من يدمر اليمن ابنائه أم اعدائه؟

د. عبده مغلس
الجمعة ، ٣١ مايو ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:١٤ مساءً

حقائق موضوعية.

 

١-عندما تغيب منظومة القيم الدينية والقانونية والإنسانية من حياة الناس، وعندما يصبح المال دُوْلَةٌ بين الأغنياء منهم، يتحول الناس إلى وحوش بشرية، فاقدة بوصلتها الأخلاقية والإنسانية، يمارسون الفساد والإفساد، وسفك الدماء في الأرض، بحثاً عن الهيمنة لمزيد من تكديس المال والثروات بيد رأسمالية التوحش، فينشاء العدوان وتقوم الحروب، هذه هي الطبيعة البشرية حين تفقد نفخة الروح الدينية والإنسانية، الضابطة للسلوك الإنساني، المانعة للعدوان والكراهية، وكنز الأموال والثروات.

 

٢-خلق الله الأرض وساكنيها، وقَدَّرَ فيها أرزاقها وأقواتها لتكفي كل الناس المؤمنين والكافرين.

٣- الأوطان واليمن منها، لها ابناء يسعون لصلاحها وأمنها، واستقراراها ونهضتها، ولها أعداء، من ابنائها وخارجها، يسعون إلى السيطرة والهيمنة، على أرضها وثرواتها، وهذه حقيقة أي وطن بأبنائه واعدائه.

 

٤- الإنسان إذا غاب منهج الدين من حياته، فقد حصانته الدينية والإنسانية، التي تمنعه من التوحش بغياب عقاب الآخرة من حساباته.

 

٥- المريض إذا فقد مناعته يتعرض لمهاجمة الأمراض والأوبيئة، والأوطان عندما يفقد ابناؤها مناعتهم الوطنية، تتعرض للبيع، ولمهاجمة الأعداء والطامعين، بمساعدة ابنائها. 

 

هذه قوانين الوجود، والسلوك الإنساني، في غيبة الدين والقانون، وهذه الحقائق مدخل ضروري للإجابة على السؤال العنوان، من يدمر اليمن ابنائه أم اعدائه؟

المتابع والمراقب للحرب ومشاهد الدمار الذي خلّفته في اليمن، دمار للدولة ومؤسساتها، دمار للدين والقيم، دمار للإنسان والأرض والإقتصاد، يجد أن هذه الحرب وانقلابها، قام بها يمنيون، ومن يخوض غمارها يمنيون، والدماء التي تسفك فيها ليمنيون، والأرض التي تدمر هي أرض يمنية، ابناء اليمن هم الذين جعلوا وطنهم وأرضهم وشعبهم، مسرحاً لمعارك الأخرين وصراعاتهم، فموقع اليمن الجغرافي، بموانئه ومساحته البحرية، وثرواته الطبيعية، تجعل منه ورقة رابحة في صراع رأسمالية التوحش بين الشرق والغرب، للهيمنة على اقتصاد العالم وبحاره وممراته.

 

رأسمالية التوحش استخدمت بعض اليمنيين ليخوضوا حربها بتكلفة صفرية، فما الذي جعل اليمنيين وقوداً لمعركة تدمير اليمن؟ سؤال يقودنا للإجابة على السؤال العنوان.

 

ومن وجهة نظري هناك ثقافات تهيمن على العقل اليمني وتُكَوّنَهُ، وتجعل منه أداة لتدمير الوطن، هذه الثقافات هي:

١- ثقافة الإمامة التي جعلت من الهاشميين سادة واليمنيين عُكْفَة وعبيد لهم، بما يمكن تسميته هاشمية الإمامة، التي جعلت من العنصر الهاشمي معياراً للسيادة، وهي غير هاشمية المواطنة التي تجعل من الهاشميين مواطنيين، مثلهم مثل بقية اليمنيين، ولا أفضلية لهم فوق سقف المواطنة.

 

٢- ثقافة عُكْفَة الإمامة، التي جعلت من بعض اليمنيين عُكْفَة للإمامة، عاكفين على خدمتها وحمايتها، وعبيداً لها منفذين لكل طلباتها.

 

٣- ثقافة الفيد والغنيمة، التي جعلت من بعض اليمنيين همهم المال، وعلى استعداد لعمل أي شيئ، في سبيل الفيد والغنيمة، من بيع الأوطان لبيع الأنفس.

 

ونجد أن ثقافة الإمامة وثقافة عُكْفَة الإمامة، وثقافة الفيد والغنيمة، أسستا لثقافة رابعة هي: 

٤- ثقافة الولاء للغير، التي تجعل من بعض اليمنيين، يقدمون مصالح الأخرين، على مصالح اليمن، وجعلت منهم أدوات للغير ومصالحهم، فهي التي قدمت الولاء لإمامة البطنين على اليمن، وأتت بإمامة الهادي يحي بن الحسين في الماضي، وإمامة ولاية الفقيه في الحاضر. 

 

وهنا يجب التفريق بوضوح بين الولاء للغير، تحت أي مسمى عقائدي أو حزبي، وعلى حساب اليمن ومصالحه وسيادته، وبين الاستعانة بالشقيق أو الصديق، لإنقاذ اليمن، من الحرب والتدمير.

 

هذه الثقافات انتجت حقيقتان:

الأولى: جعلت من بعض اليمنيين أدوات لتدمير وطنهم، وبيعه لمن يدفع، من اعداء اليمن، وهم الذين يعملون على تدمير اليمن لصالح اعدائه.

الثانية: حالت بين من يحملون الثقافة الوطنية الحقة، وانتصارهم لوطنهم ودولتهم، وإنقاذ اليمن من الحرب والدمار.  

 

وجواباً على السؤال العنوان نجد أن من يدمر اليمن في هذه الحرب، التي فجرتها الإمامة، هم ابناؤه، من الذين هم عبيد وسدنة ثقافات الإمامة، والعُكْفَةُ، والفيد والغنيمة، والولاء للغير.

 

وهنا يأتي دور الوطنيين، من أبناء اليمن، المؤمنين باليمن، الوطن الدولة والجمهورية، والشرعية والمشروع، وعلى رأسهم الشرعية اليمنية بكل مؤسساتها، إن أرادوا النصر، لهم ولوطنهم، وشرعيتهم ودولتهم ، ومشروعهم وتحالفهم، مواجهة هذه الثقافات، داخل صفوفهم أولاً، وعند غيرهم ثانياً، من خلال تبني مشروع متكامل، سياسي، وديني، وثقافي، وقانوني، وأمني، وعسكري، يستأصل هذه الثقافات من وعي الناس ليتحقق إنقاذ اليمن.

جمعتكم وعي بمخاطر الثقافات المدمرة لليمن.

 

 

د عبده سعيد المغلس 

٣١ مايو ٢٠٢٤

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي