"اضرب الوِطاف ليفهم الحمار"... تنطبق تمامًا على مهدي المشاط!

د. علي العسلي
الاثنين ، ٢١ ابريل ٢٠٢٥ الساعة ٠٦:١٣ مساءً

 

في المشهد اليمني الكارثي، لا يزال العبث سيد الموقف لدى جماعة الحوثي، وتتكشف الوجوه الحقيقية لمشاريعها التدميرية، حين يطل علينا "مهدي المشاط" مترئسًا ما يُسمى بـ"مجلس الدفاع الوطني"؛ مجلس لا يستند إلى أي شرعية دستورية أو قانونية، ومع ذلك فهو يعاني حتى من غياب أبرز رموزه المفترضين—وزير الدفاع، وزير الخارجية، ورئيس ما يُسمى بمجلس النواب!

تحوّل هذا المجلس إلى نادٍ مغلقٍ على فئة سلالية لا تمثل اليمنيين، ولا تُعبر عن طموحاتهم الوطنية. صار مجلسًا حوثيًا بامتياز، يجتمع فيه من تبقّى من بقايا الإمامة وخَدَمة المشروع الإيراني.

وفي خطابه الأخير أمام ذلكم المجلس، بدا المشاط كمن يعيش في واقعٍ غير الواقع، يخاطب من اجتمع بهم وكأنهم يجهلون الحقائق، أو كأن اليمنيين غائبون عن الوعي، متقمصًا دور الخبير الأمني والعسكري—كل الرُتب على كتفيه والنياشين والأوسمة انتحال—والدبلوماسي في آنٍ واحد، متقلبًا في مواقفه، متناقضًا بين ادعاء التحدي والانكسار، بين الحديث باسم "الشعب" والتوجيه بالإعدام لمن يشكّ فيهم أو من قد يخالفهم!

ولأن الخطاب لا ينبض بأي حسٍ ديني أو وطني أو إنساني، فقد خلا من أي إشارة للشهداء الذين سقطوا بنيران الطائرات الأمريكية. لم يقرأ عليهم الفاتحة، ولم يُقدّرهم بدقيقة صمتٍ أو دعاء... وهذه إهانة لا تُغتفر للشعب اليمني، وحتى لأتباعه!

المشاط وجماعته يُتقنون استدرار العطف والتظاهر بالمظلومية، لكن الحقيقة أنهم لا يرون في اليمنيين سوى وقودٍ رخيص لمعركةٍ تُدار لمصلحة طهران.

ومن عجائب ما ورد في خطابه، تباهيه بـ"الإنجازات الأمنية" التي تعتمد على بلاغات الأطفال والمواطنين لكشف الجرائم! فأين ذهبت قدرات "الاختراق الأمريكي" التي يتغنّون بها؟

من يدّعي أنه امتلك معلومات مؤكدة قبل وقوع العدوان فأفشله وقلّل الخسائر، وأنه موّه الأمريكان حتى طوّر من قدراته التي عطّلت الاعتراض الكهرومغناطيسي وباتت على مقربة من إسقاط القاذفات B2 الأمريكية... يحتاج لطفل ليكشف له جريمة محلية؟ ثم لا يستحي فيدّعي ما ادّعى... أي مهزلة هذه؟!

يصف الرئيس الأمريكي بالمعتوه! فمن المعتوه منهما؟ من يقول ويَضرب أم من يدّعي ويُضرب؟!

بلغ بمهدي المشاط الوهم مبلغًا جعله يُقارن جماعته بتجاوز قدرات الصين وروسيا، بل ويدّعي القدرة على تجاوز المنظومات الكهرومغناطيسية وتطوير قدرات لإسقاط قاذفات B2!

لم يكتفِ بذلك، بل وجّه بفرض عقوبات على شركات السلاح الأمريكية، وكأن جماعته تشتري منها السلاح!

لكن ذروة الكارثة جاءت حين قدّم المشاط التهنئة الصريحة لإيران على "نجاحها" في تخفيف العقوبات الأمريكية، وبارك لدبلوماسيتها هذا "الإنجاز"، مدعيًا أنه كان من الداعمين والمشجعين لها!

فقد قال المشاط في خطاب الأمس:

"أتوجّه بالمباركة لنجاح الدبلوماسية الإيرانية في حلحلة مشاكلها مع خصومها، كما دعمناها وشجعناها وباركنا لها في نجاحها مع السعودية، والآن في حلحلة ملفاتها من خلال حرص دبلوماسيتها ونجاحها الباهر في رفع العقوبات عنها. نبارك ذلك ونُشيد بنجاح الدبلوماسية الإيرانية في ذلك."

تصريح لا يُظهر سوى ولاءٍ مطلق لطهران، وانكشافٍ تام لوظيفية جماعته كمجرد أداة تفاوض وضغط بيد النظام الإيراني.

كيف يُعقل لقائدٍ – يدّعي مواجهة أمريكا – أن يُثني على نجاح لم يحصل بعد؟!

إيران ذاتها لم تدّعِ النجاح، بل تُشكك بأمريكا ولا تثق بها!

بينما المشاط يُخبرنا بالنجاح الباهر قبل وقوعه، كما أخبرنا بإفشاله للعدوان الأمريكي قبل حدوثه، مستندًا إلى معلومات زعم أنه حصل عليها مسبقًا، في الوقت الذي لا يزال فيه العدوان في ذروته!

المشاط يبدو أنه وصل إلى اختراق عقول المفاوضين الأمريكيين والإيرانيين، فأخبرته حاسته أن أمريكا ستتنازل لإيران، وبالتالي نجحت الدبلوماسية الإيرانية! كما أخبرنا بأن العدوان على اليمن قد فشل وأن الحوثي انتصر!

ويا ليته أكمل فقال: إن نجاح الدبلوماسية الإيرانية لن يتم، إلا بمقدار تحمّلنا للضرب الأمريكي!

والسؤال يا أهل اليمن الحكماء...

هل بات اليمن حلبةً لتصفية الحسابات الدولية؟ هل تحوّل دمُ اليمنيين إلى مجرد أوراق مساومة لتحسين صورة إيران ولتحسين شروطها في ملفها النووي؟!

هنا تتكشّف الحقيقة بجلاء!

ما يجري في اليمن ليس أكثر من دور وظيفي مفضوح، تُؤديه جماعة الحوثي كأداة تدمير مأجورة، تُنفّذ المهام القذرة نيابةً عن إيران، ويدفع اليمن – أرضًا وإنسانًا – ثمن تحسين العلاقات الإيرانية الأمريكية!

هذا التصريح الكارثي يكشف حقيقة ما يجري.

لا عدوان أمريكي كما يزعمون، بل تحالفٌ مستتر، وتوزيعٌ للأدوار، واستثمارٌ لدماء اليمنيين في بازار المصالح الإيرانية.

تصريحه يوم أمس يُعد دليلًا قاطعًا على خيانة وطنية عظمى، ينبغي أن يُعرض فورًا على مجلس القيادة الرئاسي وعلى القضاء الوطني، ليُحاسب المشاط وقادة جماعته على تضييعهم للدم اليمني، وتفريطهم في السيادة الوطنية، ومحاكمتهم بتهمة الخيانة الوطنية.

بتصريحه هذا... لقد سقطت أقنعة المظلومية الزائفة، ولم يعُد يُقنع أحدًا بادعاءاته عن "العدوان الأمريكي ضدهم بسبب موقفهم الإنساني مع غزة"،

إذ كيف يتباكى على غزة، وهو يُبارك لإيران نجاحها في التفاوض مع من يقصفون اليمن ويموّلون الكيان الصهيوني لإبادة غزة؟!

دورك ووظيفتك يا مشاط مفضوح... هو أن تكون "الوِطاف" الذي يُضرب علنًا، لكي يفهم الحمار هناك في طهران!

أما آن لك أن تعي أنك، مهما تحملت أنت وجماعتك، فإنكم لستم إلا أداة في يد غيركم، يُسيّرونكم كما يشتهون؟!

أتوقف هنا... فلا تعليق على بقية تفوهاته... لقد قال كلمته، وسقط القناع.

وإنّ كل محاولاته في تبرير العدوان الأمريكي على اليمن، بزعم "الموقف الإنساني من غزة"، تتهاوى أمام هذا الولاء الصريح لإيران، الشريك الفعلي للولايات المتحدة في اللعبة السياسية في المنطقة، والداعم الأساسي لكيانه الوظيفي في صنعاء.

فالمشاط لم يكن يومًا مقاومًا، ولا سياسيًا، ولا حتى صاحب قرار...

بل هو مجرّد منفّذ لدورٍ مرسوم، يؤدي وظيفته بإتقان على حساب وطنٍ أُنهك بالحرب والدمار والمؤامرات.

وصدق المثل اليمني: "اضرب الوِطاف ليفهم الحمار"...

ولكن يبدو أن الوِطاف لا يفهم، ولا يشعر، ولا يستيقظ!

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي