قحطان .. شموخ الجرح

موسى المقطري
الجمعة ، ٠٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٠٧ صباحاً

 

تسعٌ عجاف مرّت على تغييب الهامة الوطنية والسياسي البارع الاستاذ "محمد قحطان" في معتقلات الانقلابيين كشاهد على مقدار الحقد الذي يستوطن هذه الجماعة الشاذة عن كل توافق ، والتي تؤكد في كل لحظة تستمر فيها بإخفاء هذا الرمز الوطني أن لا فسحة لديها للتعايش أو التفاهم ، وأن كمية الحقد الذي يستوطنها أكبر بكثير من أن تتقبل اليمنيين أو يتقبلونها ، وتلك ميزة تنبئ أن التاريخ السياسي لهذه الجماعة انتهى قبل أن يبدأ ، وكل جرائمهم ومنها اختطاف وإخفاء "قحطان" ستظل لعنات تلاحقهم ولن تنفكّ عنهم مهما حاولوا تجميل وجوههم الكالحة بسواد الجرائم التي يرتكبونها .

 

"قحطان" كانت جنياته الكبرى لدي سجانيه أنه رفض الانقلاب منذ لحظاته الاولى مدركاً بحنكته السياسية وخبراته المتراكمة أن باباً للشر قد فُتح ، وأن "الانتفاشة" التي خُيّل لهم في لحظة زهو مليشاوي مقيت أنها قادتهم للنصر كانت فاتحةُ بلاءٍ على الوطن بجهاته الأربع ، ولو أنهم أنصتوا لنصحه لكان الحال غير الحال ، ولما كانت اليمن غرقت في هذه العشرية الدامية التي يتحمل مسؤليتها الانقلابيون دون منازع .

 

عشر سنوات سوداء نتائجها فاتورة كبيرة من الدماء والأشلاء والدمار الذي طال كل يمني ، وشمل كل جوانب حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وهذا بالضبط ما كان يدركه "قحطان" ببصيرته الثاقبة ويحذر منه ، وبذل وقتاً وجهداً لمنع حصوله ، لكن كل محاولاته اصطدمت بتعنت الانقلابيين الذين لم يكتفوا برفضها، بل القوه في أقبيتهم المظلمة ، وتلك هي عادة المليشيات على مدى التاريخ يزعجها ويقض مضجعها صوت العقل والحكمة ، ولا تسمع إلا صوتها فقط ، وعادة ما يجرّها تعنتها هذا إلى قعر الهاوية السحيقة .

 

حين أتحدث عن "قحطان" فإنني أتحدث عن جرحنا الدامي جميعاً ، وعن صوتنا المخنوق، وعن ألمنا وحرقتنا كشعب ووطن ، لكني ألحظ أن هذا الجرح له من الشموخ والعلو ما يجعله يتغلب على أحلام الكهنوت الجديد ، فصوت "قحطان" هادر لأنه حدثهم ونصحهم باسمنا جميعا ، واختطافه وتغييبه هو جريمة بحقنا كذلك ، وهذا الجرح الشامخ وضعهم في مواجهة مع شعب أدرك ويدرك كل يوم ومع كل جريمة وانتهاك أن لا مجال أبداً لنسلم رقابنا لمثل هؤلاء ، أو نقبلهم حاكمين أو متحكمين .

 

سلام ٌ على "قحطان" وهو شامخ في سجنه كما عهدناه خارجه ، وسنظل طلاباً في مدرسته التي فيها تعلمنا مبادى الحكمة ، ومتشابكات السياسة وأولويات المراحل ، وتباً لسجانيه الذين يعيشون عبيداً في سجون ذواتهم المظلمة ، وكل يوم يمرّ على هذا الجرح الشامخ تتجدد هممنا لايقاف تغول هذه النبتة الكهنوتية ، وتزداد قناعتنا أن هؤلاء الدمويون لايجيدون إلا نشر الفوضى والجراح في وطننا الذي كان يطمح ويعمل "قحطان" لتجنيبه ما حصل ويحصل منهم .

 

دمتم سالمين .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي