"ما وراء الدخان الأبيض: تبديل المواقع ومستقبل اليمن"؟ !

د. علي العسلي
الثلاثاء ، ٠٦ فبراير ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٢٢ مساءً

ماسرّ الاصرار على تبديل الدكتور معين؟ هل هو شخصي أم هو عملية تسليم وتسلم ملف اليمن لتوجيهات سياسات جديدة؟ وهل سيفضي ذلك إلى عودة الحكومة وتسليح الجيش من أجل إنهاء الانقلاب؟ وهل بهكذا تبديل للمواقع ستحل المشكلات والتحديات الماثلة؟

أسئلة كثيرة مثارة.. قادم الأيام والاسابيع ستجيب عليها!

والحقيقة أن استبدال الدكتور (معين) رئيس الوزراء السابق، بزميله ووزير خارجيته، قد أثار حفيظة كثيرين؛

فمنهم (مع)، ومنهم (ضد)!؛ غير أن المسألة معقدّة ولا يمكن تبسيطها واختزالها بتبديل مواقع أشخاص؛

ولا يمكن لأحدهما أن يمتلك عصا سحرية، كي يحقق كل رغبات وتمنياتنا الناس، إن كانت (القِربة) مخزوقة، كما يقال، وإن كانت سيارة العبور معطوبة تسير ودخانها الأبيض ورائها!

الرجلان كلاهما ينتميان إلى التغييريين، وكلاهما أتيا من ساحة التغيير، وكلا الرجلين أعرفهما واعرف مقدار طموحاتهما وقدراتهما في تحقيق شيء، غير أن ذلك وحده لا يكفي! ويحتاج لتعاون الجميع!

ومن ناقلة القول أن الدكتور (معين)، قد قام؛ بما يستطيع ولم يتعاون معه الجميع، فتصدّى للوبي الفساد وحاول تجفيف منابعه، وتفرعن عليه المتنفذين فأعاقوا خططه وإصلاحه!

وأما (بن مبارك)؛ فقد يعيقه الأقربون لحسابات جهوية ومناطقية وقروية.. نتمنى له النجاح والتوفيق وألا يتأثر بما قد يلاقيه من ضغوطات.. ونتمنى عليه أن يبقى وحدوياً صميمياً بحسب خلفيته التي نعرفها، ولا يضعف أو يستسلم للمعطيات في هذا الواقع البئيس الذي يعيشه اليمن واليمنيون!

تبديل الدكتور معين قد يكون خفف العبء على الرئيس بجلد تعز بالرئاسات الثلاث، فهل انت قد تحررت من ذلك يا فخامة الرئيس!؛

على الرغم أنك لست الصانع لها، فالرئيس هادي هو الذي دفع بكم الثلاثة وأنتم ومنطقتكم مستحقيين وكفوئيين، لا بل كونكم قبلت، فقط لتكون إنتحاريين لإنقاذ اليمن في هذه المرحلة الدقيقة!؛

لا عذر لك اليوم بعد أن تحررت من وزر تحميل (الجاهلين) ، لتعز مسؤوليات اخفاق المنظومة التي هي مستمرة من قبلكم وبوجودكم.. اليوم عليك ان تلامس استحقاقات تعز والوفاء بها وظيفياً وماديا، وباقي اليمن؛

بالتوجه نحو المراجعة والتقييم وإصلاح المنظومة وابعاد الوظيفة العامة عن المحاصصة والتقاسم المقيت، والاعتماد على الكفاءات من أي منطقة كانت لبناء اليمن الجديد!؛ سنظل نراهن ونتمنى، على الرغم من أن الواقع لا يعطي مؤشرات لذلك!

بعد التبديل .. النقد كل النقد لهذا التبديل؛ ليس لتبادل المواقع، ولكن للتجاوز على الإجراءات الدستورية والقانونية، فتجاوزها مؤشر سلبي وغير مريح للإطمئنان على المستقبل؛

ومع ذلك دعونا نتسلح بالتفاؤل، ونؤكد على ضرورة الحفاظ على المكتسبات التي حققها الدكتور معين ، وكذا استكمال ما بدأه، والبناء على ما حققه من علاقات مميزة مع التحالف العربي ودول العالم، إذ انه ابقى على تدفق المساعدات الإغاثية لليمنيين للتقليل من آثار وقع المعاناة على هذا الشعب المكلوم.

فلقد كان لرئيس الوزراء السابق دوراً بارزاً في إقناع دول العالم في الايفاء بتعهداتها من خلال برامجه وخططه وشفاقيته، نتمنى على زميلنا الدكتور أحمد السير بهداه والاقتداء به في هذا الجانب!

ولقد تمّ وصف الدكتور معين وحكومته بالانتحاريين، فمنذ أول لحظة استهدف هو وحكومته اثناء الهبوط في مطار عدن الدولي، ومع ذلك استمرت حكومته تعمل بقدر المستطاع وليس بحسب المبتغى، متجاوزاً بإرادة صلبة، كل التحديات والتهديدات والمخاطر، ولم يستسلم لها أبداً!

واليوم الدكتور أحمد عوض رئيس الوزراء الجديد يواجهها، وفوقها ما يحيط باليمن من مخططات وتحشدات عسكرية وتدخل قوى دولية ومشاكل وتعقيدات ومخاطر على الجميع الارتفاع لمستواها واعانته في حلّها، فمجرد صدور قرار التعيين غير كافٍ قطعاً لحلحلتها ومواجهتها!؛

الترقيع تحدٍّ جديد لا إنجاز، وقد لا يزيل الدخان الأبيض المتصاعد خلف الشرعية!

فالعادم سيستمر، طالما استمرت المشاكل والمجاملات والترقيعات والترضيات.. المنظومة كلها تعتريها الخدوش وتحتاج لإصلاح الخلل من خلال التشاور واشرك جميع القوى السياسية الحزبية والمدنية في الرؤى، واشراكها في صنع القرار والتنفيذ وتحمّل التبعات!

العادم يدّل على وجود تصدّعات وتشقّقات وشروخ، ويا آسفاه على المضرّة منها والمتمثلة بفراهة الإسراف والتباهي والتقليد والمحاكاة في إظهارها بالمناسبات، في الوقت الذي فيه كثير من الشعب اليمني تأكل من براميل القمامة!؛

الدكتور معين تغييره لا ينقص من شخصه وقدرته ومستقبله السياسي، ويقيني ان الزمن لن يطول ليقول الكثيرون بأنه كان كالذهب الأصفر صاف، ومع مرور الزمن سيزيد لمعانه وبريقه وتذكّره؛ نبارك له بمنصبه الجديد، فهو لا يزال مؤثراً وضمن دائرة الحكم الضيقة ومن صنّاع القرار!

على من سيخلفه الدكتور الزميل احمد عوض - الذي لا نجد سبيلاً للتواصل معه، نهنئه هنا ونبارك له ثقة القيادة به-؛ أن يبدأ مما انتهى إليه الدكتور معين والاستفادة قدر الإمكان من تراكمات خبراته وانجازاته وإصلاحاته، ومتابعة خططه وإصلاحه وسعيه الدؤوب لإنعاش وتعافي الاقتصاد.. مسؤوليتك أيها الرفيق كبيرة للعبور باليمن إلى شاطئ الأمان!

ونشدّ على يد الدكتور أحمد عوض رئيس الوزراء الجديد من اجل مستقبل رفير وآمن، من خلال الحفاظ على تقاليد ادارة الدولة، واعلاء القانون والحرص على الحق العام والعمل بروح المسوؤلية.

 وتحقيق نتائج ملموسة في حياة كل يمنية ويمني.

والإستمرار في معركة انهاء الانقلاب واستعادة الدولة والانتصار لقيم الجمهورية اليمنية ومبادئها الوطنية الديمقراطية الأصيلة..

كما جاء ذلك فى أول تصريح له بعد صدور القرار وقبل أداء اليمين!!

بقي ان اقول عليك اخي الرئيس تغيير رئيس الوزراء هو تغيير حكومي يتطلب برنامج ومنح ثقة واملاء الفراغات في الوزارات. والمادة الثانية من القرار ينبغي ان يعمل بالقرار من تاريخ صدور، لا أن ان تنص المادة على استمرار أعضاء الحكومة في أداء مهامهم وفقا لقرارات تعينهم.. ودام عزكم..

 

 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي