المقالح أسطورتنا الوطنية الخالدة

يوسف مرعي
الثلاثاء ، ٢٩ نوفمبر ٢٠٢٢ الساعة ١٢:٥٤ صباحاً

كعادة الشعوب التي تحفظ أسماء مبدعيها وتنسى الأسماء القاتمة للأباطرة، والقادة، ومخترعي الأسلحة، ستظل ذاكراتنا وذاكرات أجيال قادمة تحفظ هذا الاسم، "عبدالعزيز المقالح" وسيظل صوته واسمه يملأ أياماً وقرونا عديدة في حياة اليمنيين. عرف المقالح وطنه وفهمه وآثر أن يموت على سطح جدار الوطن الذي حلم ان تفتح فيه ثغرة من نور العدالة الاجتماعية منتظراً طوال هذه العقود من عمره الكثير من أحلام اليمنيين في ان تتحقق ، لست ناقدا لكن كل خصائص شعر المقالح رحمة الله عليه تتطابق مع خصائص وجوهر وتنوع وثراء اليمن.. في لساني يَمَنْ في ضميري يَمَنْ، تحتَ جِلْدي تعيشُ اليمنْ خلفَ جَفْني تنامُ وتصحو اليَمَنْ، صرتُ لا أعرفُ الفرقَ ما بينَنا.. أيُّنا يا بلادي يكونُ اليمنْ؟! عرف المقالح كيف يحمل عبئه الإبداعي بسهولة على الرغم من حقيقة أن دور الشاعر والمفكر والفنان ليس سهلا ولا مبهجا في اليمن ، في مجتمع تتزاحم فيه المآسي التي يصنعها أغبياء السياسة والإدارة. حزننا اليوم على المقالح هو تعبير كبير على وطننا المشترك معه.. حزننا المشترك على احلامنا المتعثرة في تحقيق العدالة وبناء الدولة.. لكن بقي الشيء الوحيد والأهم الذي يجب أن لا يتزعزع داخلنا، هو ان اليمن التي أنجبت المقالح، وباكثير، والبردوني،ولطفي جعفر امان، وعبدالله عبدالوهاب نعمان، عصية على الهلاك، وان قوى الجحيم التي عادت لن تتغلب عليها.. رحل  شاعرنا ومفكرنا واستاذ الاجيال المقالح سيقول قائل :من هو المقالح بالنسبة لنا؟ شاعر عظيم، مفكر؟ لا أكثر: المقالح هو أحد أعظم مظاهر الروح اليمنية العربية المبدعة خلال هذه العقود لقد كان وجوده السامق في سماء الإبداع اليمني والعربي ضروريا لكسر بعض حالات التعالي عند قلة من العرب ممن لايدركون ثراء بلادنا في التنوع والابداع . سنوات مسمومة بالمآسي، والقهر منذ أن غزا "غبار التأريخ العاصمة صنعاء" بحسب تعبير وزير الثقافة الأسبق الاستاذ والمبدع خالد الرويشان،الصديق الأقرب والأحب لشاعرنا ومفكرنا المقالح، هذه السنوات بالنسبة لشاعر ومبدع ومفكر  هي سنوات شاقة، ومؤلمة، الا أن الدكتور  المقالح رحمة الله عليه تغلب عليها بعقله الإبداعي وعبر عنها بقصائد تقطر دمعا وحزناً..  أنا هالكٌ حتمًا فما الداعي إلى تأجيل موتي جسدي يشيخُ ومثله لغتي وصوتي ذهبَ الذين أحبهم وفقدتُ أسئلتي ووقتي” وداعا ايها الاب العظيم : ستبقى قصائدك كالتعويذات القديمة التي تنتقل من الأب الى الإبن، ومن الإبن الى الحفيد، ومن الحفيد الى الحفيد. لطالما كانت الأساطير بؤرة لأهم القيم والمعاني الوطنية والإنسانية، إذ وحدها الأساطير من تعبر عن نفسها بالبقاء والخلود.. وداعا أسطورتنا الوطنية وقارئ سطور النور في 26 سبتمبر المجيدة.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي