الأسوأ أن تجد الحوثي ملوث بالدم والفساد والتخريب والتدمير؛ ومع ذلك يدعوا الشعب اليمني لإقصاء مسؤولي الشرعية أصحاب الحق .. يريد تبييض مجلس القيادة الرئاسي (الثمانية) والحكومة اليمنية من اليمن.
ولا يكتفي بذلك بل يحرّض الجيش الوطني، ولا يستحي!؛ بعد أن قتل منهم من قتل، فيطلب منهم التصدّي للسلطة الشرعية ومنعهم من العودة لليمن .. تخبيص في تخبيص.. أرأيتم مثل هكذا آدميين؟!
وأسوأ ما في اليمن هو ذلك التعامل الأمريكي الداعم للحوثيين..فيستخدمه الحوثي لإعلاء رصيده، نتيجة تحمّل أمريكا لصلفه، فتظهره أنه متحدّي لها، إذ عجزت عن مواجهته لحالها، فشكلت تحالف لدول في البحر الأحمر، اعتذر بعضها، اعتبره الحوثي هزيمة ونصر رباني.. مضلل وكاذب.. بينما حقيقته قد يكون منسق كل ما يجري تنسيقاً مع أمريكا، ظاهر ذلكم من اختيار الأهداف المضروبة مراراً من قبل، ومع التبليغ القبلي بضربها؛
ويستخدم الحوثي كذلك السلوك الأمريكي المنحاز والمدافع عن ( إسرائيل) لإستنهاض الشعب اليمني الرافض للعدوان والاحتلال عبر التاريخ!!
وكثير من الناس لا يدركون حقيقة هذا التخادم بين أمريكا والحوثي، ومن أن ضرباتها كمن يضرب ابنه إذا عصاه لتربيته عند تجاوزه، لكنه لا يكرهه!
وتعلمون أن هدف أمريكا المعلن في عدوانها المرفوض هو التقليل من الخطر الحوثي على السفن، وقد يكون من بين أهدافها المُبطّنة إكساب الحوثي شعبية بعد أن كان قد فقدها طوال الهُدن في المدّة الأخيرة! فيا أيها الحوثة بطلّوا استخدام غزّة لجرائمكم المستمرة الممتدّة!
وكل همّ الحوثي أن يشوّه موقف السلطة الشرعية من غزة، ويستقطب ويجيش باسمها لقتال اليمنيين..ومقصده استثمار التأييد الشعبي من المغرر بهم، بالزحف باتجاه مواقع ومناطق الشرعية، ومنعها من إدارة موانئها ومنافذها البرية والجوية والبحرية.
وإن أسوأ ما في الحوثي التباهي والتفاخر باستقبال رسائل من امريكا وإن كانت بلغة التهديد. وفي ظني أن الحوثيين ممتنون كثيراً لتهديد أمريكا بدعم الشرعية، مرتاحون انها تعمل لهم اعتبار وحساب، فكما قال الحوثي انها ابلغتهم عبر عُمَان كما يدّعون بالتهديد، فسابقوا هم بتنفيذ محتواه على الأرض.
والحقيقة واضحة جلية، ألا تغيير حتى اللحظة في استراتيجية أمريكا في دعم الحوثي، ومستمرّة بالضغط على السلطة الشرعية كي تقدّم مزيد التنازلات، وكي توافق على إبرام اتفاق سلام مع الحوثي، الذي هو قطعاً سيكون لصالح تمكين الحوثي إن حصل!؛
ويا شرعية صدّ العدوان واجب، فاستعدّي له، واستعدّي كذلك لاستعادة المناطق المغتصبة، فقد مللنا الانتظار، وهو مطلب شعبي لا رجعة عنه؛ فلا تأبهون بفرية الحوثة، فهم يتلفون الدعم والأوامر من طهران وربما من واشنطن ايضاً!
الحوثة مكّارون.. يتعذّرون بأمريكا بأنها هي من تتحكم بالشرعية، وهي من توجهها وتعطيها الأوامر.. وهذا كله هراء.. وكل اليمنيين يعلمون أنه لولا أمريكا لكان الحوثة في خبر كان!
والمفروض فيما يجري على الأرض والبحار اليمنية يكون سبباً لصحوة الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي، كي يضغطوا على مجلس الأمن الدولي بتمكينهم من استعادتها وإدارتها لدفع الضرر وتحرير المغتصب.
وإن أسوأ ما في السلطة الشرعية، أنها ليست لديها رؤية واحدة موحدة لا نحو الداخل ولا نحو الخارج!؛
فالتعامل فيما بين مكوناتها يتعرض للتصدّع وعدم الثقة في معظم الأحيان، بسبب غياب الرؤية المتفق عليها كما اعتقد، وبسبب استدعاء الماضي واستحضاره كلّما شبّ خلاف.
وتحتاج باستمرار لبناء جسور الثقة، لخلق ثقة مستدامة قائمة على الوضوح والشفافية وعلى الطاولة لا على الإعلام ، والتعامل بحسن الظن، وترك التنطّح ومرض الزعامة، وضرورة التعالي والحرص وتغليب المصلحة الوطنية العليا،باعتبار ذلك حفاظاً على الوجود، ومن مصلحة الجميع.
ولا بدّ من التفاني وقليل من التضحية لخلق وإيجاد نموذج يُحتذي به، وقابل للديمومة والبقاء، وممكن تسويقه للحصول على الرضاء الجماهيري، وبخاصة من قوى المجتمع المدني
ولابد كذلك من إيجاد رؤية متضمنة آليات لتنفيذ وإنجاح فكرة الاصطفاف الوطني، بحيث تجسّد التوافق والشراكة الوطنية الواسعة.. شركاء في صنع القرار وشركاء في تنفيذه وتحمّل مسؤوليته وتبعاته!؛
كذلك فإن موقف الشرعية من الحوثي غير مقبول، ولا يشجع، فكل أركان الشرعية قابلين بالوضع القائم إن لم نقول سلبيين وراضين بالاستمرار على الوضع الراهن أو بما سيفرض عليهم، وليسوا مبادرين أو مبادئيين!؛
فها هي الشرعية لم تتزحزح قيد انملة عن تموضعها منذ سنين، بل لقد تراجعت على سبيل المثال في الساحل الغربي، فانسحبت من بعض تموضعها، وكما قيل حينها بإعادة انتشار، فإعادة الانتشار ليس بمئات الكيلومترات.
كذلك يبدو أن عدم وجود رؤية واضحة مع الاشقاء كشركاء؛ قد أوجد بعض سوء الفهم وبعض الحنق، فنراهم هم الأخرين قد تراجعوا خطوات إلى الوراء، لياخدوا مواقع الحياد أو الوسطاء.
إن حال السلطة الشرعية يحتاج للإستيقاظ، ولن يستيقظوا إلا برؤية واضحة ومحددة ومتفق عليها مع الشركاء!؛
وأسوأ ما في الشرعية أيضاً؛ أن مواقفها دائما منفتحة وبإيجابية مع كل مبادرة أو طرح يفضي إلى سلام مع الحوثي.. فلا ينبغي أن يكون ذلك مفتوحا على الدوام دون أن يلازمه تواجد وتحرك على الأرض، وعمل دبلوماسي مكثف في الخارج، وسقف زمني محدد لإنجاز السلام الشامل العادل؛
فإن لم يتحقق في الفترة المحددة، يكون الاستعداد قد بلغ ذروته، لاستعمال القوة حتى تسترد الدولة ومؤسساتها، وكل المنهوبات العسكرية منها والمدنية، ومحاكمة مرتكبي الجرائم، حيث أنها لا تسقط بالتقادم ابداً!؛
والأسوأ في الشرعية تباينات مكوناتها وشخوصها، فهو من أثر وجمّد الوضع القائم الذي نعيش على حاله، وأظن ذلك أيضا بسبب استفادة البعض من بعض ميزات السلطة، كغنيمة واحتكارها دون توسيع واسع للشراكة يذكر!؛
كذلك؛ فإن غياب الرؤية الشاملة للشرعية؛ قد غاب معها موجّهات وبنود الشراكة مع أشقائنا وآليات تنفيذ شراكة حقيقية دائمة وليست مؤقتة..
فالشراكة مع مجلس التعاون الخليجي ودول التحالف العربي، اظهرتها الأحداث الماثلة أن تدخل التحالف لم يكن دعماً للشرعية فحسب، وإنما أثبت انه مصير مشترك، وأنه حماية لآمن واستقرار الجميع!؛
ينبغي إيجاد رؤية تتضمن موجهات ومحددات، لا تتجاوزها مكونات الشرعية، ومسؤلوا الشرعية وإعلامهم، ولا حتى دول التحالف.
فلا مشاريع مقبولة دون استعادة الدولة، ولا سماح بدويلات وكانتونات خارج السلطة الشرعية، ولا قبول بإضعاف الجيش الوطني وتسليح مكونات خارجه وعلى حسابه، ولا أولوية للشرعية خارج تصنيف الحوثيين بأنهم انقلابيون على الشرعية!؛
حالياً.. ونظرا لانعدام الرؤية، يبدو أن السلطة الشرعية من أولويتها التحرك لدعوة الدول الأوروبية لأن تحذو حذو أمريكا في التصنيف؛ ذلكم التصنيف المقيّد بتنفيذه بعد مرور شهر، املاً في توبة الحوثي؛
الأسوأ أن تصنيف أمريكا مرحب به من قبل السلطة الشرعية وهو ليس بالهدف المنشود، الهدف المنشود كما قلنا إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة والسلطة الشرعية، والتصنيف ذاته لم يرتقي للتصنيف العالمي للإرهاب الاجنبي، فضلاً عن انه قد ينفذ ولا ينفذ في السادس عشر من فبراير الحالي!؛
فالتركيز على التصنيف يؤخر هدف إنهاء الانقلاب.. لا تنهمكوا كثيراً في التصنيف واستفيدوا سريعاً من المعطيات القائمة لإستعادة المحافظات وانهاء الاتقلاب!؛
ووضحوا للعالم حقيقة الحوثي وفندّوا كل ادعاء له، عند صدّكم لعدوانه على الشعب اليمني، ولا تلتفتوا لأباطيله!
الوضع خطير، والتراخي مضر، والزمن لا يعوّض، ولا يتيح لك أيتها السلطة الشرعية (حكومة ومجلس قيادة)، الإسهاب بالحديث عن تغيير حكومي أو التعديل أو الإصلاح؛ فالعدو متربص بكم، وينتزع كل ساعة من صلاحيتكم، والبعض منكم لايرال يتماحك ويتماهى ويشوّه الموقف الموحدّ وينحرف عنه.
فوحدوا صفوفكم .. واستعيدوا سلطتكم ودوركم لتبنوا دولتكم.. ثمّ بعد ذلك أوجدوا الدولة التي ستصلحونها، واعيدوا المؤسسات التي ستصلحونها، وفعّلوها كي تقيّموا ثمّ تغيروا إن أردتم لبعض شخوصها!
-->