تيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي 

علي هيثم الميسري
الجمعة ، ١٢ يناير ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٢٠ صباحاً

     رحمة الله على والدتي الحبيبة التي كنت أعـُدَّها أعظم أم عندما كانت ترسلني لأشتري غرض تحتاجه الأسرة ، كنت أحيانا أجلب لها غرض لا يمـُتُّ بـِصـِلة مما كانت تطلبه أو كنت أحضر لها سلعة فاسدة فكانت ردة فعلها سريعة وتقول لي بعفويتها معاتبة بمقولة بدوية : راح أحور وجاب لنا ديك أعور ، رحمة الله عليك يا أمي الغالية وأسأله تعالى أن يجمعني بك في الفردوس الأعلى وأقـَبـِّل قاع قدميك كما قبلتها وأنتي في مرض وفاتك .. اللهم آمين .

     يذكرني ماضي طفولتي ومقولة والدتي برئيس المجلس الإنتقالي الذي فوضه أنصاره بإستعادة دولة الجنوب ، وبدلاً أن يبذل جهداً ويسعى لتحقيق هذا الهدف ذهب ليتلمس الجنوب في بريطانيا وأمريكا وروسيا وعاد خالي الوفاض محققاً المقولة المشهورة ( تيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي ) ، وتشتت أفكاره فلم يستوعب ما قام به ولم يعلم كيفية الطريقة الديناميكية التي قد يحقق من خلالها ما يتوق له أنصاره ، وحتى يوهمهم أنه يسعى لتحقيق ما خرج لأجله أنصاره وفوضوه حيناً أعلن عن ميثاق وطني جنوبي ، وحيناً آخر أعلن عن سعيه للتطبيع مع دولة الكيان الصهيوني أسوةً بالدويلة صانعة المجلس الإنتقالي أو قد يكون إعلانه ذلك هو بأوامر تلك الدويلة .

      الغريب في الأمر حين إعلانه بالتطبيع مع الكيان الصهيوني لم يتورع ويفكر للحظة بأن هذا الإعلان سيغضب أنصاره قبل خصومه فالقضية الفلسطينية هي محور كل القضايا في العالمين العربي والإسلامي ، ومكث زمن ومن ثم خرج ليعلن عن تأسيس مجلس العموم على شاكلة مجلس العموم البريطاني وكأنه يمتلك دولة مستقلة ، وكان هذا الإعلان بمثابة حقنة مهدئة لما تبقى من أنصاره ومفوضوه بعد أن طفح فيهم الكيل وبدأوا يتذمرون من سياساته وفوضويته وشتات أمره ، فبدلاً من أن يعلن عن خطوات تاريخية على الأقل ليوهمهم بأنه ماضٍ في الطريق الصحيح لإستعادة ما يحلمون به وهو إستعادة جنوبهم الذي إنتهى فخرج بكارثة أخرى وأعلن عن الإتفاق الإبراهيمي الذي سيحقق السلام بين الدول والأديان على حد قوله .

      وأخيراً أقول لأولئك الجنوبين الحالمين بأحلام اليقظة بعودة دولتهم الجنوبية لقد أخطأتوا التقدير بهذا الإختيار وعليكم أن تعيشوا الواقع ولا تتوهموا بعودة دولة الجنوب ويا حبذا تطالبوا بمشروع اليمن الإتحادي ، فهذا المخلوق لا يملك من أمره شيء ولن يحقق لكم ولو الحد الأدنى مما حققه من مكاسب وأفراد قريته من خلال المناصب في السلطة والحكومة اليمنية ، على الأقل وأنا طفل عندما عاتبتني والدتي وكانت تقول لي راح أحور وجاب لنا ديك أعور كنت أشعر بغصة تخنقني فتعلمت الدرس إلى أن أصبحت أسمع المديح من والدي رحمة الله عليه وهو يقول وَصـِّي الفتى ولا تـَعـَنـِّي أي بمعنى ولا تهتم ، أما هذا الكائن المفوض من قـِبـَلكم لن يأتي لكم بما تتوق به أنفسكم وعليكم أن ترفعوا أصواتكم حتى تصل إلى مسامعه معاتبين له وتقولوا له فوضناك بإستعادة الجنوب ولكنك تيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي فقد يشعر بالخجل مع أنني أشك في ذلك فقد جف ماء الخجل في وجنتيه .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي