اليمن: معركة التحرير وحدها لا تكفي... يحتاج إلى توافق سياسي ومشروع دولة أكبر

د. فائزة عبدالرقيب
الاثنين ، ٢٨ ابريل ٢٠٢٥ الساعة ٠١:١٩ مساءً

 

بينما تتجه الانظار إلى العمليات العسكرية كحلٍّ مرتقب لأزمة اليمن، تغفل حقائق اعمق: فالمعركة الحاسمة ليست فقط في ميادين القتال بل في القدرة على بناء مشروع وطني يستوعب التحولات العميقة التي عصفت بالبلاد. ومع كل تأخير للحل الشامل تتزايد مخاطر التقسيم والاحتراب الداخلي مما يجعل التوافق السياسي ومشروع الدولة اكبر من مجرد معركة تحرير.

 

رغم التصريحات المتفائلة بقرب العمليات البرية لتحرير المناطق الخاضعة للحوثيين الا أن الواقع يكذب هذه التوقعات، فلا عملية مرتقبة ولا تبدل جوهري في موازين القوى ولا شروع فعلي في تنفيذ أي خطة عسكرية جادة بل إن غياب التوافق السياسي داخل المجلس الرئاسي وافتقار الشرعية لمشروع سياسي واضح للمرحلة القادمة يمثلان جوهر الأزمة.

 

الاخطر من ذلك أن مناطق الشرعية نفسها تتجه نحو التشظي والانقسام بفعل الحسابات الضيقة والصراعات العبثية على النفوذ. هذا الانقسام لا يهدد فقط حلم استعادة الدولة بل ينذر بإعادة انتاج الفوضى وانتعاش الإرهاب، وتوسيع شبكات تهريب السلاح وخلق بؤر اضطراب اقليمي تهدد امن الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن.

 

في ظل هذا الوضع، يزداد الحديث عن الحل السياسي كخيار محوري لضمان وحدة اليمن بعيدًا عن نموذج الوحدة الاندماجية التقليدية التي تجاوزتها حقائق الصراع والانقسامات العميقة. الخيار الواقعي يكمن في بناء دولة اتحادية مزمنة، تتكون من اقاليم متعددة بصلاحيات واسعة ضمن نظام لامركزي حقيقي مع الحفاظ على السيادة الوطنية ووحدة القرار السيادي وفتح المجال للاقاليم مستقبلاً للتعبير عن خياراتها ضمن ترتيبات دستورية صارمة.

 

تحقيق هذا الهدف يتطلب تفاهمات سياسية عميقة وجادة بين مكونات الشرعية اليمنية وبدعم فاعل من السعودية والإمارات وسلطنة عمان والمجتمع الدولي وفق مقاربة واقعية تدرك التحولات الإقليمية والدولية.

 

اليمن اليوم أمام مفترق طرق: إما تأسيس دولة اتحادية عادلة تحفظ المواطنة والسيادة ضمن تنوعه، أو الانزلاق إلى مستنقع التقسيم والاحتراب. المعركة الأهم لم تعد في جبهات القتال بل في معركة وعي وطني جامع يؤسس لمستقبل جديد لا ينتظر المترددين ولا يرحم المتقاعسين عن صناعة الفرصة الأخيرة.

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي