تدبّر حب الله للمتوكلين
الآية: "فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ"
[آل عمران: 159]
الآية الكريمة تحمل في طيّاتها توجيهًا ربّانيًا عظيمًا، يجمع بين الحزم والتفويض، بين اتخاذ القرار والعمل، وبين الاعتماد على الله والثقة بوعده ونصره.
المعنى: إذا استكملت التفكير والشورى — أي ممارسة الديمقراطية عبر الاستشارات، والاعتماد على المرجعيات (الدستور، القوانين النافذة، والمؤسسات التشريعية) — وبان لك وجه الصواب، فلا تتردد، بل امضِ في تنفيذ الأمر بعزم وثقة.
بعد أخذ الأسباب، والتجهيز، والإعداد، والاستشارات، يأتي التوكل، وهو لا يعني التواكل أو الكسل، بل هو السعي مع اليقين بنجاح المسعى أو قبول المصير. والمراد هنا: الانتصار.
والنتيجة: أن الله يحب المتوكلين، وما دامت محبة الله حاضرة، فعلى صاحب القرار أن يراعي الله في قراره وتصرفه، وفي قيم الحرب، وتقليل الأضرار في الأرواح والممتلكات.
محبة الله للمتوكلين تشريف عظيم، وهي ثمرة يقينهم به، وثقتهم بأن ما عنده خيرٌ مما عند الناس.
رسائل وعبر في السياق القرآني:
جاءت هذه الآية في سياق الحديث عن غزوة أُحد، بعد أن استشار النبي ﷺ الصحابة، وعزم على الخروج، فكانت رسالة للقيادة والأمة معًا: الشورى، ثم العزم، ثم التوكل.
هذا الترتيب القرآني يعلمنا فقه القرار:
لا استعجال بلا مشورة، ولا تردد بعد عزم، ولا اعتماد إلا على الله.
ربطًا بما سبق من ذكر للمحسنين والمتقين، فإن الإحسان والتقوى سياجان يحوطان التوكل الحق؛ فالمحسن لا يعمل إلا بإخلاص، والمتقي لا يتوكل إلا على مولاه. وهما أركان نفسية وروحية لصحة التوكل.
فمتى يا ترى يتدبّر الرئيس العليمي هذه الآية، ويتخذ قراره، ويستعيد الدولة، ويجنّب اليمن مزيدًا من العدوان الخارجي، وينهي المستعمر الداخلي؟
دعاء روحاني من وحي الآية:
اللهم إنا نسألك عزمًا لا يلين، ويقينًا لا يتزعزع، وتوكلاً صادقًا عليك في كل أمرنا.
اللهم اجعلنا من المتوكلين عليك حق التوكل، وارزقنا محبتك ورضاك، كما أحببت المتقين والمحسنين.
اللهم خِر لنا، وليمننا واليمنيين، واختر لنا وارضِنا بما قسمت، ووفّقنا لما تحب وترضى، واجعلنا ممن إذا عزم وثق بك، ومضى بعينك ترعاه، وبيدك تقوده، إنك أنت الوكيل الحفيظ.
اللهم وفق رئيسنا للحفاظ على اليمن: أرضًا، وشعبًا، وسيادةً، وقرارًا.
اللهم احقن دماء شعبنا، وأبرم لنا رشدًا من عندك.
وجمعة مباركة على الجميع.
-->