المثقف المغرور هو الذي يعتقد بأنه الوحيد الذي يملك الحقيقة المطلقة. يستخدم المثقف المغرور أو شبه المثقف كل الطرق والوسائل للوصول إلى مبتغاه ولا يهمه الحقيقة بقدر ما يهمه مصالحه. تجاهل هذا المغرور أنه يجب عليه "أن يكون أقرب من نفسه ويسألها: أين أنا؟ وأين يجب أن أكون؟ لأن المسافة للكمال بعيدة، وعليه أن يسمع أكثر من أن يتكلم."(فليفل). يقول شكسبير: "ثلاثة لا تنصحهم، مثقف مغرور وشاب مراهق، وامرأة جميلة." أما المثقف الأحمق فهو من قرأ بعض الكتب الفلسفية ويظن أنه بهذا قد أصبح يعرف كل شيء ولايحق لأحد أن ينتقده. تناسى هذا الأحمق بأن "المثقف هو موقف وليس مهنة" بحسب وجهة نظر سارتر. المثقف الحقيقي هو من يقف إلى جانب المظلوم والحقيقة في نفس الوقت، ويُعبّر عنها بطريقة بسيطة، وهو الذي يخاطر بمستقبله السياسي ولا يعطي أي اهتمام للمناصب وما سيقوله الآخر عنه، بل يقف بكل فخر واعتزاز إلى جانب البُسطاء مهما كان الثمن. المجتمع اليوم بحاجة إلى مثقف صاحب موقف وليس مثقف صاحب مجموعة من الأفكار النظرية التي يستخدمها للتطاول والتبجح والاستعراض.
يقول إدوارد سعيد: "على المثقف أن يتحمل تمثيل الحقيقة بأقصى ما يستطيع من طاقة" بينما "المثقف الانتهازي يلتزم الصمت حتى نهاية المعركة فيعلن انضمامه للأغلبية" بحسب تعبير فاطمة الأفريقي. يتصور بعض الكتّاب والمثقفين اليمنيين أن الحياد هو الطريقة المثلى لتقديم أنفسهم كمثقفين معتدلين وأنّهم ضد حركات العنف المسلحة ومع القانون ووإلخ. لكن، يتناسى هؤلاء أن الحياد يعني الوقوف إلى جانب الضحية مهما كان توجهه، وموقفه، وخلفيته، وفلسفته. وجدت بعض الكتّاب يقولون في من يواجه عصابات التمرد بصدق ما لم يقوله مالك في الخمر! حاولت أن أجد تفسيرًا أو مبررًا لهذه الظاهرة الغريبة ولم أجد سِوى أن هؤلاء ليس لديهم أي عمل عدا سلق ألسنتهم وتوزيع الشتائم والتهم ضد كل من يقف إلى جانب الضحية. يخوض هؤلاء في أعراض أولئك الذين يضحون بدمائهم أكثر من الحديث حول حركات العنف. لو يكتب هؤلاء المتحذلقين الشيء القليل عن جرائم الحركات المتمردة الأخرى لكان لموقفهم وجه اعتبار.
-->