إن أسوأ ما يجري في اليمن هو أن الحوثي لم يكتفي بقتل اليمنيين طوال السنوات الماضية، بل ها هو في صدد فتح من جديد معارك وتحريك جبهات بعد أن كان قد وافق على هُدن هشّة تخللتها خروقات كثيرة لا تحصى من قبله، لكنها خففت الموت ولو قليلًا؛ باستمرارها لحوالي عامين كاملين!
والأسوأ أن الحوثي مركّب ما أعجب منه؛ ينسب ما يقوم به للطرف الآخر(السلطة الشرعية)، ويرجع ما قد تقدم عليه الشرعية لصد عدوانه، بأنه نتيجة لإيعاز أمريكي حسب زعمه، إذ يقول أنه تلقى تهديد امريكي بذلك عبر العُمانيين!
والأدهش.. رغم وضوح الصورة.. من أن الحوثي لا يزال يؤثر على بعض اليمنيين ويمرّر خداعه وتضليله عليهم، بامتطائه مظلومية غزّة، جيّش الجيوش، وسلح وجمّع الأموال؛ فاستطاع إلى حد ما، يُنسي بعض اليمنيين والعرب جرائمه وفظائعه في اليمن إلى حين تظهر حقيقته عند التخلّي عن غزّة ونصرتها، لاعتزمه الانشغال باستئناف عدوان جديد وظالم على اليمنيين!
والأنكى من ذلك.. هو أن الحوثي يدّعي الوطنية والقومية وهو تابع مأمور لبلاد فارس؛ ويتشدّق بالإنسانية، وهو منذ نشأته وإلى حدّ اليوم يُمارس العُدوان والحصار، ويرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية!؛
وحصاره لتعز ومنعه لتصدير النفط، ومنع هبوط الطائرات في المطارات اليمنية ليس عنكم ببعيد. ويعتبره الحوثي جهاداً ونصرة ومساندة لغزة؛ كائن غريب حقاً!!
وأسوأ ما في نفس الحوثي، انتهازيته وسلوكه الشاذ.. إذ يستغل الأحداث ويوظفها بشكل انتهازي، فيستغل مظلومية غزّة (مذابحها ومجازرها وحصارها) ليتقمص هو دور الصهاينة، فيفتح حرباً على شبوة وتعز الضالع وغيرها، ولم يهزّ حصار غزّة له شعرة، كي ينهي حصاره على تعز، فهو مستمر في حصارها.. يسعى بتضليله لجمهرة الناس باسم غزّة! وهو كائن عدواني متوحشّ ومتقمّص!؛
فانظروا للعب الأدوار والتذاكي وصنع البطولات من لا شيء.. فأمريكا تنذر الحوثي قبل قصفه، وهو يخلي مواقعه وأسلحته وخبرائه اللبنانيين الإيرانيين، وكل المراقبين رأوه ينقل صواريخه الحديدة دون قصف..
والحوثي يستغل حركة الامريكان إعلاميا بانتهازيته المعروفة، ليصنع البطولة والتصدّي والتحدّي لأمريكا، وامريكا ترشيه وتتوعده، وعند ضربها له لا توجعه، ثمّ يتفاخر بتميّزه على الطرف الأخر بأنه صاحب موقف، ويضحّي من أجل غزة!؛ تخادم مريب!
هذا الحوثي الانتهازي المبتزّ.. يفاوض ويساوم ويبتز المملكة العربية السعودية .. يطلب منها، من على الطاولة ومن تحتها غنائم وفوائد.. فيترجّاها وينشد كرمها ومكرُماتها ويتوسل إليها.. ثمّ يهددها إعلاميا ويعرض قواته على حدودها ويذكّرها تحميلها سبع سنوات حرب شنّها على الشرعية واليمنيين! يقائض ويساوم وسلعته بائرة!؛
يدّعي المظلومة ويُمارس كل أنواع الظلم، يشتكي من ظلم أمريكا وبريطانيا والتحالف العربي عليه، دعماً للشرعية، والشرعية في محلك سرّ، لا بل في تراجع، وهو الذي يهدد اليمن والبحار ومصالح امريكا!
وصله ويصله السلاح أضعاف مضاعفة مما يصل لبعض مكونات الشرعية، وليس بتسليح الجيش الوطني؛ مضافاً _طبعاً- إلى ما نهبه من معسكرات الجيش اليمني.. هُرّب إليه السلاح ، ومُنعت الشرعية من الحصول عليه!؛
وصار يتحدث عن قواعد اشتباك جديدة-يقلد حزب الله-، فيهدد السعودية في الوقت الذي يتمنى ويسعى إليها سعياً، لأن توقع اتفاقاً معه قاصداً شرعنته! يعمل خارج الدستور القانون، ويريد أن يكون مستفيداً منهما!؛
سلاح إيران النوعي يتدفق إليه لاختباره، يستخدمه الحوثي للاستعراض، ويمنع به تصدير النفط وحركة السفن التجارية ليؤذي مصر في المقدمة، وها هو صار يتجاوز كل الخطوط الحمر، في محاولة منه لمنع هبوط الطائرات في المطارات اليمنية!؛
يدّعي الحصار وهو من يحاصر، يدعي عدم وصول المساعدات والإغاثة وهو من يبيعها أضعاف مضاعفة في السوق السوداء.. يطالب السعودية في دفع رواتب مقاتليه، ورواتب الموظفين الذين يعملون لديه وهو من قطع رواتبهم، واتخم بها مشرفيه، وشرى بها الأسلحة لقتل اليمنيين!؛ أرايتم مثل هكذا بشر؟!؛
يطالب بالتعويض وإعادة الإعمار، وأغلب ما دمّر من بيوت ومساجد ومدارس ومؤسسات، فجّرت ودمرت من قبله.. أرأيتم انتهازي بالتاريخ مثله؟ لا أظن ذلك!
ماهذا الحوثي المعجون عجينة ابتلانا الله به، وتركنا العالم نعاني من فطائعه!!
وأمريكا بنفاقها هي الأسوأ على الإطلاق .. إذ ترى أمريكا في الحوثي مشروع تغيير رغم أنها رأته على حقيقته خلال السنوات الماضية!؛
رأته طاغياً عدوانياً متنمراً، يقبل على نفسه ان يكون ذراعاً من اذرع إيران، ويأتمر بأوامرها.. يستهدف بوارج أمريكا وسفنها ويطرد مواطنيها من المنظمات الدولية العاملة في مناطق سيطرته، وهو الذي يرفع شعار الموت لمواطنيها.. وأمريكا رغم كل المشاغلة والمشاغبة والمشاكسة والتحرش اليومي ضدّها من قبله، لا زالت تتحاشاه!؛
ولا زال الحوثي في دلال من امريكا، وتسعى لفرضه في التسوية السياسية وتمكينه.. وهي تُراعيه وتعطيه فرصة تلو أخرى.. بل تفتعل بعض المشاكل معه، لتمنحه الشعبية التي كانت على وشك الانتهاء..
فأمريكا تنذر الحوثي قبل القصف، وتمنحه شهراً لمراجعة نفسه قبل إدراجه واتباعه كمنظمة إرهابية عالمية بشكل خاص، وليس كمنظمة إرهابية اجنبية كما في السابق، كل ذلك لتتحاشى التصعيد وعدم توسيع الصراع كما تقول!؛
ترى ما هو سزّ صبر أمريكا على الحوثي؟؛ الذي جعله يتمادى ويتطاول، ويوقع اليمن واليمنيين بضرر أكثر مما هم عليه!
أرأيتم دلال أمريكا له بتمكينه والدفاع عنه؟ فلقد حيّر تصرف أمريكا وسلوكها مع الحوثي عباقرة المحللين السياسين.. ومع ذلك يسمي الحوثي الدلال الأمريكي له تهديداً وعدواناً!
أرأيتم يا حضرة المتفائلين الباحثين عن السلام مع الحوثي؟؛ أن الحوثي لم ولن يكون مع السلام والاستقرار، فهو بيئة سفك دماء منذ النشأة وأثناء الانقلاب وإلى حين كسره وانهاء انقلابه!
وجمعتكم جميعا مباركة..
-->