الرئيسية > محليات > بهدف تثبيت المشروع الطائفي.. مليشيا الحوثي تواصل عبثها بتركيبة اليمن القبلية

بهدف تثبيت المشروع الطائفي.. مليشيا الحوثي تواصل عبثها بتركيبة اليمن القبلية

" class="main-news-image img

 

في محاولة لإعادة تشكيل المجتمع اليمني مذهبياً، وخلق تكتلات موازية للتشكيلات القبلية القائمة منذ عشرات السنين، تواصل الميليشيات الحوثية العبث في البنية القبلية، في أغلب المحافظات الخاضعة لسيطرتها، حيث تعمل بوتيرة عالية لإزاحة الزعماء القبليين المعروفين، وإحلال آخرين تسندهم بقوة السلطة التي تمتلكها وبالأموال التي تطلق أيدي هذه الزعامات لجمعها من السكان تحت أسماء متعددة.

 

 

 

وبحسب ما أفاد به شخصيتان قبليتان في صنعاء لـ "الشرق الأوسط"، فإن الميليشيات الحوثية تعبث بالبنية المجتمعية والقبلية منذ ما بعد السيطرة على العاصمة، وفي المدينة ذاتها حيث تسعى لإجراء تغييرات طائفية.

 

وتحاول الجماعة - بحسب المصادر - خلق تشكيلات قبلية موازية تواليها سلالياً، كما حصل مع بعض الشخصيات القبلية التي ترتبط بتحالفات قديمة مع المشروع الطائفي، واستخدامها في تصفية حسابات مع الشخصيات المحسوبة على النظام الجمهوري منذ الستينات.

 

مصادر سياسية أكدت لـ "الشرق الأوسط" هذا التوجه الحوثي، وقالت إن الميليشيات تعمل حالياً على إيجاد تكوينات قبلية تواليها طائفياً وسلالياً، كما فعلت عند إنشاء كيانات موازية لمؤسسات الدولة، وكذلك استنساخ منظمات المجتمع المدني وحتى الأحزاب السياسية في مناطق سيطرتها، حيث حجزت على أموال وممتلكات ومقرات تلك الأحزاب والمنظمات وألزمتها بالعمل وفق برنامجها وتأييد كل مواقفها مقابل السماح لها بالصرف من حساباتها البنكية، كما وضعت اليد على كثير من الجمعيات الخيرية البارزة والمؤسسات التابعة لها.

 

محاولة فاشلة

 

فشلت الميليشيات حديثاً في مساعيها للدفع بأحد التابعين لها لتزعم قبيلة "حاشد" المعروفة تاريخياً بمواقفها المناهضة للفكر الإمامي وكانت في طليعة القبائل التي شاركت في الإطاحة بذلك النظام في مطلع الستينات، وفق مصادر قبلية قالت إن الميليشيات تراجعت عن هذه المحاولة بعدما لمست فشلها مسبقاً، في ظل تماسك فروع قبيلة "حاشد" ومكوناتها ورفضها أي محاولة للتفريخ، ولهذا عدلت الجماعة عن فكرة الدفع بأحد المناصرين لها ليكون على رأس القبيلة.

 

وسعت الميليشيات من هذه الممارسة إلى المناطق المحيطة بصنعاء ومراكز الثقل القبلي، بخاصة في محافظات المحويت وذمار وحجة، بعدما اتهمت الزعماء المحليين للتكوينات المجتمعية والقبلية بالفشل في حشد المقاتلين، وعدم الإخلاص في الموالاة لتوجهاتها الطائفية، ولهذا الغرض استخدمت سيطرتها على مصلحة شؤون القبائل ومحافظي المحافظات لتعيين زعماء من الموالين لها على رأس التكوينات القبلية أو الاجتماعية، طبقاً للمصادر ذاتها.

 

استعان الحوثيون بأصحاب الخصومات من نفس العائلات التي توارثت الزعامة القبلية والاجتماعية، وعيّنوا بدلاء من أقاربهم وقدموا لهم دعماً مخصصاً من مصلحة شؤون القبائل، وساندوهم بالقوة في المحافظات والمديريات، وهو الأمر الذي يهدد بتفجير صراعات اجتماعية مستقبلية غير مسبوقة، وفتح الباب أمام ثأر لا يتوقف.

 

ذكر أحد وجهاء القبائل في محافظة ذمار لـ "الشرق الأوسط"، أن الميليشيات في أعقاب سيطرتها على العاصمة اتجهت أولاً نحو الزعامات القبلية التي عُرفت بولائها للأئمة (حكام اليمن قبل ثورة 1962) وقامت بتسليحهم ومنحتهم الإمكانات للسيطرة، وحشد المقاتلين، ثم أتبعت ذلك بتغيير الوجاهات القبلية التي لا تثق بولائها، لضمان إرسال مزيد من أبناء تلك المناطق إلى معسكرات التدريب على القتال، والمراكز الصيفية ليكونوا وقوداً لحروبها على اليمنيين.

 

تهديد السلم الاجتماعي

 

حذرت المصادر القبلية من خطر هذه الإجراءات على السلم المجتمعي، وقالت إن مؤشرات الصراع برزت في أكثر من منطقة، واستدلت بواقعة اختطاف ميليشيات الحوثي نحو 15 شخصاً من سكان قرية سبلة في مديرية الحدا التابعة لمحافظة ذمار، بعد حملة مداهمة واقتحامات بهدف فرض خطيب حوثي بالقوة.

 

وكان سكان القرية حرصوا طوال الفترة الماضية على تحييد قريتهم من أي صراعات مذهبية أو سياسية، إلا أنه عند عودة مجموعة من الذين قاتلوا في صفوف الميليشيات بدأوا افتعال المشاكل وأرادوا فرض خطيب من سلالة الحوثي بالقوة.

 

وطبقاً لشخصيات اجتماعية في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، فإن العناصر الذين استقطبتهم ميليشيات الحوثي للقتال في صفوفها عند عودتهم إلى القرية بدأوا بتوزيع صور قائد الميليشيات في المدرسة وشعار "الصرخة الخمينية"، وبعدها فرضوا خطيباً لمسجد القرية يحرض على الطائفية، إلا أن السكان تصدوا لذلك الخطيب في أول خطبة جمعة ألقاها؛ لأنها احتوت على ألفاظ شتم وسبّ في حق صحابة النبي محمد.

 

موقف سكان القرية أغضب عناصر الميليشيات الذين استدعوا حملة عسكرية يقودها أبو هاشم البنوس، وهو أحد القيادات المنتمية إلى سلالة الحوثي في المحافظة، بهدف إخضاع سكان القرية، حيث طلبت منهم الانتقال إلى عاصمة المحافظة لتحرير اعتذار لعناصر الميليشيات، إلا أن السكان رفضوا ذلك، فتم تعزيز القوات التي خرجت وقام مسلحو الجماعة بمداهمة المنازل في القرية واقتادوا نحو 15 شخصاً إلى جهة غير معروفة.

 

وتنبّه شخصيات اجتماعية في محافظات إب والبيضاء وصنعاء، من خطورة النهج الذي تتبعه الميليشيات والتداعيات الكبيرة للصراع الاجتماعي الذي يتم رعايته بهدف إيجاد قاعدة اجتماعية موالية للفكر السلالي، وخلق كيانات موازية للكيانات القبلية والاجتماعية المعروفة والتي لعبت دوراً متميزاً طوال مئات السنين في إبعاد المجتمعات الريفية والقبلية منها تحديداً عن الخلافات واحتواء النزاعات بالاستناد إلى الأعراف القبلية، بخاصة في ظل ضعف سيطرة الدولة اليمنية على كل مناطق البلاد.

 

(صحيفة الشرق الأوسط)


الحجر الصحفي في زمن الحوثي