من وحى العيش فى اليمن الحبيب ( ٧ - العنب اليمنى ) 

أشرف عقل
السبت ، ٠٨ مارس ٢٠٢٥ الساعة ٠١:٥٤ صباحاً

 

 

- تعد الزراعة حجر الزاوية في الاقتصاد اليمني ، حيث يعمل بها ما يقرب من ٦٠% من القوى العاملة في البلاد . ويعتمد ما يقرب من ٧٠ % من السكان على الزراعة ، حيث تؤمن لهم مصدرا كريما للعيش . ولكن الصراع الدائر حاليا عرض كافة سبل العيش ، بما فيها الزراعة ، لمخاطر شديدة . فقد شهد إنتاج المحاصيل الزراعية انخفاضاً كبيراً ؛ وتعاني المساعي الحثيثة المرتبطة ارتباطاً مباشراً بالزراعة الأمرين نتيجة لذلك .

- وعلى الرغم من ذلك ، يلعب القطاع الزراعي في اليمن دورا رئيسيا في الانتعاش الاقتصادي للبلاد والحد من الفقر . وكانت الزراعة في السنوات الأخيرة قادرة فقط على تلبية حوالي ٢٥ % من إجمالي الطلب المحلي في اليمن ، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الكثير من السكان يعيشون في المناطق الريفية ، وتشهد الزراعة اهتماماً كبيراً كمصدر لكسب العيش ؛ بينما يستثنى العنب من ذلك ، لأنه محصول نقدي ذو قيمة عالية ، وله سوق كبيرة موثوق بها .

- وقد عُرفت اليمن ، منذ فجر التاريخ ، بأنها أرض الجنتين ، وهى تشتهر بزراعة أنواع مختلفة من العنب ، ولكل نوع منها نكهته الفريدة ولونه وخصائصه الغذائية الخاصة به . وتشير الدلائل التاريخية إلى أن قدماء اليمنيين كانوا يعتبرون ملكة العنب إله من بين آلهتهم ، كما كانت شجرة العنب بالنسبة لهم هى شجرة الحياة التى ترمز إلى الخلود . أيضا يعد العنب المجفف من الهدايا ذات القيمة في اليمن ، حيث يتم تقديمه في حفلات الزفاف وفي الأعياد ، ولا تخلو أي مائدة منه أثناء تبادل الزيارات العائلية . كما أن عصير العنب هو أيضاً مشروب شعبي رائج في اليمن ، وفي بلدان أخرى حول العالم .

- وتنتج اليمن مجموعة متنوعة من العنب ، تختلف في ألوانها وأشكالها ومذاقها ؛ فهناك ما يصل إلى ٦٠ نوعاً من أنواع العنب يتم زراعتها في محافظات صنعاء وصعدة وعمران والجوف ، والتي تتفرد بمناخها الملائم لزراعة العنب بشكل خاص . كما أن هناك ما يزيد عن ٢٣ ألف هكتار من الأراضي الزراعية مخصصة لزراعة العنب ، المحصول الذي يعد أكثر الفواكه المزروعة على نطاق واسع في اليمن ، وهو ما يقرب من ٣٥ % من جميع مزارع الفاكهة في البلاد . وتنتج اليمن حوالي ١٦٣ ألف طن من العنب كل عام . وتشتهر مديرية بني حشيش على أطراف العاصمة صنعاء بزراعة العنب بأنواعه منذ القدم . وتتراوح أعمار أشجار العنب فيها ما بين ٨٠ إلى ١٢٠ عام .

- ونظرا لأن العنب اليمنى يعد من أجود أنواع العنب فى العالم ، وربما لأنه من أهم ما أعتاد الناس على جلبه من اليمن ، شاع المثل العربى الذى يقال لمن عاد خائبا دون تحقيق مأربه " لا طال بلح الشام ولا عنب اليمن " .

- ولأن العنب موجود منذ قديم الزمان فى اليمن ، فهو متجذر فى تراثها وتقاليدها ، ومعظم من كتبوا عن اليمن قديما وحديثا أوردوا ذكرا لليمن فى كتاباتهم ، فهو يطل من كل مافيها ، حتى من أغانيها وأشعارها ونقوشها ، ومن ذلك ما غناه الفنان أحمد قاسم من كلمات للشاعر على محمد لقمان :

من كم تبيعوا العنب

حالى العنب حالى

وأصله عزيز غالى

يا رازقى كم لنا

فى العمر نتمنى

نسهر على حبنا

بالعود والمغنى

- كما غنى له الفنان أبو بكر سالم ، الذى ساهم فى تطوير الغناء الحضرمي ، من كلمات للشاعر حسين المحضار :

صبر عالصبر ساعة

عسى بعد الصبر

تشرب من الحالى

والصبر عند العرب

طاعة

وعقب الصبر

مضمونه

يا زارعين العنب

لم تبيعونه ؟!

- وقد ذكر حسين بن أحمد العرشى فى كتابه " بلوغ المرام فى شرح مسك الختام " ٤٠ نوعا من العنب من أهمها :

- الأشهب ، أصابع زينب ، البياض ، التبوكى ، التربى ، الجرشى ، الجوفي ، الحاتمى ، الشامى ، السيسبان ، الرومى ، الزيتون ، الزيدى ، السكر ، القوارير ، المختم ، عيون البقر ، القزاقز ، القهمى ، الكشمش ، الملاحى ، الناهر ، النشانى ، النهر ، الوادى ، النواسى ، الحسينى ، الحمنان ، الحلوانى ، الجوزة ، الحبشى ، الرازقى ،، وغيرها .

- ويعد الرازقى ملك العنب ، وهو المفضل فى صناعة الزبيب ، وبعد مرور مايزيد على ألف ومئتى عام من تغنى ابن الرومى به ، حيث قال :

ورازقى مخطف الخصور

كأنه مخازن البللور

ألين فى اللمس من الحرير

وريحه كماء ورد جورى

لو أنه يبقى على الدهور

لقرقطوه للحسان الحور

- تغنى به أيضا الفنان فيصل علوى من كلمات أحمد بن فضل القومندان أحد أمراء لحج ، حيث قال :

عرف الند والعود فاح

باسمر هنا للصباح

وباشلك على عاتقى

حالى واعنب رازقى

- ويلاحظ أى زائر لليمن ، خاصة فى شهر يوليو ، أن فى أسواقها مهرجانا من أصناف وألوان العنب اليمنى التى تنتجها المزارع المنتشرة فى مختلف أرجائه ، لا سيما صنعاء ، التى تصدر سنويا ما يقرب من ٨٠ % من الإنتاج اليمنى للأعناب ، وكذلك منطقة صعدة ونواحى الجوف ورداع .

* المصدر : مراجع متعددة .

- الصور أدناه أثناء زيارة لنا إلى منطقة بنى حشيش على أطراف صنعاء ، فى شهر يوليو ٢٠١٤م ، بصحبة عدد من الأصدقاء منهم : د. فتحى السقاف ، أ. على طاهر الخاوى ، فى ضيافة الأخ العزيز المستشار الدكتور شائف بن على جار الله وأهله الكرام .

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي