إيران لم تكن مجرد دولة تسعى لتوسيع نفوذها، بل كانت وما تزال العقل المدبر لمشروع تخريبي يهدف إلى زعزعة استقرار الدول العربية، وإغراقها في الحروب والفوضى. لقد بنت طهران إمبراطورية من المليشيات الموالية لها في سوريا، العراق، لبنان، واليمن، وجعلتها أدوات لتنفيذ أجندتها التوسعية، ضاربة عرض الحائط بسيادة الدول ومصالح شعوبها.
على الرغم من الجهود الدولية والإقليمية لإضعاف النفوذ الإيراني، إلا أن الحقيقة الصادمة هي أن طهران لا تزال تحتفظ بقدرتها على إعادة بناء أدواتها التخريبية في كل مرة تتلقى فيها ضربة. تحرير أي عاصمة عربية من قبضتها لا يعني نهاية المشروع الإيراني، لأن جذوره تمتد عميقًا داخل المنظومات السياسية، والعسكرية، والأيديولوجية في تلك الدول. ما لم يتم استهداف مركز التخطيط والتمويل في طهران، فإن الحرب ستظل تدور في حلقة مفرغة، وستستمر إيران في دعم المليشيات، وإحياء مشاريعها التخريبية حتى لو خسرت مواقعها الحالية.
إيران لم ولن تهدأ حتى تفرض هيمنتها على منطقة الخليج العربي، فهي تدرك أن السيطرة على هذه المنطقة يعني التحكم في قلب الاقتصاد العالمي، والتحكم في إمدادات النفط . كل ما تقوم به طهران اليوم هو مجرد مرحلة من مشروعها الأكبر، الذي يتجاوز اليمن وسوريا ولبنان والعراق، وصولًا إلى الخليج، بل وربما أبعد من ذلك.
لم يعد هناك مجال للحديث عن احتواء إيران أو التفاوض معها، لأن تاريخها الحافل بالغدر والخداع أثبت أن أي هدنة أو اتفاق معها لا يعدو كونه فرصة جديدة لها لإعادة ترتيب صفوفها واستئناف عدوانها. الحل الوحيد لإنهاء هذا العبث هو توجيه ضربة حاسمة لرأس الأفعى، وليس فقط أذرعها. يجب استهداف مفاصل الاقتصاد الإيراني، وتشديد العقوبات لتجفيف مصادر تمويل المليشيات، ومنع طهران من إعادة بناء قوتها العسكرية والأمنية. لا بد من عمليات دقيقة وموجعة تستهدف البنية التحتية العسكرية والنووية لإيران، وشل قدرتها على دعم وكلائها في المنطقة.
إيران لم تكتفِ بتمويل وتسليح المليشيات، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك، حيث استثمرت في تغيير الهوية الفكرية والعقائدية للأجيال في الدول التي اخترقتها. لقد نجحت في زرع أيديولوجيا طائفية تخدم مصالحها، وتخلق أجيالًا من التابعين الذين لا يرون إلا ما يُملى عليهم من قُم وطهران. هذه الأجيال ليست مجرد أدوات حالية، بل قنابل موقوتة يمكن لإيران تفجيرها متى ما أرادت.
العالم العربي اليوم أمام لحظة حاسمة، فإما أن يتم التعامل مع إيران كدولة مارقة يجب تفكيك مشروعها بالكامل، أو أن تظل المنطقة تدور في دوامة الصراعات التي تغذيها طهران إلى ما لا نهاية.
من يريد سلامًا حقيقيًا في المنطقة عليه أن يدرك أن الحروب لن تتوقف إلا بضرب منبع الشر ذاته. لا يمكن القضاء على المرض بعلاج الأعراض فقط، بل يجب استئصال جذوره.
إن بقاء النظام الإيراني هو بقاء للفوضى، والحل الجذري لاستقرار المنطقة لن يكون إلا بإسقاط المشروع الإيراني في قلب طهران، وليس عبر معارك استنزافية في ساحاته الخارجية.
-->