حذار من التغيير المشخصّن شخصنة!

د. علي العسلي
الثلاثاء ، ٠٩ يناير ٢٠٢٤ الساعة ٠١:١٩ مساءً

 

التغيير سنة الله في الكون،  ولا شيء دائم إلا الله وحده. لكن اسمه تغيير ليس ترقيع ولا تغيير مواقع،  ولا استهداف اشخاص. 

في الساعات الأخيرة كثر التنجيم والتخمين والتقييم وتحميل شخص دولة رئيس مجلس الوزراء الاخ الدكتور معين عبد الملك شخصياً ما حلّ بالبلاد من بلاء وغلاء ووباء، ومن يدري فلربما قائل منهم يقول وانقلاب!

  ولا أدافع هنا، بل أمنطق الأشياء، فالمسألة في اليمن عميقة الخلل في كل الأشياء،من قبل الانقلاب، ومستمرة  كثيراً في اثناءه وبخاصة اثناء تولي الاخ معين رئاسة الحكومة،حيث استقبلت حكومته بمحاولة اغتيال جماعية للحكومة  باستهداف حوثي غادر لهم بعيد هبوطهم من الطائرة في مطار عدن. 

 واستخدم الحوثة في حربهم العملة، حينما منعوا تداول أوراق نقدية جديدة، فتكدست واصبح فارق سعر الصرف كما ترون! 

 وعندما تمادى الحوثي دون رادع لهم دولي او اقليمي، حين  منع  تصدير النفط باستهدافات الموانئ، حصل كل هذا أثناء تولي الدكتور معين رئاسة  الوزراء. 

وايضا واجهت حكومته  الالتزام بالهدن، وأضحت لا هي حكومة حرب ولا هي حكومة لإدارة المناطق المحررة فحسب، بل مطلوب منها ان تكون حكومة تؤدي واجباتها تجاه اليمنيين  حتى في المناطق الخاضعة للانقلاب، وأولئك يستفيدون من الموارد دون تقديم اي خدمة.

  الخلل عميق جداً، ولا يحل بتغير أشخاص هنا وهناك، بل بتغيير مفاهيم وايدلوجيات ومعتقدات وثقافات. وواجب التغيير اولاً في ثقافتنا، نغير من ثقافة المحاصصة، وثقافة  الاستملاك، وثقافة الاقصاء وثقافة التهميش، وثقافة الاستفراد والتسلط  والتمسك بالكرسي، وثقافة فيد الدولة حلال.

فإن كان التغيير القادم شاملاً  بناءاً على تسبيب وتوافق وبرنامج  اصلاحي، ومتجاوزاً للأخطاء السابقة، بل ومصوّب لما حصل من أخطاء، فأهلاً وسهلاً به،  نشجعه ونباركه، ونؤيد إعادة الاعتبار للدستور وإعمال القانون وإتاحة الفرص المتساوية لكل الناس على أساس الكفاءة  والتخصص، لا التبندق والتحزب والمناطقية.

أما إن كان البحث عن أضحية، وقد اختير الدكتور معين لها، فلا وألف لا، فالمفروض ان كانت حكومته أكثر سلبية فلتذهب جميعها وكل مكوناتها، لا أن يمتطي من اعضائها ترأسها، ويذهب بمفرده ويبقى من أوجدوا العرقلة والإعاقة لبرامجه الاصلاحي أو يبقى من يمثل المتنفذين فيها، فهذا معيب.. فغيروه إن شئتم دون تخوين او تحميل، فليس لوحده مسؤول!

ولو كان أحد منا منصفاً، وفتش عن مقدار تواجد وحضور رئيس مجلس الوزراء وبعض وزرائه على رأس أعمالهم في العاصمة الموقتة عدن وتعرضهم حتى للاعتداء ويقومون بتقديم ما يستطيعون من خدمات، لوجدتموهم أنهم أكثر تواجداً وحضوراً والتزاما بالبقاء في العاصمة عدن والعمل منها، فتواجدهم وعملهم  أكثر بكثير من تواجد وحضور  بعض أعضاء مجلس القيادة الرئاسي الذين يتشاورن اليوم لتغيرهم. 

إن الحديث داخل مجلس القيادة الرئاسي كما يُسرّب فقط لتغيير رئيس الوزراء ، بإعتباره هو الخلل وبتغييره ستكون عدن واليمن سنغافورة، قاصر ومتجني وغير واقعي.

وينبغي أن يكون المبدأ  ألا تغيير يحمل طابع الشخصنة،  ولا تحميل دون إثبات،  ولا بديل من دون براءة ذمّة، ولا اشتراك لمن فشل! إن كنتم قد اتحتم له فرصة القيام بمهامه وفقا للدستور والقانون لا الاهواء والامزجة والارضاء. 

الفشل والتقصير والخلل والفساد موجود في كل هياكل السلطة من الصغير للكبير، بل أن بعض الموظفين الصغار باتوا يمارسونه  اخذ الرشوة علناً، ولا يتورعون ولا يحاسبون، بل قد يكون من فوقهم متورطون وآخذون، ولذلك تراهم بعد  الشكاوى منهم مستمرون على رأس أعمالهم! 

التغيير مطلوب لبرنامج متفق عليه يصادق عليه مجلس النواب. بموجبه تُمنح الحكومة الثقة وتحاسب إن قصرت.

 وقبل تغيير الحكومة لابد من الحوار والتشاور بشأن  برنامج يعمل على تقليص الفجوة، ويعالج الخلل المتجسدّ في منظومة الحكم في التقاسم والمحاصصة،مطلوب برنامج اصلاحي هيكلي يعالج الاختلالات الهيكلية الادارية والاقتصادية والسياسية والعسكرية وفي كل الجوانب. 

ويعتمد البرنامج على تفعيل ما غاب تفعيله في السابق من مجلس النواب والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد وغير ذلك من المؤسسات المعطلة.

أختم فأقول  فأحذورا الشخصنة، احذروا ان تسببوا التغيير إن اردتم التغيير، لأسباب شخصية او مناطقية أو ترضوية.. ودمتم..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي