جُلَيْد أَبُو فَالِنتَاين

عمار البذيجي
الثلاثاء ، ١٤ فبراير ٢٠٢٣ الساعة ١٠:٠٧ مساءً

لا أعتقد أننا قد نختلف، ولو من الناحية التاريخية على الأقل، أن الغالبية العظمى من الأعياد والمناسبات التي يتم تصديرها إلينا من الغرب هي في الأساس ذات منشأ متصل بالاشكاليات القيمية والثقافية والمجتمعية، التي واجهها المجتمع على إثر الإنهيار المتسارع في منظومة القيم والعلاقات الذي نتج عن فكرة وحضارة الرأسمالية وتوحشها المادي، والمبالغة في تقديس الحق الفردي والحريات الشخصية على الحقوق والإلتزامات الأسرية والمجتمعية والمعتقدات والقيم العامة والحريات المنضبطة. . 

لذلك فقد كان منها هذه الأعياد والمناسبات هو تدجين المجتمع وامتصاص ممانعته بالحفاظ على المظاهر الشكلية للقيم والعلاقات التي أفرغت من مضمونها، ووأدت روحها من جهة، وتغليفها بقوالب احتفائية وعيدية وطقوس لخلق احتياجات استهلاكية ومبيعات نشطة للكماليات والهدايا ت ذات دافع عاطفي تتسم بسرعة دفع عالية وعوائد مجزية من جهة أخرى، وقد استجابت المجتمعات الغربية لذلك بسهولة للحفاظ على ما تبقى لها من مظاهر وشكليات تذكرها بقيمها وعلائقها المجتمعية، ولأنها مجتمعات وجدت مصالحها وتكوينها في توافق تام مع الاهتمام بالمظاهر والاحتفالات دون اعتبار للمضمون والقيمة.. 

لذلك ليس غريبا ولا مفاجئا أن ترى تلك المجتمعات التي تحتفل بأعياد الأم و الحب والشجرة والبقرة، هي غالبا مجتمعات قائمة على الفردية لا الأسرية، وأن العلاقات الأسرية والعاطفية لديهم أكثر الأشياء التي يبدلونها باستمرار كما يبدلون أحذيتهم، وربما كان منهم من يعيش مع خليلته الأولى والعاشرة لسنوات وينجب منهن أولادا دون عقد زواج خشية أن تغدر به وتطلب الطلاق للسطو على نصف ثروته. 

اعتقد أن الموضوع برمته يخص تلك المجتمعات سواء أكان صحيحا؟ أم كان خطأ، أهو سلوك حضاري؟ أم مظهر للانهيار والتفكك؟ لكن بصفة عامة مهما يكن توصيف وفكرة تلك الأعياد والمناسبات لديهم، فهو شأنهم ومشكلتهم ولا أظن أنه قد يهمنا، أو يعنينا كمجتمعات شرقية عموما، وبالتالي ولسنا بحاجة لنبحث عن مشروعيتها، ونقيم السجالات الفكرية والنقاشات الدينية بشأنها، فضلا عن الاحتفاء بتلك الأعياد التي يصبح تقليدها ومحاولة تكييفها شرعيا وثقافيا لتتوافق مع قيمنا وعقائدنا في الشرق المحافظ أشبه بمن يحاول ارتداء جلد غير أدمي، على غرار بطل الأسطورة الشعبية ( جُلَيْد أَبُو غَزَال ) والله المستعان

الحجر الصحفي في زمن الحوثي