية. 

ويتعارض مع وجود الحوثين يتحكمون بجزء من اليمن ويعرّضون البلد والسيادة للخطر، ويتعارض مع بقاء الجبهات محلك سر، ويتعارض مع الاكتفاء بصد تصعيد الحوثي فقط. 

هدف انهاء الانقلاب بموجب القرارات الدولية يتعارض مع التماهي والترضية من قبل المجتمع لدولي وبخاصة بعض الدول الكبرى للحوثثين.

انقلاب الحوثي الارهابي والقناعة المترسّخة عند الشرعية بعدم رغبته بالسلام هو ومشغّله ايران، لا بل تجريب السلام معه (تجريب المجرب خطأ)، يتعارض مع التعاطي الايجابي الدائم من قبل الشرعية، والاصرار على اقامة سلام معه.

الحفاظ على وحدة الصف وحماية التوافق يتعارض بقبول الحوثي كمكوّن سياسي، لأنه في أصله مشروع عسكري أمنى ارهابي. 

خريطة الطريق لإحلال السلام المقدمة من قبل السعودية وقبولها من قبل الحوثي، وتصريحاته من احراز التقدم وحل كل العقبات، تتعارض مع هروبه المستمر من عملية السلام، وأخرها عسكرة البحر الأحمر. 

عمل مؤسسات الشرعية خارج اليمن وخارج عدن تحديداً يتعارض مع السعي لكسب رضا وثقة المواطنين بها،

 ويبعدها ذلك عن تلمس حاجات المواطنين. وما يقوم به رئيس الحكومة من زياراته الميدانية وتفقد احول المواطنين والمؤسسات والاتصال بالمحافظين إلا تعزيزا لما أعلن عنه من تهديف تحقيق ثقة المواطنين. 

تعطيل مجلس النواب والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد عن الرقابة، يتعارض مع مبدأ الشفافية والمساءلة. 

صناعة الفارق وبناء النموذج في المحافظات المحررة يتعارض مع إعداد موازنة عامة للجمهورية اليمنية على اساس المحافظات المحررة، بل ينبغي ان يكون بناء النموذج في اطارها، وليس منفصلا عنها.

 أولوية اعداد موازنة عامة للجمهورية اليمنية بحسب الدستور والقانون، يتعارض مع عدم دفع رواتب كل الموظفين، لأن الباب الأول هو بند الراتب.

تأمين الوفاء بالالتزامات الحتمية للدولة يتعارض البتة مع عدم استئناف تصدير النفط والغاز..

فاستئناف التصدير أولى الأولويات وبأي طريقة كانت.. على ان يتم تخصيص 20% من عائدته والمتبقة من الانفاق الحكومي للإستثمار في القطاعات الاقتصادية الاخرى كالزراعة والصناعة والسياحة وغيرها..

وتأمين الموارد ايضا يتعارض مع عدم تحصيل الايرادات من كل المحافظات لحساب البنك المركزي،ويتعارض مع ان تكون اجهزة الشرعية جابية للحوثيين في صنعاء، ويتعارض مع بقاء مراكز المؤسسات الايرادية وحتى غير الايرادية في صنعاء المغتصبة والمحكومة من قبل الحوثيي، ويتعارض مع السماح للحوثين بتدفق النفط وبيعه بحسب مزاجه وفي السوق السوداء ايضا، ويتعارض مع عدم اتخاذ سياسات مالية ونقدية تنهي فارق الصرف بين صنعاء وعدن وتقلل من التضخم، وتنشط الاقتصاد وتوظفه توظيفا كاملا، ويتعارض مع عدم توفير الخدمات الاساسية للمواطنين. 

تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص كقائد للتنمية وقاطرتها لتنفيذ المشاريع الحيوية.. يتقاطع ويتعارض مع هدف القيادة والريادة للقطاعين "العام والمختلط". 

حشد الدعم الإقليمي والدولي إلى جانب قضية الشعب اليمني، وتصحيح سردياتها المشوهة، يتعارض مع هدف تقليص عدد السفارات..

 

 هنا أريد أن أنبه أن السلطة الشرعية خارجياً موجودة مائة في المائة، واي أختلال في هذا المكسب قد يستفيد منه الحوثي ويمليه.. أرى عدم المساس بالوضع القائم في كل السفارات، بمعنى عدم اغلاق اية سفارة في الوقت الحاضر، والتقليص ممكن إن كان ضروريا.. 

تعميم تقييد التمثيل يتعارض مع هدف الحضور واستغلال اية فرصة أو نافذة لتمثيل اليمن وشرح قضيته وتثبيت شرعية سلطته.. فهذه المنابر والمؤتمرات والندوات فرصة للتواجد للتعبير عن اليمن والتحديات التي يواجهها، ولشرح ممارسة الحوثي وجرائمه.

ولو تمعنتم في نشاط وحركة الاخ الرئيس على سبيل المثال خارجياً لوجدتم حضوره وبحضوره تحضر اليمن ومعاناتها وتمثيلها خير تمثيل، فالزهد هنا ليس بذلك القيمة، لديكم مواضع اخرى للشغل أن أردتم التقشف، فما نسمعه من فساد في الكهرباء والمشتقات النفطية وفي العوائد التي تصل للحوثي من مناطق الشرعية تهريبا او عوائد الاتصالات أو رسوم مرور الطائرات في اجواء اليمن، لهي اهم بكثير من تقليص وتقييد التمثيل الخارجي..

اختم فأقول بامكان الحكومة أن تعمل ضمن اولويات عملية متوافقة وغير متعارضة وان تعمل على تحسين وادارة الموارد العامة بكفاءة، ومن تعزيز القدرة على توفير الخدمات العامة للمواطنين.

كما يمكنها إعادة هيكلة الديون الخارجية لتخفيف العبء المالي على الميزانية العامة. وتحديد كيفية تمويل النفقات الحربية دون تفاقم الدين العام.كذلك اتوقع ان تفوم بتقدير تكاليف الحرب بما في ذلك التكاليف العسكرية، والإنسانية، والاقتصادية، وتأثيرها على البنية التحتية والخدمات الأساسية..

أكتفي بهذا .. والسلام عليكم ورحمة الله..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي