منذ أيام وأنا أرصد تغطية وسائل الإعلام العربية والعالمية لما يحدث من صراع في البحر الأحمر. صراع اقليمي ولكن في المياة الإقليمية اليمنية. نفذت القوات التابعة لمليشيا الحوثي على فترات متقطعة ومتتابعة هجمات نوعية ضد البارجات وحاملات الطائرات الأمريكية العائمة في المياة الإقليمية اليمنية ونفذت غارات جوية عبر سلاح الطائرات المسيرة، وبالصواريخ الفرط صوتية والبالستية على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وسائل الإعلام التابعة للمليشيا في حالة من النشوة غير العقلانية. والوسائل الإعلامية لبقية أطراف الصراع في اليمن منها من لزم الصمت، ومنها من حول وحرف الأحداث الجارية خلاف ما تؤكده وسائل الإعلام العربية والعالمية بل ومنها من صادق على الرواية الصهيونية نكايةً بالمليشيا الحوثية!
برأيي ما يحدث لا يخدم أحد. لا يخدم الفلسطيينين ولا ما يسمى بمحور الممانعة كما وانه لا يخدم أبدًا المصالح اليمنية. الهجمات التي تنفذها لمليشيا الحوثي تضر الكيان الغاصب اقتصاديًا ونفسيًا ولكن الرد سيكون مؤلمًا ولن يتحمل تبعات ذلك سوى الشعب اليمني من المدنيين الذين يعانون من أزمات عديدة منذ بدء الحرب الأهلية فضلا عن تحمل حرب اقليمية لأجندة خارجية لن يستفيد منها سوى إيران التي لا تريد أن تكون في صراع مباشر مع الغرب وقد رأت أن الصبر الإستراتيجي المتبع في السنوات الأخيرة ادى إلى فقدان أغلب ادواته في المنطقة. وبالتبعية تستفد روسيا في ملف الحرب ضد اوكرانيا وذلك في لفت انتباه العالم والضغط على الغرب بمعارك على ساحات أخرى لتخفيف الضغط عليها. بمعنى تحركات المليشيا تخدم إيران روسيا دون تدخل مباشر منهم، ويتحمل فيها الشعب اليمني ردات الفعل العنيفة والقاسية وقادة المليشيا في مأمن.
شاهدنا جميعًا طائرات سلاح الجو الأمريكي وربما الإسرائيلي وهي تقصف بشكل مؤلم الشعب اليمني وما تبقى من البنية التحتية من موانىء ومطارات ومحطات كهربائي.. ردًا على عنتريات المليشيا.
قلت سابقًا في مقابلة هاتفية مع احدى وسائل الإعلام العراقية بأن المليشيا يلعبون على العاطفة الشعبية لليمنيين الذين تملؤهم المشاعر القومية والإرادة الكبرى في نصرة الشعب الفلسطيني ويحاولون طمس جرائمهم ضد الشعب اليمني الواقع تحت سيطرتهم الإدارية.. وكلما وسأم الشعب من الطغيان والكهنوت.. تهرع المليشيا لتنفيذ أفعال تخفف من الضغط الشعبي تلهي الشعب عما يعانيه تحت وهم محاربة اسرائيل ونصرة الفلسطيينين.. غير انها تعرض الشعب اليمني لمحارق أخرى إلى جانب المحلية.
الحوثيين مجرد بيادق بيد الخامنئي الذي يمارس غطرسته أمام الأمبريالية العالمية غير انه وبقية قادة إيران يعلمون ويدركون جيدًا حجم قدراتهم ومسؤلياتهم فلا يقدموا على حرب مباشرة. بل يلتزموا سياسة الصبر "الصبر الإستراتيجي" في الوقت الذي تم استهداف أكبر قاداتها واكبر حلافائها بمرئ ومسمع من العالم؛ لأنهم لايريدون جر بلادهم لمعارك كبرى لا قبل لهم بها وهم أقوى وأكثر تماسك من مليشيا الحوثي المدعومه ايرانيا.
الحوثيين لا يتحملون تكلفة الصراع غير المتكافئ مع كبرى الدول الغربية التي تتحكم اجهزتها الإستخباراتية في السياسة الدولية.
يسقطوا دول ويدعموا أخرى لما فيه خدمتهم ولما يدر عليهم مليارات الدولارات لتمويل هيمنتهم على بقية دول العالم. بل يحملونها الشعب اليمني. وسنشهد ونرى وقريبًا ما يؤكد أن تألم الغرب لما يحدثه الحوثيين مجرد ذريعة لتنفيذ اعادة خارطة الشرق الأوسط حسب خطط أمريكا واسرائيل والدول الغربية الأمبريالية.
-->