سبق وقالها فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي

علي هيثم الميسري
الاثنين ، ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٣ الساعة ٠٨:٢٦ مساءً

 

بطبيعة الحال ومن منظار شكلي ومنطقي تبدو مليشيا الحوثي ضعيفة وهزيلة جداً أمام خصومها بـِدأً بالشرعية اليمنية المعترف بها دولياً بجيشها الوطني والمقاومة الوطنية ، فحراس الجمهورية التي يقودها طارق عفاش ثم قوات درع الوطن المعلن عنها مؤخراً ، ثم تحالف دعم الشرعية بترسانته العسكرية وأخيراً تأتي قوات المجلس الإنتقالي بحزامه الأمني ونخبه العسكرية ، وتناقـُض ذلك نجد أن مليشيا الحوثي التي تقف وحيدة ومن خلفها داعمتها إيران أستطاعت طوال الأزمة اليمنية وسنين الحرب أن تستميت ولم تستطيع كل تلك القوات المذكورة بكل ما تملك من ترسانة عسكرية أن تهزمها لا عسكرياً ولا سياسياً ولا إقتصادياً .

     أولاً عسكرياً لم تنهزم بدليل أنها لا تزال متواجدة بقواتها وسلاحها الذي لم ينفذ في مناطق سيطرتها ، وغير ذلك لا تزال بين الفينة والأخرى تطلق صواريخها حسب بنك أهدافها سواءً بإتجاه قوات الشرعية أو بإتجاه أهدافها في الأراضي السعودية ، حتى وصل بها الأمر والقوة والجرأة أن تمارس القرصنة في المياه الإقليمية وتستولي على السفن العابرة ، ففيما سبق إستولت على سفينة إماراتية التي شكك الكثيرون بأنها عملية قرصنة بل كانت هبة إماراتية من الأسلحة والطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية ، أضف إلى ذلك عملية القرصنة التي قامت بها لسفن إسرائيلية وغيرها ، وكذلك إطلاقها لصواريج بإتجاه إسرائيل دعماً للمقاومة الفلسطينية والكثير الكثير من عملياتها العسكرية التي لا يتسع المجال لذكرهها .

        ثانياً أستطاعت تلك المليشيات الإنقلابية أن تكسب سياسياً وذلك يبدو من خلال المفاوضات التي لم تفضي لنتيجة بإنصياعها لقرارات الامم المتحدة ومجلس الأمن ، حتى القرار الذي أصدرته الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس ترامب بتصنيفها جماعة إرهابية جاء الرئيس بايدن وألغاه ، ومن ثم مفاوضاتها مع السعودية والتي من خلالها تم إبرام هدنة بينهما والسماح لها بتسيير رحلات من مطار صنعاء والسماح لها بتشغيل ميناء الحديدة بإستقبال العديد من السفن التجارية على حساب ميناء عدن والذي يـُعـَد ضمن أهم موانئ العالم والذي بات وكأنه يتيماً أمام ميناء الحديدة بل وأصبح أطلالاً ومرتعاً للحشرات الضارة والقوارض .

      ومن خلال فارق صرف العملة في مناطق الحوثة ومناطق الشرعية اليمنية تظهر لنا المكاسب الإقتصادية التي جناها الحوثة ، فالحوثة إستطاعوا أن يحافظوا على ثبات العملة المحلية أمام الدولار الأمريكي والريال السعودي في مناطق سيطرتها ، أما في مناطق الشرعية فالحبل متروك على الغارب والمتحكم بسعر العملة مجموعة من تجار الحروب في ظل الفوضى التي تعيشها مناطق الشرعية وغياب أو على الأحرى التغييب المتعمد للحكومة اليمنية ومؤسسة الرئاسة في العاصمة عدن وبذلك التغييب أنعدم الرادع ضد عصابة الصرافين فأصبحت العملة منهارة وأُصيبـَت في مقتل ، والنتيجة التي آلت إليها تلك الفوضوية والعشوائية هي غلاء الأسعار في كل المجالات مما أهلك كاهل المواطن بعكس مناطق الحوثة التي في غالبية المجالات ثبات الأسعار هو الطاغي جراء الرقابة عليها من قـِبـَل مؤسسات الرقابة والتفتيش وإتباع إسلوب القبضة الحديدية على التجار الفجار .

     من خلال تلك القراءة نستطيع القول بأن هناك لغز أو سر في ما يحصل من تناقضات ، فكيف لمليشيات إنقلابية إستولت على سلطة الشرعية أستطاعت أن تـُثبت للعالم بحنكة سياستها وإدارة إقتصادها في جغرافية سلطتها ولم تـُهزم عسكرياً ، وعلى النقيض تماماً في محيط الشرعية التي لا نقول أنها فشلت ولكن هناك من القوى الدولية والإقليمية التي تآمرت عليها وأفشلتها لإسقاطها عنوة وهذا هو حل اللغز ، وكل ذلك لأجل تسليم كل جغرافية اليمن للحركة الحوثية فكما سبق وقالها طيب الذكر فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي في الوقت الذي سلم إدارة كل محافظات الجنوب للجنوبيين أبان دحر مليشيا الحوثي من العاصمة عدن في العام 2015 م وبعفويته المجبول عليها : أزقروا أرضكم فإن المجتمع الدولي مع الحوثي ، ولكن للأسف المؤلم عملوا عكس نصيحته وذهبوا للتآمر عليه وساهموا في تحقيق هدف المتآمرين فلا بارك الله فيهم .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي