ليس جديدًا هذا "الاكتشاف العاطفي" الذي أعلن عنه الرئيس الإيراني، فهم لم يكونوا متخاصمين يومًا حتى نعتبرها مصالحة. الفرق الوحيد أنهم كانوا يجيدون التمثيل، بينما كنا نحن المغفلين الذين يصفقون لهذا المشهد أو ذاك، غير مدركين أن المسرح كله بُني فوق أرضنا، وأننا الوحيدون الذين ندفع ثمن تذاكر العرض بدمائنا وأوطاننا!
لقد كانوا إخوة منذ الأزل، إخوة في تقاسم النفوذ، إخوة في إعادة رسم الخرائط، إخوة في زرع الفوضى وإدارة الصراعات من خلف الكواليس. بينما كنا نحن المغفلين، نبحث عن حليف هنا، ونرجو إنصافًا هناك، ونستيقظ كل يوم على حرب جديدة، وخيانة جديدة، ودرس جديد في سذاجتنا السياسية!
منذ متى كان "الشيطان الأكبر" عدوًا حقيقيًا لإيران؟ ألم يكن هو من قدم لها العراق على طبق من ذهب بعد 2003؟ ألم يكن هو من فتح لها أبواب أفغانستان لتتمدد كما تشاء؟ ألم يكن هو من أتاح لها فرصة زرع أذرعها في كل عاصمة عربية؟!
ومنذ متى كانت إسرائيل تخشى إيران حقًا؟ ألم يكن العداء الإعلامي بينهما مجرد ضوضاء تغطي على تفاهمات غير معلنة، حيث يستفيد الطرفان من تدمير كل دولة تمتلك مقومات النهوض؟ ألم تكن الضربات المتبادلة مجرد "تنسيق أمني" غير مباشر، حيث يُسمح لكل طرف أن يتمدد بالقدر الذي لا يهدد الآخر، بينما تبقى النار مشتعلة فقط في أراضي المغفلين؟
أما الغرب، فهو الأب الروحي لهذا التحالف، يحرّك قطع الشطرنج كما يشاء، مرة تحت راية "مكافحة الإرهاب"، ومرة باسم "حماية الديمقراطية"، ومرة تحت شعار "احتواء إيران"، وكل ذلك بينما المغفلون يتنقلون بين الموت في الحروب، والموت في اللجوء، والموت في أوطانهم التي تحولت إلى أنقاض!
إذن، لا جديد في اعتراف الرئيس الإيراني، سوى أنه لم يعد يرى ضرورة لإخفاء الحقيقة، بعدما أصبحت الفوضى أمرًا واقعًا، وأصبح المغفلون – مرة أخرى – وقودًا لحروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل!
-->