مناقشة مقابلات الأخ الرئيس! (2)

د. علي العسلي
الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٠٠ مساءً

 

وأستمر في مناقشة مقابلات الأخ الرئيس..

وصدقت أخي الرئيس، حين قلت أن قادة التشكيلات المنخرطة في مجلس القيادة الرئاسي لا يزالون يتخوّفون ويتحفّظون من عملية دمج تشكيلاتهم في إطار وزارة الدفاع اليمنية، خوفاً من سحب البساط من تحت أيديهم، ببساطة لخصت الأمر كله بالتحفظ خوفاً من سحب البساط!!؛

فلماذا لا تحل هذه المعضلة، ويزال التخوف والتحفظ من خلال إجراءات عملية لبناء وتعزيز الثقة، خصوصاً وأن الضامن في العملية كلها المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي وأمانته العامة، فهم الراعون والداعمون والضامنون، ولن ينجح مجلس القيادة الرئاسي إلا بهم، ونجاحه يُعد نجاحاً لهم.. والنجاح الحقيقي للمجلس هو في تقديم الحد الأدنى من الخدمات، وبخاصة توفير الكهرباء، وتحسين سبل العيش للمواطنين وتوفير الأمن والغذاء واستقرار العملة .. فلابد أن تسيروا أخي الرئيس بهذا المجلس إلى الأمام، فالوقت كالسيف ان لم تقطعوه قد يقطعكم!

نعم! إن اليمنيين يريدون السلام القائم على تنفيذ المرجعيات، ويعتقدون أن السلام العادل والشامل هو بالضرورة، يستلزم إنهاء - وإلى الأبد- كل تشكيل عسكري في اليمن يريد تغيير الواقع أو النظام بقوة السلاح واستخدام العنف وإقلاق السكينة العامة .. هذا هو الذي يؤدي إلى السلام، وهذا فيه المصلحة الحقيقية لليمنيين، وغيره هُراء؟!

ولا أشك أن المملكة العربية السعودية، وكذا السلطة الشرعية - بحكم تجارب سنوات الحرب والتعامل مع الحوثيين -، قادرتان على استخلاص ما يفيد استعادة المؤسسات بالضغط العسكري وجلب الحوثي للسلام، أو بهزيمة الحوثيين فكرياً وعسكرياً، كونهما قد اكتسبا خبرة تؤهلهما للنجاح في الإختبار، والظفر بالنهاية بإنهاء الانقلاب، وبلوغ استعادة مؤسسات الدولة وتحقيق السلام!؛

 ومن غير المعقول أنه بعد هذه المدّة والتفاوض والنكوص من قبل الحوثي، هما لم يفهما الحوثي بعد، من أنه لا يهمه سلام ولا مصالحة، فهو منذ البداية على هذا النهج، منذ كان بلا وزن ولا تأثير، فما بالكم وقد وصله السلاح الإيراني بأنواعه، وبات يهدد العالم كله، من خلال تهديده للملاحة البحرية، وعسكرته للبحر بسلاح ايراني.

 فالمراهنة على جلبه لتنفيذ خارطة الطريق، واحتوائه، قد تكون شبه مستحيلة من دون شعوره بالهزيمة، فلا تراهنوا على ترويضه واحتوائه، بل اعملوا على كسره وهزيمته، حتى يتحقق السلام الشامل والعادل في اليمن، ويتحقق الاستقرار للمنطقة، وتمر السفن التجارية بسلام!؛

ويا أخي الرئيس حمل السلاح بيد، والبناء ومد يد للسلام باليد الأخرى، مسألة فيها نظر، وبخاصة عند غياب الرؤية والرسالة والهداف التي تجعل من الحوثي يتأكل شعبياً كل يوم، ولن يتم ذلك إلا بخلق نموذج للجمهورية اليمنية يطبق في مناطق سيطرة السلطة الشرعية، فعدم وجود هذا النموذج، يجعل الحوثي يستمر في (نفقه) المظلم الذي وضع الشعب اليمني فيه.. والحقيقة انه لا أمان ولا إطمئنان بأن مستقبل اليمن إلى خير، مالم يهيكل الجيش الوطني والأمن، ويبنيان على عقيدة وطنية احترافية، بولاء وطني خالص للجمهورية اليمنية، ويحميان الدستور والسيادة، وكل المكتسبات الوطنية..

 وأريد أن الفت الإنتباه هنا، إلى أنه طالما انكم يا فخامة الرئيس قد اعلنتم عن الجهوزية القصوى، والاستعداد إذا ما اختار الحوثي طريق الحرب، الحوثي على الدوم تجييش المقاتلين وحتى الأطفال ودفعهم للجبهات باعتبار ذلك - كذباً وتضليلاً- الطريق إلى القدس ولفك الحصار عن غزة.. فأحب أن اطلب من مقامكم الكريم تجريب - الاستعداد وإدارته من غرفة عمليات مشتركة تحت إمرة وزير الدفاع- في حماية استئناف تصدير النفط، فالحوثي لا يعرف إلا طريق الحرب، فورّوه العين الحمراء وصدّروا النفط واحموه، كي تحافظوا بأريحية على الوفاء بالإلتزامات الحتمية والاعتماد على النفس؟!

واسمح لي أخي الرئيس أن أذكركم بأن الحوثي في استغلاله لغزة، والتي اسميتها انت بــ "قميص عثمان"، قد استفادته منها.. إذْ نجح في استقطاب الناس وتحشيدهم تدريبهم وارسلهم الجبهات داخل اليمن، و(هبر) تحويشات عمرهم بحجة الدعم لغزة..

ويقيني أنه بنهاية المطاف أو هذا الفلم الدامي، ستتوقف الحرب على غزة وستنتهي لا محالة، وسينسحب الكيان الصهيوني منها، وسيعاد بناء غزة وسيدّعي الحوثي أنه كان أحد الأضلاع الرئيسة لتحقيق ذلك..

وعليه ينبغي يا سيادة الرئيس، تذكير الشعب اليمني على الدوام بأن الحرب على غزّة قد دخلت شهرها السابع، ولم يتبقى سوى رفح لم يتم اقتحامها، فإن استطاع الحوثي وايران بهجومهم على الكيان الصهيوني من منعه من اقتحام رفح، فذلك ما نتمناه، وإن تم بعد هجوم إيران اقتحامها، فذلك يعني تخادم الحوثي وايران مع ربيبة الغرب إسرائيل وقد يصل اتهامنا لهم ليس بالتواطؤ، بل بالاشتراك بإبادة غزة ، وقد نصل بالاستنتاج بأن الهجوم الإيراني على (الكيان ) ما هو إلا محاولة بائسة من محور التدمير للمنطقة العربية، لرفع الضغط العالمي والعزلة الدولية عن دويلة إسرائيل الإرهابية.

الكل قد أصبح يعلم بعد أن فضحت غرة من يدّعي اسنادها ودعمها، انهم كاذبون مضللون استغلاليون لمظلوميتها ولحسابهم الخاص. فستخدم إيران غزة لرفع العقوبات عنها واعطائها دور مهم في المنطقة، وفي مفاوضتها في ملفها النووي، ويستخدم غزة الحوثي للتهرّب من استحقاقات السلام، وهدفه الرئيسي من ادعاء الوقوف معها؛ إحياء وبعث نفسه من جديد بعد أن كاد أن يتلاشى، فبفضل غزة قد يتعمّر قليلاً، فهي التي خدمته - ولم ولن يخدمها- وانقذته إلى حين ولن يطول، لأن الشعب قد بدأ يدرك هذا المحور وحقيقة ادعائه!

أما عن التعويل على المملكة وخبرتها، وايمانها بالسلام، فهي تريد أن يحدث الاستقرار والسلام في اليمن .. لكن هل الحوثي جاد فيه؟!؛ أنا لا أصدق ذلك!!

ولا اظن ان الشرعية ومكوناتها قد نسوا للحظة، ما قدمته المملكة من دعم واسناد وتدخل، فقد أوقفت سيطرة إيران على اليمن، عبر وضع حدّ للحوثي وعنترياته، وساهمت باستعادة الجزء الأكبر من الجمهورية اليمنية، وعلى أساس ذلك فهي تُفاوض الحوثي من موقع القوي، من موقع قوة لا ضعف؛ والحوثي هو الذي يستجدي منها السلام والدعم وليس العكس..

 إن تأثير المملكة موجود على امتداد اليمن، وحتى على مناطق سيطرة الحوثي، فلها تأثير كبير على رموزها القبلية والوجاهية، وحتى على عدد من قادة الحوثة، إذ يفاوضونها سراً َوجهراً، وما مسرحية الشيخ (علي الضبيبي) الذي أخرجت في المملكة مؤخراً، وهو المُرسل من قبل الحوثي إلى المملكة، لإيصال رسالة ما، إلا لدليل على ذلك .. فلدى المملكة قدرة على التفاوض ولديها خبرة تراكمية في ذلك، والأهم انها خبيرة باليمنيين عموماً، والحوثي وسلوكه ومطالبه على وجه التحديد؛ وكما قيل بأنها قد استطاعت أن تقنع الحوثي بخارطة الطريق، فتوقف التوقيع بسبب تصعيد الحوثي وعسكرته للبحر الأحمر، بسبب ذلك تدخلت أمريكا لتؤخر مراسيم التوقيع.

بقي عليكم انتم في الشرعية اخي الرئيس أن تقدموا لها رؤيتكم ومطالبكم لتضمينها في خارطة الطريق فوق المرجعيات المعروفة المتفق عليها.. والسلام يتحقق برضا الحوثي أو بعصا المملكة والتحالف!

وصدقت أخي الرئيس، حين قلت أنه يوجد في المنطقة مشروعين؛ الأول تنمية ونهضة تقوده السعودية ومصر، والآخر تدميري فوضوي تقوده إيران عبر استعانتها بميليشيات مسلحة!؛ فالمشروع الأول كما اليد الذي تبني واليد التي تحمل السلاح، وهو بحاجة لقوة تحميه وتحمي مشاريع التنمية والنهضة، لا الخضوع لمزاج العصابات والميليشيات ومساومتها، أو التسليم بما تقوم به من إقلاق السكينة، وتهديد المنجزات والمشاريع المُقامة!.. يتبع..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي