ضاقت وكانت خانقة.. لكنها فرجت!

د. علي العسلي
الاربعاء ، ٠٢ أغسطس ٢٠٢٣ الساعة ١٢:١٠ مساءً

 

.. إن من أوجب العرفان.. التحية والشكر والامتنان مقابل وفاء المملكة بوعودها .. فالتحية والشكر والعرفان لخادم الحرمين الشريفين  جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده وسفير جلالة الملك لدى اليمن على ما يقدمونه لإنقاذ إخوانهم في اليمن..

ما كانت لتفرج الأزمة الاقتصادية الحادّة والسيولة النقدية  الخانقة على  يمننا الحبيب والحكومة الشرعية  لولا تدخل المملكة الايجابي في هذا الوقت الصعب، شديد الخطورة..  

والثقة بالتدخل أمر محسوم عند أرباب العقول المدركين والمؤمنين بدعم المملكة لليمن شعباً وحكومة شرعية..

أما الواهمون المفضوحون هم من لطّموا وجوههم  بالمنحة المقدمة، كما لطّموه قبل أيام في يوم عاشورا على مقتل  الحسين رضي الله عنه.. يلطموه لانهم فشلوا في المراوغة والمحاولة بإقناع المملكة بعدم دعم السلطة الشرعية لوحدها، وإنما هم منفتحون ويرغبون بالخير والسلام ايضاً.. هكذا يخدعون أنفسهم!!

 فجاءت المنحة بمليار ومائتين مليون دولار دعماً نقدياً مباشراً للموازنة العامة للجمهورية اليمنية وبمنحة وليس وديعة كما كل مرّة .. دعماً كريماً سخياً لإنقاذ اليمن" الدولة وسلطته الشرعية".. فجنّ جنون الحوثي وقللّ من أهمية هذا الأمر، واعتبره استمرار للعدوان  والحصار.. كيف لدعم ينقذ اليمنيين؟! اعتباره عدواناً وحصاراً ؟!؛ فما هو الدعم إذاً؟!؛ الصواريخ والمسيرات الإيرانية، وتجارة الممنوعات، والمضاربة بالعملات، وأخذ الإتاوات، وإجبار الناس بالتبرع بالمناسبات الشيعية، وتجويع الشعب بنهب المساعدات والاغاثات وبيعها بالسوق السوداء، وقطع الرواتب، واجبار التجار على الاستيراد عبر الحديدة، واستبدال الغاز اليمني للمنازل بالإيراني! 

عموماً  كان الوضع قد بلغ مداه  من ضيق الحال عند السلطة الشرعية والشعب،  وتعهد رئيس مجلس القيادة الرئاسي بالتدخل وايقاف التدهور الحاصل،  وتعهده باعتقادي جاء بناء على ثقته المطلقة بأن المملكة لا يمكن أن تخذل اليمن واليمنيين.. وربما حصل بعض تأخير في توقيع الدعم، فظن الحوثة انهم  قد نجحوا في مكرهم؛ 

 وأعتقد شخصياً  إن كان حدث تأخير، فإن الحوثي كان سببه.. إذ أن سلسلة المفاوضات التي جرت بين الحوثة ووفد المملكة وعلى رأسه سفير خادم الحرمين الشريفين في الأشهر السابقة قد أفضت إلى تقدم نسبي، في قبول الحوثي للمبادرة السعودية في إحلال السلام.. قبول "خادع" و" ماكر"  .. أعني قبول مبادرة المملكة للحل ومن ضمن حزمة الحل دفع رواتب الموظفين كافة دون تمييز.. المملكة أدركت مناورة الحوثي فجاريته _ربما_ لتخرج ما في بطنه وهو "ألد الخصام"، شديد القسوة،  يجادل بالباطل، يظهر من اللسان حلاوة، وفي العمل أقبحه!؛ يتكلم عن المظلومية، وفعله قتل وظلم وطغيان واستعباد وحصار وخطيئة!؛ بعض التأخير في الدعم، وسكوت العالم عن إجرام منع تصدير النفط؛ اعتبره الحوثي انجازاً، وانه راجع  لتعاظم قواته، وضغوطاته وصموده.. والحقيقة انه قد نجح إلى حد ما  فقط بالحيل واللعب بالوقت.. فكان يفاوض المملكة ويبدي مرونة عالية، ما كان يفعلها سابقاً؛  خصوصاً  بعد موافقة المملكة برفد الاقتصاد اليمني وانقاذه والدعم بدفع الرواتب كلها.. ومن المرونة التي أبداها الحوثي ؛ زيارة بعض قياداتهم للمملكة للتفاوض  والحج في العام 1444هـ، وقبولهم بنقل ما في خزان صافر، وتوقفهم عن استهداف المملكة بالسباب أو الاحتكاك العسكري، وفي تبادلهم للأسرى.. وفي مقابل ذلك، انفتحت شهيتهم أكثر، فاستمروا بطريقة الاستجداء، وليس الندية كما يُصوروا لعوامهم، بمناشدة المملكة اعطائهم مبلغاً خيالياً مقطوعاً كتعويض، بالإضافة إلى التفاوض بملف اعادة الاعمار، وغير ذلك..  وكانوا وهم يفاوضون ويساومون ويناورون، يبدون  بعض التجاوب الايجابي التكتيكي حتى لا يفقدوا الثقة بالتفاوض معهم.. والحوثي وهو يفاوض بمرونة، كان في الوقت ذاته يشدّد الخناق على الاقتصاد اليمني، ويمنع الحكومة بسلاحه من تصدير النفط الذي  يشكل حولي خمسة وستين في المائة في الميزانية العمومية، وينذر التجار المستوردين لعدم الاستيراد عبر ميناء عدن، ويعبث بالبنوك، ويستبدل الغاز .. ولاشك ان المملكة وهي تفاوض الحوثي مدركة "كُنْه" كل أفعاله، فاستدرجته وعرفت نواياه وما يخفي .. وتوصلت إلى أن دعم الاقتصاد والشرعية بسخاء كهذه المنحة التي نتحدث عنها هو أول ما يزعج الحوثي ويجننه، وبالتالي وسيلة ناجعة للضغط عليه لتقريبه من يوم  إحلال السلام الشامل العادل باليمن!! 

توهم الحوثيون وظنوا انهم قد نجحوا وتمكنوا من تحييد المملكة من التدخل، لإيقاف تداعيات حربهم الاقتصادية المجنونة على اليمنيين، كما نجحوا إلى حد ما وبشكل مؤقت في الحرب العسكرية.. وظنهم ذاك أرتدّ عليهم حسرة وندامة بتوقيع منحة الدعم لليمن من قبل وزير المالية اليمني وسفير خادم الحرمين الشريفين يوم أمس.. والتوقيع جاء بالخير على اليمنين، واثبت أن المملكة عندما تدخلت، تدخلت لنصرة اليمنيين وانقاذهم من كهنة مران (وكلاء فارس)، تدخلت  ليس لترك اليمنين في منتصف الطريق، فهذا ليس من اخلاق وقيم  قيادة دولة تقود الأمة الاسلامية بحالها.. وليس من شيم الجار لجاره الذي يتقاسم معه الأمن والاستقرار والسلام والمحبة والمصير الواحد، فمن الطبيعي ألا تترك المملكة اليمن لفارس مطلقا! ألا ايها الحوثة موتوا بغيظكم.. ويا أيتها المملكة لقد عرفت نقاط ضعفهم، فاضغطي عليهم بها كي يأتوا الى الحل الدائم والسلام الشامل،  وينهوا استعبادهم وإذلالهم وانقلابهم على اليمنيين..

ضاقت وكانت فعلاً ضايقه وخانقة لليمنين.. ولما استحكمت حلقاتها فرجت من قبل قيادة المملكة الجارة المحبين الأوفياء لتعهداتهم، الصادقين في وقوفهم، والداعمين الفعليين لليمنيين ودولتهم الواحدة وسلطتهم الشرعية!  

  شكراً للمملكة انقاذ اليمن واليمنيين في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ شعبنا.. كما نناشدها ايضاً بالتدخل لتسليح الجيش اليمني وتدريبه،  وحتى ذلك؛ حماية المنشآت النفطية والسلطة الشرعية في الداخل اليمني، وضمان عودة استخراج النفط وتأمين تصديره، وتحريك عجلة الاقتصاد بالإنتاج وتوفير البيئة المناسبة للاستثمار في المناطق المحررة من اراضي الجمهورية اليمنية !

الحجر الصحفي في زمن الحوثي