الاربعاء ، ١٢ فبراير ٢٠١٤
الساعة ٠٨:٥٣ مساءً
احتفت اليمن وشعبها العظيم خلال هذا الأسبوع من شهر فبراير بأحداث متنوعة كان أبرزها الذكرى الثالثة لثورة 11 فبراير 2011 الشبابية السلمية وذكرى تحرير صنعاء من الحصار الملكي الذي أحاط بها 70 يوماً، وقدّم الأحرار والثوار حينها أجمل وأعظم لوحة صمود في التاريخ الحديث رغم الاختلافات التي كانت سائدة في الصف الجمهوري حينها.
الأحداث تتكرر هنا أيضاً، حيث تعاني صنعاء واليمن كلها حصاراً من نوع آخر وقوى الثورة منقسمة مابين قوة تنضوي في إطار تحالف وطني كبير يحمل “المشروع الوطني الكبير”, كما وصفه الرئيس عبد ربه منصور هادي في مقاله بمناسبة ذكرى ثورة 11 فبراير 2011, وشدّد خلاله على شباب الثورة ضرورة مواجهة المشاريع الجهوية والمذهبية والإمامية والأسرية.
ثورتنا على الصعيد النظري حققت إنجازات، وكذلك الأمر بالنسبة للواقع, وكان آخر تلك الإنجازات هو “جمهورية اليمن الاتحادية” كواحدة من أفضل الصيغ الإدارية للدولة, وسيظل تشكل 6 أقاليم في البلاد محل جدل مابين مؤيد ومعارض ومتحفظ, لكنها ستظل هي الخيار الوحيد والأفضل لاستمرار اليمن بصورة موحدة ووسيلة لبناء الدولة كمؤسسات ومواطنين وثقافة وممارسة وسلوك.
ولذلك من الطبيعي أنه كلما اقتربنا من تحقيق بناء حلم الدولة الذي سعى إليه أحرار اليمن خلال عقود من النضال في شمال الوطن وجنوبه, تتصاعد وتيرة استهدافه بصورة هستيرية, ومانشاهده اليوم ويحدث في شمال الشمال والوسط والشرق والجنوب وداخل صنعاء ومحيطها، هو دليل واضح على أن الحلم يكاد يتحقق وهستيريا تدميره تتضاعف.
أرثي لحال نوعين من الناس يقفون داعمين ومؤيدين لتدمير ذلك الحلم بصور متعددة بقصد وبدون قصد, نوع يريد أن نقفز إلى الأمام 100 خطوة دون أن نتحسس موقع أقدامنا وواقعنا وخصوصية وطننا وشعبنا, ونوع آخر يتخندق في إطار المشاريع الصغيرة ضد المشروع الوطني لمجرد المكابرة والعناد والأحقاد الشخصية والزعل من فلان أوعلان.
أستغرب لكتّاب ومثقفين ودعاة يطالبون ببناء الدولة ثم يطالبون حزب الإصلاح خاصة وبقية الأحزاب للتدخل ومنع المشروع الإمامي من التوسع وفرض سيطرته بقوة السلاح ووهم الحق الإلهي بالسلطة, وهم يعلمون ماهي طبيعة الأحزاب ووظائفها وأدوارها, يدفعون الأحزاب التي هي كيانات مدنية سياسية سلمية لخوض غمار المعارك لتتحول إلى مليشيات مسلحة ستكون نتائجها كارثية.
وأستغرب أيضاً لآخرين يتهمون الإصلاح بدون أدلة أنه يخوض المعارك ولديه مليشيات مسلحة, ويستشهدون على ذلك بوجود منتسبين للإصلاح في مواجهات القبائل لمليشيات الحوثي في عمران وأرحب, في حين أن الإصلاح ومنتسبيه جزء من النسيج الاجتماعي للقبائل هناك والمجتمع اليمني عموماً وحينما يكون إصلاحيون في تلك المعارك فهم يدافعون عن أنفسهم وأرضهم وعرضهم كأبناء قبائل وليس كإصلاحيين أو مليشيات إصلاحية.
وحينما أعلن رئيس الهيئة العليا للإصلاح, الأستاذ محمد اليدومي, بكل وضوح أن الإصلاح مجرد حزب سياسي له برنامج عمل سياسي وأنظمة ولوائح وأن مايطالبون به من تدخل للإصلاح هو من واجب الدولة ومن صميم عملها وليس من واجب الأحزاب السياسية, وجدناهم يبحثون عن مبررات للقدح في الإصلاح وآخر ما تمخض عن عبقريتهم أن الإصلاح يريد جر الجيش والرئيس هادي إلى خوض معارك واستنزاف.
الرئيس هادي أرقى وأسمى أن يفهم مثل هذه الفبركات الغبية, فمادام وهو يسعى إلى بناء الدولة, ويتصدر مشهد الدفاع عن المشروع الوطني الكبير المتمثل ببناء اليمن الدولة والإنسان, فيجب أن تقوم الدولة بواجباتها تجاه مواطنيها, والإصلاح مجرد حزب سياسي لا يريد ولاينبغي أن يمارس دور الدولة ولا اختطاف واجباتها وصلاحياتها.
يجب أن نصطف جميعاً وراء المشروع الوطني الكبير بمختلف انتماءاتنا السياسية والمناطقية والمذهبية والقبلية والذي يقوده الرئيس هادي ونقف في خندق واحد معه في مواجهة المشاريع الصغيرة أياً كانت ألوانها “مذهبية, جهوية, أسرية, مناطقية, جهوية” وروائحها العصبية الضيقة النتنة.
وختاماً لا يستحق مني التحية والإجلال والتقدير إلاّ أولئك الشهداء الذين قدموا أرواحهم رخيصة لأجل الثورة هذه وبناء الدولة الحلم الذي حلمنا به جميعاً, فرحمة الله عليهم أجمعين وفرّج الله كربة المعتقلين من شباب الثورة في مركزي صنعاء وحجة والمخفيين قسرياً وحفظ الله اليمن وشعبها من كل المتآمرين والحاقدين والساعين إلى تحقيق أهدافهم الخاصة وإنجاح مشاريعهم الخاصة على حساب مصلحة الوطن والشعب ودماء أبنائه أياً كانوا.