صرخة عدن: تطلقها المرأة باسم شعب انهكته المعاناة

د. فائزة عبدالرقيب
السبت ، ١٠ مايو ٢٠٢٥ الساعة ٠٢:٠٧ مساءً

 

كل المظاهر في عدن لا تبشر بخير. فكيف يُرجى الخير من وطن تُدار شؤونه من بوابة المحاصصة والتبعية والموالاة؟ وايُّ امل يُعقد على حكومة اغرقتها التعيينات وتقاسمت فيها النخب المناصب كأنها غنائم بينما تغرق المدينة في ظلام وانقطاع وحرارة خانقة وازمات متراكمة؟

 

واقع الحال يُظهر انهيار الدولة وضعف مؤسساتها وغياب الامن والخدمات. المسؤولون يتقنون الخطابات لكن الناس تجاوزت حدود الصبر. في عدن، لا احد لم ينهكه الحر او لم تُقسم ظهره الاسعار او يطرحه المرض فريسة للفراش او القبر.

 

القرارات الرسمية لا تزال تستفز الناس بتعيينات جديدة وكأن الحاجة هي الى مزيد من المسؤولين لا لى حلول. المحاصصة والصراعات في دوائر القرار تُفاقم المأساة وتُعمّق القهر. حتى المعارضة تقف صامتة وكأنها شريك غير معلن.

 

لكن الرد الابلغ هذه المرة جاء من النساء. ففي هذا المساء، تستعد المرأة في عدن للخروج بمسيرة غاضبة ليست فقط من اجل الكهرباء بل للتعبير عن وجع المدينة بصوت نقي، نابع من قلب مثخن بالألم. المرأة هي اصل الحياة وركيزة الاسرة، هي من تدفع الثمن في الحرب والسلم، وآن لها أن تقول: كفى.

 

المسيرة اليوم لا يجب أن تكون مجرد احتجاج بل صرخة شاملة ضد التجويع والخنوع والإذلال. آن للنساء أن يرفعن اصواتهن مطالبات بحقوق سياسية كاملة وحياة كريمة وحكومة كفاءات نزيهة تكون فيها المرأة ممثلة بنسبة لا تقل عن 30% كما نصّت مخرجات الحوار الوطني.

 

اين تلك المخرجات التي يتغنى بها الجميع؟ لماذا تغيب النساء عنها كلما حان وقت التنفيذ؟ ثلاث حكومات متعاقبة لم تمنح المرأة حقها في القيادة والواقع يثبت أن تهميش النساء هو جزء من ازمة الحكم.

 

لتكن صرخة النساء اليوم ضد الفساد والولاءات الضيقة والمحسوبية ولتكن مطالبهن واضحة: استقالة الحكومة اذا لم تنجح في وقف انهيار الكهرباء وفي كبح تضخم العملة وفي اصلاح التعليم والصحة. ولتكن هذه الصرخة رسالة للمجتمع الاقليمي والدولي: آن الأوان لإعادة الأمور الى نصابها.

 

اما ملف اعادة الإعمار، فلابد أن يُسأل بصراحة: اين هو؟ هل هو عنوان فارغ على الرفوف؟ ام واجهة تُجمّل المؤتمرات بلا اثر في الواقع؟

 

المرأة في عدن لا تصرخ فقط من اجلها بل من اجل وطن بأكمله. فهل يسمعها أحد؟

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي