نيران هائلة تطوق القدس المحتلة: كارثة طبيعية غير مسبوقة تهز المنطقة

لؤي العزعزي
الاربعاء ، ٣٠ ابريل ٢٠٢٥ الساعة ١١:٥٧ مساءً

في تطور مفاجئ وسريع، اجتاحت سلسلة حرائق ضخمة وغير مسبوقة المناطق المحيطة بالقدس المحتلة، لتتحول إلى ما وصفته وسائل الإعلام بواحدة من أكبر الكوارث الطبيعية التي تشهدها الأراضي المحتلة. وقد نقلت تصريحات مروعة عن قائد فرق الإطفاء التابعة للاحتلال، الذي وصف هذه الحرائق بأنها "أكبر حرائق تشهدها البلاد على الإطلاق"، مما يعكس حجم الكارثة وعمق تأثيرها.

الصور المتداولة وثقت مشهدًا كارثيًا، حيث ألسنة اللهب تلتهم بلا رحمة مساحات شاسعة من الغابات والجبال الممتدة بين تل أبيب والقدس المحتلة. هذا الوضع المأساوي أجبر أعدادًا كبيرة من السكان على النزوح بحثًا عن الأمان، بينما أدت النيران إلى قطع أوصال المنطقة بإغلاق الطرق الرئيسية التي تربط المدن. وفي محاولة يائسة للسيطرة على النيران الهائلة التي لم تشهدها المنطقة مثيلًا من قبل، شوهدت طائرات مروحية تحلق في سماء المنطقة، لكن يبدو أن قوة النيران تتجاوز القدرات المحلية.

ظروف جوية قاسية تذكي نيران الغضب

تشير التقارير إلى أن شرارة هذه الكارثة بدأت حوالي الساعة التاسعة والنصف من صباح يوم الثلاثاء، الموافق 30 أبريل، وهو يوم يحمل رمزية خاصة لدى الاحتلال كونه ما يسمى بـ "يوم الشهداء" وعيدًا قوميًا. وقد اندلع الحريق بشكل مفاجئ في غابة "إشتاؤول"، لكن سرعان ما تحولت البداية المتواضعة إلى جحيم مستعر بفضل الرياح القوية التي ساهمت في انتشاره الهائل قبل أن تتمكن فرق الإطفاء من التدخل الفعال.

الأخبار الواردة من قلب الحدث أكدت أن النيران انتشرت بسرعة مذهلة في جميع الاتجاهات، ولم تترك في طريقها إلا الدمار. الأشجار العريقة تحولت إلى رماد، والمنازل ابتلعتها ألسنة اللهب، والطرق أصبحت غير سالكة، بينما وجدت أحياء سكنية بأكملها نفسها محاصرة بين فكي النيران. وقد لعبت الظروف الجوية القاسية دورًا محوريًا في هذا الوضع المتفاقم، حيث تجاوزت درجات الحرارة الأربعين درجة مئوية، وانعدمت الرطوبة في الجو، ووصلت سرعة الرياح إلى 100 كيلومتر في الساعة، مما جعل مهمة السيطرة على الحريق في بدايته شبه مستحيلة.

نزوح جماعي وشلل في الحياة واستغاثة دولية

في غضون ساعات قليلة من اندلاع الحريق، كانت الأنباء تتحدث عن إخلاء كامل لست بلدات، وهو ما يعكس حجم الخطر الذي يهدد حياة السكان. كما تم إغلاق شرايين رئيسية مثل شارع 1 وشارع 3، مما أحدث شللًا في حركة التنقل. وامتد تأثير الكارثة ليشمل تعطيل حركة القطارات وإلغاء الاحتفالات العسكرية والدينية، وحتى إغلاق المعابد التي حاصرها الدخان الكثيف.

ومع اتضاح حجم الكارثة وعجز السلطات المحلية عن السيطرة عليها، لم تجد حكومة الاحتلال بدًا من توجيه نداء استغاثة دولي عاجل إلى دول مثل اليونان وإيطاليا وبلغاريا، طلبًا للمساعدة في إخماد النيران. كما قررت اللجوء إلى استخدام طائرة الإطفاء العملاقة "DC-10"، المعروفة بـ "الوحش الجوي"، في محاولة لاحتواء الكارثة المتفاقمة.

استمرار النيران وتساؤلات ملحة حول الأسباب

حتى لحظة كتابة هذه السطور، لا تزال النيران مستعرة وخارجة عن السيطرة، مما يثير قلقًا بالغًا بشأن المستقبل القريب. ويأتي هذا الحادث المروع بعد أسبوع واحد فقط من اندلاع حريق ضخم آخر في نفس المنطقة، والذي أتى على مساحة تقدر بنحو 10,000 دونم من الأراضي، مما يطرح تساؤلات جدية حول الأسباب الكامنة وراء هذه الحرائق المتكررة.

وقد نقلت وسائل الإعلام تصريحًا لقائد الإطفاء التابع للاحتلال أعرب فيه عن عدم وجود معلومات واضحة حتى الآن حول الأسباب التي أدت إلى اندلاع الحريق الحالي، مما يزيد من حالة الغموض والقلق. وفي ظل هذه الظروف الصعبة، أعلنت سلطات الاحتلال حالة الطوارئ القصوى، وتشير آخر التحديثات إلى أن السيطرة على الحريق لا تزال بعيدة المنال، وأن الجهود المبذولة تواجه صعوبات جمة في مواجهة قوة النيران الهائلة والظروف الجوية المعاكسة.

 

لؤي العزعزي

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي