(ياليت بيننا وبين فارس جبل من نار) . مقولة منسوبة للخلفية عمر ابن الخطاب رضى الله عنه وهو المرشد السياسي الاول لهذه الامة وكأنه يرسم ملامح العلاقة الدموية الطويلة التى ستدخلها الامة مع هذه الجغرافيا اللصيقة بنا .فمنذ فجر الإسلام، لم تتوقف المحاولات الفارسية لاستهداف رموز الأمة العربية والإسلامية، قادةً وخلفاء، في سعي دائم لإضعاف الدولة وتقويض مشروعها ورؤيتها . بدأ هذا المسلسل الدموي باغتيال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه نفسه وهم من حذر من فارس سنة 23 هـ على يد أبو لؤلؤة المجوسي، وهو فعل يؤرخ لأول محاولة فارسية مباشرة لضرب قلب الدولة الإسلامية في المدينة المنورة وكأنه رد طبيعي لذلك الصوت الذى حذر من هذه الجغرافيا وأهلها . ولا نجد اليوم فى عصرنا من ما يزال يتشفى بجريمة الاغتيال سوى أذناب وا حفاد هذه السلالة الفارسية التى غزت كل الجغرافيا العربية. وتبدلت لغةً ولبساً وظلت قلباً فارساً حاقدا ً !!
لم تمض سنوات حتى جاء اغتيال الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة 35 هـ بتحريض من جماعات تحركت تحت عباءة قيادات عربية وفارسية مؤثرة كانت تحشد المتذمرين وتؤسس لفكرة التمرد بعد ان اختلط الفرس بحواظر المدن العراقية وتسيدوا القرارا والمشورة فيها . فكانت اجرم عملية اغتيال فى التأريخ الاسلامى لشيخ ثمانييني منعوه الماء والطعام وتسوروا بيته وهتكوا مخدعه وسفكوا دمه وقطعوا يد زوجته .. والعجيب ان يتناسى العرب كل ذالك الاجرام ..ثم جاء دور علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي اغتاله عبد الرحمن بن ملجم سنة 40 هـ، في سياق صراع سياسي عقائدي غذّاه الفرس ايضا لضرب وحدة المسلمين واضعاف شوكتهم وصولتهم وخلط الأوراق وتشتيت الفكر عن وكر التأمر والخداع ولم يكن الحسين بن علي رضي الله عنه بمنأى عن هذا الاستهداف إذ لحق بحالة التيه التى رسمها التوجه الفارسى فى سبيل تشتيت الامة وقُتل في كربلاء سنة 61 هـ بعد خيانة من أهل الكوفة انفسهم و الذين كان أغلبهم من أصول فارسية متأثرين بثقافة الغدر والانقلاب ما أدى إلى احداث التغذية التى يريدها الفكر الفارسى لمشروعه . فمنها سيطلق اكثر شحناً وضراوة للنيل من الواقع الإسلامي ومازالت تبعات تلك التغذية تمتد الى اليوم .وعلى يد الفرس يسرد التأرؤخ مقتل رموز أخرى، من القادة كالمثنى بن حارثة الشيباني والنعمان بن مقرن وغيرهم وبعد نشوء الدولة الاموية لم تسلم هذه الدولة من المكائد، إذ قتل الوليد بن يزيد الأموي في انقلاب دموي بتحريض من الموالين للفرس. بل وتحطمت عظام الملوك الامويين بعد ان تم اخراجهم من قبورهم وهذه العادة لم يفعلها العرب قط لولا أن كان الحقد والفعل فارسيا صرفاً وفي العهد العباسي، كان النفوذ الفارسي حاضرًا بقوة، فى هذه الدولة ومنذ التأسيس ولكن سيطول المقال لو ذكرنا كل التفاصيل وسنفرد سريعا بعض من تأمر عليه الفرس من ملوكها حيث قُتل إبراهيم الإمام العباسي في السجن بتحريض فارسي، واغتيل الأمين العباسي نتيجة تحريض البرامكة ذوي الأصول الفارسية.وهكذا تكتب صفحات التأريخ هذا الحضور الدموى للفرس فى واقعنا السياسي والعسكري. وفى عهد الدولة العثمانية امتد هذا الدور التخريبي ايضا حيث توفي السلطان سليم الأول سنة في ظروف غامضة عقب صدام عنيف مع الدولة الصفوية، التي مثلت الامتداد السياسي الفارسي في المنطقة. وتكرر المشهد مع السلطان إبراهيم الأول الذي اغتيل بتحريض داخلي فارسي داخل القصر العثماني بل وشكل الفرس عاملا رئيسا فى اضعاف الدولة العثمانية وطعنها من الظهر فى اكثر من مرة وفى اوقات كنت فى مواجهات مباشرة مع الغرب وروسيا القيصرية . وفي العصر الحديث، دفع العراق ثمن جواره الإيراني الفارسي مالا يعد من القادة والعلماء حيث قُتل الأمير عبدالاله و اغتيل الزعيم عبد الكريم قاسم سنة 1963م ثم أعدم الرئيس صدام حسين رحمه الله يوم 30 ديسمبر 2006 على يد ميليشيات موالية لإيران، في مشهد يعكس رغبة الانتقام الفارسي من قادة العرب الذين انتصروا عليها فى معارك الفاو وغيرها فى حرب الثمان سنوات . وآخر الفصول الحديثة من هذا المسلسل كان اغتيال الرئيس علي عبد الله صالح يوم 4 ديسمبر 2017 برصاص الحوثيين الطبرستاتيين أدوات إيران في اليمن، بعد أن انقلبوا عليه عقب تحالف شكلي انهار سريعًا أمام أجندة طهران وتشير الكثير من التقارير ان تصفيته كانت بتوجيهات مباشرة من النظام الإيراني .
يتضح من ذكر كل تلك الاحداث سريعا أن المشروع الفارسي ظل على امتداد التاريخ يتربص بالغرب خلفاء وقادة في محاولات دائمة لإسقاطهم وخلق الفوضى فى بلدانهم و مدنهم واشغالهم بصراعات لا تنتهى تارة بالسلاح، وتارة بالمؤامرات والتحريض والخيانة . والمرارة المرة ان من زرعتهم عبر تأريخ طويل أصبحوا وكلاءها الأوفياء يمنعونها ويضحون بانفسهم من أجلها ويدمرون اوطاننا بسلاحها ورغباتها . فى حين اذا ما شعرت بالخطر باعتهم بأبخس الأثمان فلا قيمة لهم عند حضور اى مهددات حقيقية لكيانها ومؤسساتها ...
-->