قمة التصفير.. فكيف تصفرّ المشكلات؟!

د. علي العسلي
السبت ، ٢٠ مايو ٢٠٢٣ الساعة ٠٥:٠٢ مساءً

اختتمت قمة جدّة  العربية الـ32  أعمالها يوم امس،  وتمّ مناقشة العديد من القضايا والملفات، واتخذ فيها عديد القرارات، وتبنت مبادرات هامة فيما يخص اللغة العربية ونشرها في الدول الاخرى، وفي الثقافة كجسر بين الشعوب، وفي البحث العلمي، وفي المياه!؛ وأهم ما خرجت به؛ ضرورة قيام العرب بحل المشكلات داخل البيت العربي، ويُحسب لها عدم الرضوخ للإملاءات الخارجية وتمرير الوصفات الجاهزة، ويُحسب لها ايضاً الحياد الايجابي في الصراع الدائر بين أوكرانيا وروسيا (صراع القطبين الكبيرين في العالم)!؛وما قيل في القمة من  كلمات الوفود، ومن بعدهم المحللين والخبراء،  كلها تتحدث عن الدفاع العربي المشترك وعن توحيد الصف والكلمة ليكون للعرب جميعهم وزنا في تشكل العالم الجديد المتعدد،  واتفاقهم على رفض التدخل الخارجي في مشكلات وقضايا الأمة،  داخل كل قطر، أو فيما بين أقطاره!؛ وبالتالي على  العرب حلّ جميع القضايا وتصفير أزماتهم ومشكلاتهم والتوجه نحو التنمية المستدامة! كل هذا جميل!؛ لكن كيف تصفر-مثلا- مشكلات اليمن؟!!سأبين ذلك لاحقا!!  ولا شك أن قيادة المملكة للقمة قادرة ومقتدرة في إنجاز أغلب ما تضمنه "إعلان جدّة"؛ كونها تبتكر آليات ووسائل حديثة لإدارة الأزمات، ولحل المشكلات،  ولكونها تمتلك علاقة طيبة مميزة على مستوى الدول العربية؛ ولكون المملكة لم تركن للصيغ التقليدية لاعتمادها  في قمّة جدّة ، بل راحت تفتش عن مكامن الخلل وايجاد الحلول المناسبة، و قبل التئام قمة جدّة، فقد  سبق القمّة،  تحرك عملي مع بعض الدول، وتمّ التوصل لعلاج  بعض القضايا بآليات محددة مسبقاً، كالقضية السورية-مثلا-!؛ غير أنني بمقالي هذا اخترت أحد عناوين تسمية  القمة، وهو تصفير الأزمات أو المشكلات، وسأركز على ما يخصنا في اليمن، ولعلّي أسهم بوجهة نظر، قد تفيد رئاسة القمة لتجريبها!؛  دعونا نعرض ما خرجت به القمة بخصوص اليمن.. القضية اليمنية في بيان القمة إو اعلان جدّة توصل المجتمعون بشأنها إلى الآتي: " التأكيد على دعم كل ما يضمن أمن واستقرار الجمهورية اليمنية ويحقق تطلعات الشعب اليمني الشقيق، ودعم الجهود الأممية والإقليمية الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية استنادا إلى المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني اليمني وقرار مجلس الأمن رقم 2216، كما جدد الدعم لمجلس القيادة الرئاسي في اليمن، لإحلال الأمن والاستقرار، والسلام في اليمن، بما يكفل إنهاء الأزمة اليمنية"..  هذا هو المطلوب فعلاً من قمة كهذه.. تأكيد المؤكد.. وتأصيل وتبني مرجعيات الحلّ.. غير أن هناك جديد في بيان القمّة؛ آثار امتعاض وحفيظة البعض، كونه لأول مرّة يحصل في قمة عربية من عدم التأكيد بالنص الواضح على : "الحفاظ على وحدة اليمن واستقلاله وسلامة أراضيه"، كما جرت عليه القمم السابقة، ولذلك لاقى بيان قمّة جدّة بعض الانتقادات؛ شخصياً، اتفهمها وأتفهم المخاوف من عدم الذكر!؛ ولكني لا أراها مبررة، طالما القمّة قد أكدت على أمن واستقرار الجمهورية اليمنية، وهذا في نظري يكفي!؛ فإعادة الوحدة بين شطري الوطن، نتج عنه قيام الجمهورية اليمنية و المحتفى بذكرى قيامها الـــــ33، يوم الاثنين القادم، الثاني والعشرين من مايو بإذن الله!؛ وهنا وجب عليّ التنبيه من أن دعم مجلس القيادة الرئاسي ورئيسه  كما جاء بقرار قمّة جدة يقتضي توقيف دعم الانتقالي وثنيه عن محاولاته المستمرة، في العبث بوحدة اليمن، فهو يشوش على عمل مجلس القيادة الرئاسي، ويسهم في زعزعة الا من والاستقرار، فكل ما يقوم به من تصرفات يخدم بها الحوثي؛ أما الوحدة اليمنية، فهي وحدة شعب وراسخه رسوخ ردفان وعيبان!  إن ما جاء بإعلان جدّة عن اليمن هو: "التأكيد على دعم كل ما يضمن أمن واستقرار الجمهورية اليمنية ويحقق تطلعات الشعب اليمني الشقيق"، وهذا يتطلب توقيف كل دعم من بعض الدول العربية  للميليشيات والتي تسعى لتفتيت اليمن والاضرار بالجمهورية اليمنية؛ والتوجه الجاد لدعم مخرجات الحوار الوطني حتى تُنفذ واقعاً، لأنها هي تطلعات الشعب اليمني الذي توافق عليه كل مكوناته.. ثمّ " ودعم الجهود الأممية والإقليمية الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية استنادا إلى المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني اليمني وقرار مجلس الأمن رقم 2216".. إن قرارات مجلس الأمن الدولي، واجبة النفاذ، والحوثة رافضين التنفيذ، وجرت محاولة لتطويعهم من قبل المملكة ولا تزال، غير أنهم سايروها، لتنهي اعترافها بالسلطة الشرعية ورئيسها، رأينا ذلك من خلال تعليقاتهم على انعقاد القمة وتمثيل اليمن فيها، فقد قال أحدهم إذا سمحت السعودية ما معناه للشرعية بتمثيل اليمن، فالسعودية تتعامل بخفة ولا تريد الجنوح للسلام، واعتبره هذا معيار جديد يترتب عليه عدم المضي في المفاوضات مع المملكة، أرأيتم كيف يظنون؟! وكيف يفكرون؟! وما هو سقف مطالبهم؟!؛ واخر قال: " الإصرار على حشْر العليمي كممثل لليمن في قمة الرياض إساءة مباشرة لكبرياء الشعب اليمني ، وانقلاب واضح على جهود السلام وهذا لاشك عمل مدان".. هؤلاء هم الحوثة، وهم بنص القرار 2216 هم ارهابيون،  والارهاب لابد من تحالفات لمكافحته وانهائه!؛  وعليه اقترح هنا،  إن أردت القمة العربية  تصفير أزمة اليمن؛ اقترح عليها القيام أولاً؛ اقناع سوريا وايران بحكم العلاقة بين رئاسة القمة العربية (المملكة العربية السعودية) وكلا البلدين، بتنفيذ قرارات القمة العربية(الاعتراف بمجلس القيادة الرئاسي من قبل ايران وسوريا)،وهذا يقتضي انهاء تمثيل الحوثين لليمن في السفارتين بطهران ودمشق؛ مطلوب إذاً كضغط عملي على الحوثي، ان تلغي سوريا  التمثيل الحوثي في السفارة اليمنية بدمشق، وأن يتم تعيين سفير للجمهورية اليمنية من قبل السلطة الشرعية فيها!؛كذلك تسعى المملكة بحكم العلاقة الجديدة مع ايران للأمر ذاته، هذا سيشكل ضغطاً قوياً على الحوثي وسيجعله يأتي للسلام، هذه سياسة الخطوة بخطوة،  كما هو مبدأ قمة جدّة "خطوة بخطوة"؛ ثمّ ثانياً؛ تشكيل لجنة وزارية خاصة باليمن لمتابعة تنفيذ قرار القمة العربية أسوة بباقي القضايا، واقترح أن تكون اللجنة من المملكة العربية السعودية باعتبارها رئيسة القمة ولديها مبادرة وتقوم حاليا بالوساطة، ومن سوريا(بعد أن تنهي تمثيل اليمن بدمشق من قبل الحوثيين" خطوة بخطوة") وعمُان والأردن، والأمين العام للجامعة العربية، تذهب اللجنة لمقابلة الحوثيين واقناعهم بتنفيذ ما جاء في البيان والذي هو تأكيد وتبني ودعم  مرجعيات الحل في اليمن، وبخاصة القرار 2216،ملزم التنفيذ.. إذا قبل الحوثي تكون المشكلة اليمنية  قد صفرّت!؛أما إذا لم يقبل فهنا، التحالف مجبراً بتصفير الأزمة، و سيكون مدعوماً بالجامعة العربية ودولها، وقرارات الشرعية الدولية، وعليه وحده تصفير المشكلة اليمنية بالتدخل على الارض لإزالة أسبابها، والأسباب معروفة هو انقلاب الحوثي وعلى العرب الذين لا يرغبون بالتدخل الخارجي؛ عليهم  انهاء المشكلة، بالضغط على الحوثي لإنهاء انقلابه.. هكذا فقط تصفر مشكلة اليمن، وعليها يكون "القياس" لباقي القضايا والملفات.. حفظ الله اليمن من شرور المنقلبين والمتمردين، وكل العابثين.. ودمتم..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي