المتفق والمختلف في خطاب العيد الوطني الـ33؟!

د. علي العسلي
الاثنين ، ٢٢ مايو ٢٠٢٣ الساعة ٠٦:٣٨ مساءً

لاشك أن خطاب  الأخ الدكتور رشاد محمد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي، ليلة الذكرى الثالثة والثلاثين لإعادة توحيد اليمن، كان بالمجمل متزناً وحكيماً، وصل تأثيره ربما لقلوب معظم اخواننا في المحافظات الجنوبية، بل وكأن الخطاب مساهمة من مفكر لصحاب قرار، وليس من صاحب القرار نفسه!، ليس فيه لغة التعال، ولا التصعيد، ورفض التلويح بالقوة أو الدماء!؛ إن العنتريات في الأغلب من المسؤول الأول تضر ولا تنفع، ولذلك بحكم الخبرة يتعامل الرئيس العليمي بعقل وحكمة، فلديه اليقين بأن الحكمة والاتزان أشد أثرا،  وهو مطلوب في حال جنان وتخبط البعض، أهم شيء لا تفريط بالثوابت والجوامع، وهذا أظنه متحقق بشخص رئيس مجلس القيادة الرئاسي!؛  أتلاحظون معي أن الاخ الرئيس وهو يدرك مكر الإيرانيين، فمن يوم ما أعلن على التقارب والاتفاق السعودي الايراني؛ فإنه يذكر في خطاباته وفي مقابلاته، أفعال ايران على الواقع، ليؤكد أن ايران لا تلتزم كما وكلائها في اليمن الحوثين!؛  ودعوني الآن سريعاً اتصفح الخطاب، وأورد لكم بعض ما أتفق أو قد  اختلف معه، وليتسع صدره،  وليسمح لي بذلك.. فمن خطابه ليلة امس أورد ما يأتي:_  _ ابدأ بالقسم الدستوري اليمني، رغم أن ذكره جاء متأخراً في الخطاب، إذ من الاهمية بمكان أن يقدم على غيره، لأنه يبنى عليه،  فمن ينفذه فهو وفيّ لعهده، والمخالف يحاسب ويحاكم، والقسم يقول : "أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصا على النظام الجمهوري، وأن احترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه"؛ فاتفق معك أخي الرئيس بما يطلبه القسم، وبنقدك المبطن لانحراف بعض أعضاء مجلس القيادة الرئاسي،  وإن كان عليك أن توجه لهم اللوم والتنبيه والتحذير من مغبة ما يخالفون علانية، وقد يحصل ذلك في الاجتماعات وفي محاضرها للتاريخ وللأجيال!؛ ولكني أختلف معك في الاشادة بمواقفهم، فأفعالهم تتعارض مع نص اليمين الدستورية، فلا يستحقون الاشادة، بل المحاسبة في ضررهم البليغ بمضمون اليمين، بوحدة وسلامة اراضي الجمهورية اليمنية!؛    _  من ناحيتي كذلك أقدم التهنئة للأخ الرئيس والشعب اليمني العظيم بالثاني والعشرين من مايو، اليوم الوطني المجيد، واتفق مع ما قاله الأخ الرئيس من أن الحديث في هذا اليوم ليس ترفاً أو مناكفة، وإنما اعتزازاً ووفاءاً لتضحيات القادة العظام الذين توجوا اهداف ثورتي 26 سبتمبر، و14 اكتوبر بتحقيق الحلم، والتأكيد على واحدية المسار والمصير.. أبعد هذا الحديث، حديث.. لا والله الكلام واضح، ومن لا يزال يغالط ويقامر أو ينتقد أو يخوّن، فهو أعمى ولا يرى الحقيقة كما هي!؛  _ اخي العزيز الرئيس، طالما  تلتقوا كل عام للتذكير بعظمة ذلكم الرعيل الخالد، فلماذا لا يكون التقائكم مثلهم، فيه من الشجاعة ما يجعلكم تحافظون على المنجز الذي حققه الأوائل، ولا بأس بالاعتذار عن الاخطاء واصلاحها، لكن أرجوك بلاش انفتاح على   خيارات (ضيقوها احسن)، فتقرير المركز السياسي من حق الشعب وليس من حق أي شخص أو فصيل أو جهة! _ لقد أصبت كبد الحقيقة،  عندما قلت أخي الرئيس أن الجنوبين كانوا سباقين للوحدة، تنشئة، وفكراً، ونضالاً، وظلوا مخلصين لها، ولا يمكن أن يكونوا مخطئين في ذلك، ولكني اختلف معك اخي الرئيس، فهم اليوم كما هم،  فلا يزالون وحدويون ويسعون للوحدة والتصالح والتسامح، وبوجودكم ووجود الخيرين يمكن اصلاح انحراف مسار الوحدة، ومن ينادي بالانفصال لا يعمم على الجنوبين رجاءً، فمهما كان عددهم وعدتهم يعتبروا قلة!، واختلف معك كذلك بتفهم من يريد الارتداد إلى الخلف والى التقزم ثانية ، وتراهم أنت انهم محقون!؛ علينا وعليكم وعليهم أن نعيد للوحدة تألقها ومضامينها وقيمها، وخاصة قيمتها التشاركية بعد أن خدشتها  حرب صيف 1994!؛  _اختلف معك ايضا أخي الرئيس بأن يوم الثاني والعشرين من مايو، عيد الحالمين المخلصين في الجنوب والشمال، بل ان مايو قد تحقق، ولم يعد للحالمين، فهو عيد الشعب اليمني كله،  عيد الجمهورية اليمنية، عيد "القيمة في الوحدة " التي ذكرتها والتي نحتاجها في كل تفاصيل حياتنا اليومية! واسمح لي أن اختلف معك في الاسترشاد  بقيمة الوحدة التي يسعى اليها الانتقالي في المحافظات الجنوبية، فهو لا يسعى لمواجهة خطر المليشيات الحوثية، وإنما لتقمصها واستنساخ  عملها وسلوكها على الجزء الأخر من الوطن اليمني، وياليت الجميع يستشعر خطورة الحوثي واستعداده لاجتياح المحافظات الجنوبية مرة أخرى كما ذكرت، باستعداد وتوحد ورص الصفوف بشكل  أكبر لتحرير المحافظات التي لا تزال تأنّ تحت وطأة إجرامه!؛ _ وجميل أن ذكرت وذكّرّت بأن الحوثي سيهاجم المحافظات الجنوبية بشعاره (الزائف " الوحدة أو الموت"، الذي ترفعه المليشيات لتبرير اعتداءاتها، مثلما كانت ولاتزال ترفع شعار "مقاومة العدوان " للتغطية على حربها ضد الشعب اليمني).. أفلا يمكننا تعطيل هذا السلاح المُهدى للحوثة؟!؛ بالتوقف عن مشاريع الانفصال، وعدم تمكين بعض الدول من موانئنا وجزرنا وبعض المحافظات، وكذلك توقيف بناء جيوش على أساس ميليشاوي وجغرافي (مناطقي)  على حساب الجيش الوطني، وان يقبل من اشترك في الشرعية ان يدمج قواته في وحدات الجيش الوطني والأمن كما تمّ الاتفاق عليه، بإمكاننا فعل كل ذلك!؛فلماذا لا نفعله، ونحرم عدونا سلاحاً يستخدمه في استقطاب شبابنا لقتالنا.. علينا ألا نجامل بعضنا، ولا نؤيد البعض في افعاله الخاطئة، والتي تخدم الحوثي وفقط، علينا أن نصارح بعضنا، ونلوم بعضنا، علينا أن نشدد في تنفيذ ما اتفق عليه برعاية  وضمان الحلفاء من دول التحالف، لا تنفيذ عكسه على الارض، والذي يجعل من الحوثي باستخدامه شعاراته المزيفة كما أشرت أخي الرئيس قوة تهدد ما حُرّر!؛  _ تبرير جميل، لم يكن له  داعي، فكل الدول تحتفل بأعيادها الوطنية، دون أن يسألها أحد لماذا تحتفل؟! فالاحتفال أصلاً ليس نزوعاً للمكايدة السياسية،  ولا للإقصاء، وانما التزاماً بقوة الدستور، وبالأهداف السامية التي صاغها اليمنيون في الجنوب والشمال قبل ستة عقود كما قلت!؛  . _ اتفق معك على أنه حينما تخرج السياسات عن الاهداف وتتغير القناعات وتتضخم الالتزامات، والمظالم فإنه من الواجب _ وهنا اختلف معك_ ليس الاستجابة لتلك المتغيرات،  بل تقليص الفجوة بين الاهداف والسياسات والوسائل، فإن لم، فوجب استنهاض الكل والنضال من اجل تغير السلطة التي كانت سبب الانحراف، لا التخلي عن الثوابت!  _ واتفق معك  أخي الرئيس أن القضية الجنوبية، هي قضية عادلة، وقد أنصفها مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي انت تنفذ مخرجاته ولم تذكره، وليس اعلان نقل السلطة ومشاورات الرياض، ولا اعضاء مجلس القيادة ولا المكونات الجنوبية  الحاملة للقضية الجنوبية؛ بل القوى السياسية والمكونات اليمنية جميعهم اقروا بذلك واعترفوا واعتذروا وأوجدوا حلول، بعد أن اعتبروا ان القضية الجنوبية هي القضية الاولى والرئيسة كأساس للحل! واختلف معك في حصر القضية لما ذهبت اليه، و اشادتك بموقف أعضاء مجلس القيادة الرئاسي ليست بمحلها، فبعضهم قد حنثوا باليمنين وانضموا للمجلس الانتقالي والباقون صامتون نائمون لا موقف لهم مما يجري! _ استدراكك هو الصحيح اخي الرئيس في فقرة اصدار جملة من القرارات، وفقا لمخرجات الحوار الوطني، ووثيقة ضمانات حل القضية الجنوبية، وعليها لا مع ما قبلها يبنى ويعتمد!؛  _اتفق معك أخي الرئيس أن الدولة الاتحادية، التي تبنتها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وهي ارضية مهمة ينبغي التمسك بها والبناء عليها؛ ولكن ليس فقط  لتحقيق ما قلت، وإنما كحل لكل المشكلات، والأهم تحقيق التوزيع العادل للثروة والسلطة، ولكن قبل ذلك ينبغي التوحد ورص الصفوف لاستعادة الدولة،  ومن ثم انتقال السلطة وفقا لمخرجات الحوار الوطني! _اتفق معك على ضرورة إيمان جميع القوى والمكونات والسلطة الشرعية بالهدف الجامع "استعادة مؤسسات الدولة"، وتوحيد كل القوى ضد انقلاب وارهاب المليشيات الحوثية، والمشروع الايراني الداعم لها!  _كذلك توصيفك مائة في المائة صحبح، بان الانفصالين هم ميليشيات الحوثي بما وصفت بالضبط،  وبالتالي لا ينبغي بحال أن يكون في طرف الشرعية من يمارس مثلهم أو يستنسخ أفعالهم مطلقاً!  _ اتفق معك على ان أي توحد في سبيل هدف مؤمن به ومعلن يكون له نتائج طيبة على الارض، فلو كان تحرك الانتقالي مع باقي المدن والمناطق المحررة، فبالتأكيد سيشكل نقطة انطلاق اضافية للتحالف الجمهوري العريض، ولن أعلق على باقي الفقرة! _ اتفق معك على أن "وجود السلطة الشرعية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي والحكومة، والمؤسسات الوطنية العصرية _حلوة العصرية_، هي الضامن الحاسم لاستمرار الدعم السياسي لقضايانا العادلة، وتدفق المساعدات، وتسهيل انتقال اليمنيين عبر الأقطار والقارات" على الانتقالي أن يقرأ هذه الفقرة ليال وايام، ويعيد النظر فيما يخطط ويسير عليه، عليه القراءة المتعمقة لهذه العبارة قبل ان يفكر بمغامرة اعلان الانفصال!  _ اتفهم فقرة انشغال مجلس القيادة والحكومة بمهام بتوقير الخدمات لحياة المواطنين،  هي ايضا نقد لمن هم منشغلين بترتيب الانفصال او خلافه.. لكني وقد تتفق معي انها لا تقدم على التفكير الجدي والعملياتي  في استعادة الدولة وانهاء الانقلاب، فذلك أولى الاولويات فاذا ما استعدنا الدولة لتوفرت الموارد ونفذت الخدمات، وحتى المساعدات ستاتي أكثر بكثير مما هي عليه الآن! _ اتفق معك في السلام المشرف، والذي لا يأتي إلا بالاستعداد الفعال للردع، وينبغي أن يرى ويدرك الحوثي ذلك! ومتى ادرك ان القوى والمكونات حقاً ملتفّة حول مجلس القيادة الرئاسي، والذي نصب عينيه هدف واضح ولا تنازل عنه يتمثل في استعادة الدولة وانهاء الانقلاب سياتي الحوثي لا شك للحوار، وستنتهي المشكلة، أما بدون ذلك فالمسألة ستطول!  وختاماً أقول:  #تحيا_الجمهورية_اليمنية

الحجر الصحفي في زمن الحوثي