كرسي الحلاق

صفوان سلطان
الاربعاء ، ١٢ مارس ٢٠٢٥ الساعة ١٠:٤٥ مساءً

 

في زقاقٍ ضيق من أزقة المدينة العتيقة، يرتفع محل الحلاقة المتهالك كأنه شبحٌ من زمنٍ مضى، تحكي جدرانه المتشققة ورقاق الطلاء المتساقطة قصة معاناةٍ وأحلامٍ تلاشت في خضم الزمان. داخل هذا الركن المنسي، يقبع كرسي الحلاقة العتيق؛ رمزٌ لصراعٍ على لقطة من الشهرة العابرة، حيث تتحول جلسة الحلاقة إلى ساحة معركة تجمع بين من يمتلكون الثراء وهمى وبين آمال لا تنضب بصمت المارة.

 

في لحظةٍ حاسمة، يجلس أحد الأثرياء على الكرسي، ويبدأ في خوض معركة حامية مع الآخرين؛ إذ يجلسون جميعًا في صفٍ من الصمت المحمّل بالتوتر، ينتظرون اللحظة المناسبة للقفز فوق الكرسي وتولي موقع القوة الرمزية التي لا يدوم نصيبها لأحد. هنا، يتحول الكرسي إلى مسرحٍ للتنافس الحاد، حيث يلتقي الطموح مع الخوف، والحلم مع الواقع المرير؛ كلهم يتبارون في صمتٍ مشوبٍ بالانتظار، عيونهم تلمع بمزيج من الطموح والجشع، بينما القلوب تخفق على إيقاعٍ لا يعدو أن يكون رقصة أمل زائل.

 

أما أمام المحل، فيكتمل المشهد بانعكاس حياة الحي بكل تناقضاته؛ فالمارة، الذين يحملون وجوههم حكايات عن صبرٍ مُنهك، يقفون متجمعين، وكل منهم يمثل صورةً من صور معاناة المدينة. هنا تتلاقى أرواح من طبقات متفاوتة، يروي كل منهم قصة نضال في زمنٍ بات فيه الثراء رمزاً للقوة الزائلة، والكرسي معركةً لا تعدو أن تكون رمزًا لتقلبات الأحوال والظروف.

 

بهذه المعركة الرمزية على كرسي الحلاقة، يتجلّى واقعٌ قاتم يشهد تنافسًا بين النفوس التي لا تجد في السلطة سوى سرابًا عابرًا؛ حيث أن من يجلس على الكرسي اليوم يخوض صراعًا مع باقي الأثرياء، القابعين في صمت، مستعدين للقفز في أي لحظة لاحتلال المكان الذي يعد وعدًا فارغًا بسلطة لا تدوم.

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي