لكان الكثير منهم في مصحات نفسية!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٤١ صباحاً

رحلة حياة اي عربي في الغرب او الشرق عبارة عن حلقات متصلة من المواقف المرهقة، والمتقلبة، والقلق، ومن الإنجازات والإخفاقات والصراع الفكري، لايمكن مقارنته بأي جنسية اخرى ولا مقارنته بابناء موطن المهجر لا من قريب ولا من بعيد لاسباب عديدة: 

اولا لان العربي وبالذات اليمني ولد في بيئة فقيرة، وثانيا نشاء في انظمة تعليمة غير متزنة ومتقلبة دون هدف ولا حتى محدثة تهدم الطفل منذ الصغر، وثالثا في كل محطاته يسحب خلفه هموم مجتمعه واهله ومعيشته ايضا، ورابعا لم يكتفي القدر بذلك وانما نضيف لما سبق هزائم وصراعات المنطقة، واستهدافه كعربي او مسلم في دينه وثقافته، بجانب المعاناة المستمرة من البحث عن اقامة واوراق وتجنس، وحلول لمشاكله المالية واسرته الصغيرة والبحث عن وطن بديل. وكل ماسبق من اسباب تشتت افكار، وتركيز، وترهق اي مهاجر عربي يريد يثبت ذاته في الوطن الجديد. ولذا ادرك انا معاناة العربي كان في الداخل والاغتراب والاضطرابات التي نعيشها، بمعنى لو كان غيرنا من شعوب الارض يعيشها لكان الكثير منهم في مصحات نفسية لترتيب الاولويات اقلها. 

وعندما نجد عربي مهاجر منا يصنع حلقات من النجاح حوله  اقلها في الاعتماد على ذاته واستقراره،  او في دوائر مهنية او فنية او تجارية اقلها له مهمة اعتبره نجاح باهر بكل المقاييس له ولمجتمعة الصغير ولامته لاسيما اذا كان يمثل صورة حسنة لثقافته وبلده وعالمه العربي، غير مهزوز علما ولا اخلاقا ولا متمرد او متذمر شاغل نفسه بمراقبة الاخرين وانتقادهم. فنجاح اي عربي خارج بلده المدمر والمتصارع جدير بالتقدير، حتى وان كان اقلها انه كفى مجمتعه شره وهمه وانه لم يضيف اي عبئ لمجتمعه وفوق ذلك مستمر في الغرب لم يحتاج احد، ولم يسقط برغم انه مشتت في فكره وتركيزه. 

جيلنا عاش كل انواع الهزائم والكوارث والمغامرات في المنطقة وكلما اجد شخص منا يمدح في شخصية قيادية او نظام فاشل وكارثي تسببوا بما مانحن فيه وكان يمكنهم اقلها عمل الكثير لليمن لا احترمه وفوق ذلك نازل شرشحة على مغترب غلبان بسبب زلة كلمات في منشور لايقصدها ومحمله فشل المجتمع والنظام، لاسيما وانا انظر واقول نحن نعاني فكيف بجيل الغد الذي هو اليوم في خطر. لذا المغترب العربي واليمني في رحلة كفاح وتعب وهو ينظر خلفه فلا يجد الا مقولة طارق بن زياد لا رجوع. وعلى قولة صديق فلسطيني كان معنا طلبة في الجامعة طالب مكانيكا لبرفيسور الماني في النقاش، انت الان برفيسور ورائع وناجح، لانك لقيت بيئة تدعم ذلك، لكن لو كنت عربي مثلنا تعيش مشاكلنا وهمومنا وحروبنا وخوفنا، لما قدرت ان تصبح برفيسور، بمعنى لايمكن مقارنة شخص غربي كل حلقات مجتمعه يدعمه ويهتم به منذ كان طفل لكي ينجح ويتعلم، وشخص عربي يمني اغلب حلقات مجتمعه تستبسل تريده يفشل وينهزم حتى، وان كان على بعد ٦ الف كم منهم.

وللمقارنة لمعاناة وكفاح العربي اذكر صديق اخر عربي معنا كان يشتري طحين باقل من يورو بحساب اليوم، ويصنع خبز عربي كل يوم ليبيعه للطلاب كون وقتها لم يوجد محل بقالة عربي، ومن القليل مما يجمع يصرف على نفسه في الجامعة وهو معنا، ورغم المعاناة لم يعيش في وضعه متسلم او حاسد او يقول المصاريف غير موجودة او لماذا هو يعاني، وانما تعب واجتهد، ولم يكن كالماني كل حلقات المجتمع تدعمه، فكان اجمل مثال لي للعربي المجتهد، واليوم هو دكتور  في واحد من اهم مركز الابحاث، ناجح افتخر به واعتز. هو مثال للعربي المكافح والملتزم الذي وصل بعد تعب والاجمل من ذلك عزة نفسه وقيمه واخلاقه، التي زينت حياته، وهذا مثال اخر لو كان الماني او غربي احتمال كان لم يصل وانتقل لحلقة اخرى في المجتمع تدعمه وتحمله. 

ومختصر الفكرة هنا نحن نعتز بكل عربي تعلم وتعب وكافح لانه الدليل لنا ان هناك طريق وامل، وهنا يمكن المتابع والسامع الفطن لتجارب الاخرين يعتصر منها خارطة طريق ومنهج، ان اراد يوصف طريق لنفسه او ابنه او ابنته، لينجحوا اكثر، ويكونون هم نسخة امل جديدة لمجتمعهم او اقله لذاتهم،  بدل ان يعيش البعض منا في انتقاد الوضع، وحبيس عقده النفسية، ولعن اخفاق الانظمة وضياع العمر، وبدل ان يهلك ماحوله يوصف لهم كيف العالم من خرم عقده المركبة، فيسقط في الوحل كل يوم اكثر ومرات عدة امام ذاته واصحابه واهل بيته، ويليت يقف الامر هنا وانما يسحب معه قطيع لاينعد في الانتقاد والسب والتهكم، ويستغرب البعض بعدها، لماذا حاله وحال مجتمعنا العربي بشكل عام واليمني بشكل خاص من سيئ الى اسوأ، و نذهب برحلتنا بدل المستقبل الى الماضي ومشاكسة بعض والتنمر واصطياد العثرات والاخطاء وسوء الظن لنبحث عن ذاتنا هناك، وعن انتصارات وهمية، لانه لاينافسنا فيه ولا في قلة العقل هناك احد، ونستغرب بعدها اين الخلل؟.

 لذا نحن احباتي في مجتمعنا العربي بين توجهين، فريق لا يشغل نفسه  بتصيد الأخطاء وتتبع عثرات الاخرين وانما ينظر لذاته يصلحها خطوة خطوة مكافح متزن، يحاول يصلح ماحوله بقدر ماهو بيده ومتاح ان نجح فذلك خير وان لم ينجح فلن يضر احد، لاسيما وهو فريق يبني ومتصالح اقلها مع ذاته وانجازاته، وفوق ذلك يحمل قيم لانخجل بهم، وفريق اخر مخرب بفكره وسلوكه ومنهجه حتى دون ان يشعر، وفوق ذلك متعجرف ولا يدرك انه مجرد صفر، حتى وان كان محسوب كمتعلم، فلا هم سكتوا وتركوا من يريد ان يعمل  يعمل ولا تعلموا صح فاصلحوا احوالهم ولاتأدبوا في حواراتهم. وهنا يدور السؤال، كيف للطبقة المتعلمة المهاجرة او في الداخل ان تزرع شجرة، والكثير من هم بيننا لازال يحمل خلف ظهره فأس، ومنتظر فقط فرصة او غلطة لابن بلده ليهدمه ويكسره.  غلطة قد تكون حتى كلمات في منشور لم يقصدها ولم نفهم مايقصد فنعلن الحرب عليه، ولذا اجد وجودنا كفريق في التواصل معكم ضرورة من خرم الإبرة واقصد الفيس بوك ليس لتسلية، وانما قد نستطيع نحمي بعض معاقل القيم من الانهيار، ونبني جسور لجيل قادم متزن ومتعايش يبدع ولنقل المعرفة للمنطقة، نخفف اقلها حدة الارتطام لامتنا بالواقع في هذه الالفية، التي لاينافس بها الا بالشراكة والمعرفة والتنمية، التي يجب ان تدعمها الاخلاق والقيم. هذه نقطة.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي