الاتجار بمستقبل اليمن.. مازالوا يخاطبون الملك فيصل

د. هاني جازم الصلوي
الاثنين ، ١٧ فبراير ٢٠٢٥ الساعة ٠٧:٠٩ مساءً

 

 

الاتجار بالمستقبل وانعدام اليمن الافتراض-واقعي:

استغلاق إنتاج الهويات الفاعلة

                                      الفساد التربوي وسمسرة المنح التعليمية

    ما يعالجه التحول الرقمي والإدارة المسؤولة

لم يعد ثمَّة من شكٍ في ضرورة ترك المجال الواقعي بمعناه الكلاسيكي والصعود صوب العوالم لا الرقمية ولا الإلكترونية فحسب بل الإفتراضية وما بعدياتها حيث يتخذ الواقع؛ مجموعا ومتفرِّعًا بلا نهاية أشكالًا أكثر حيوية ومغايرة وتقلُّبًا بالمعنى الفاعل الذي ظل حتى الأمس القريب ذهنيًا صرفًا وأكثر إيغالا في الرمزية مع ما بعد الحداثة وصار فضاءات تجسيدية شاسعة واسعة التوالد والتخلق والحسم والفعل.

لا يقتضي الفعل خلال سائر المعمورة ودولها الصغيرة والعملاقة المتناثرة في قارات وجزر العالم القديم والجديد إنشاء خطة محكمة لسياقات إلكترونية محكمة الهياكل والتقسيمات بتفريعاتها والبرامج ـ لا سيما دول العالم المتقدم ــ بقدر ما يتطلبُ إتاحة كل ممكنات التقنية ذات القدرات والتماوجات الشبكية المفتوحة والتي لا بد ـ لا مناص ـ من أنها سوف تنمو وتتشاهق وتتطور من تلقاء نفسها مع الاستعمال، بحيث يستطيع المواطنون كآفة ممارستها، لا استعمالها، فتغدو شعبية سهلة فالشبكة العنكبوتية لم تتطور إلا بعدما صارت شعبية بعد منتصف تسعينيات القرن المنصرم، كما إتاحة أنظمة الاتصال في فرنسا للجمهور ومنحه صلاحية العمل عليها وتعديلها مثَّل سببًا رئيسًا في تطور الاتصالات في وقتٍ ما من الربع الثاني من القرن العشرين.

لا فعلية مثل الإتاحة وتمكين فضاءات الشبكة وآفاقها من الحركة والتخلق والتطور، وقد بلغ الحماس أقصاه ــ وهو ليس حماسًا في حقيقته بقدر ما هو إدراك برجماتي للمستقبل ــ لدى الولايات المتحدة الأمريكية أقصاه فأطلقت ما عرف بتقرير " دعي بـــ توافق التقنيات من أجل تحسين القدرات الإنسانية. تكنولوجيا النانو، تقنيات المعلومات و العلوم المعرفية ( الولايات المتحدة 2002)" مما دعى الاتحاد الأوروبي إلى إطلاق بيان شبه مضاد دعاه بــ " التقنيات المتحدة الهدف. نحت مستقبل المجتمعات الأوروبية (الاتحاد الأوروبي 2004)." غير أنه ما لبث أن تراجع عن ذلك فتابع الأمريكيين في تقرير مواكب أسمي بــ" تحسين الإنسان، الزيادة إليه (الاتحاد الاوروبي 2009)."

إن القضية/القضايا هنا لم تعد تقف عند إنشاء كيانات إلكترونية/رقمية، ومتاحياتها بل تعدى كل ذلك إلى تحسين الإنسان، ولعل في هذه التقارير الثلاثة وموازياتها في الغرب ما يناقض تقارباتها ومعاصراتها لدى الكتلة التقنية الرقمية الشرقية، ولا نعني بالطبع الكتلة الشرقية الاشتراكية أيام الحرب الباردة وما تلاها؛ بل بنى التقنية العملاقة في الصين وكوريا الجنوبية واليابان ـ وإن كان هوى بعض هذه البنى غربيًا! ـ وسنغافورة وماليزيا وحتى روسيا المهوسة بالتسلح وفرض حضورياتها وسلطاتها وغير هذه شرقًا؛ حيث تضع رؤى وفلسفات الشرق الإنسان على رأس اشتغالاتها وهو ما لا يعني إهمال الغرب ـ لا سيما الأمريكي منه! ـ للإنسان حين يطرح ما بعد الإنسان، ومع مؤسسة أمريكية رائدة مثل مؤسسة المفردة!

   سوف يبرز أمام ناظرينا سؤال ماذا عن اليمن؛ بما أن العنوان يشير إلى ذلك ويضع اليمن على محك اشتغاله! ماذا عن الحكومة الإلكترونية في اليمن وماذا عن التعليم الإلكتروني؟! ماذا عن الدولة الافتراضية بما هي كيانات متحركة فاعلة أكثر واقعية لا بديل عنها البتة!

إننا بحاجة؛ لنمضي في بحث معضلات عدم وجود حكومة إلكترونية في اليمن وماذا جرَّ ذلك على اليمن من ويلات؛ بحاجة إلى الإشارة إلى أن هذه المقاربة لا تضع البحث في الحكومة الإلكترونية في اليمن والتعليم الإلكتروني بحثًا دقيقًا في قائمة أهدافها بقدر ما ستباحث ذلك من بعيد محاولة وضع اليد على لب القضية-الإشكالات، مع تأكيدها ـ هذه المقاربة ـ على أنَّ استعمالها مصطلح إلكتروني ورقمي لا يعدو كونه استعمالًا ذرائعيًا مؤقتًا في الطريق إلى الافتراضي بل الشبكي اللامتناهي.

تعود بدايات تناول موضوع الحكومة الإلكترونية في اليمن ـ بحسب الباحث د. يحيى الربوي ـ إلى نهاية عام 2001م حيث نظمت وزارة الاتصالات آنذاك ندوة بعنوان( " انظلاقة يمنية نحو تقنية المعلومات"- وزارة المواصلات صنعاء)، ثم تتابعت الجهود باتجاه إعداد وثيقة لمشروع الحكومة الإلكترونية وسمي" البرنامج الوطني لتقنية المعلومات" وهو برنامج أقره مجلس الوزراء في نوفمبر 2002م .

ناقش الباحث في ورقته تلك وضع اليمن المعلوماتي حسب ما أورد تحت نقطة هدف الدراسة، كما بحث ـ تطرَّقَ بتعبيره إلى ـ مشروع الحكومة الإلكترونية في الجمهورية اليمنية؛ مسلِّطًا الضوء على واقع المشروع الحالي وسيره ـ بالطبع في حينه حين كانت الدولة موجودة ولو شكليًا ـ ومكامن قصوره ونقاط ضعفه بقصد تجاوزها ـ بلفظه ـ خالصًا كما يقول إلى تكوين رؤية ومنهاجية علمية تتعلق بالمشروع ومستقبله في اليمن بما يتوافق مع خصوصيات الواقع اليمني ....

كانت التفاتة الباحث إلى أن إنشاء حكومة إلكترونية لا يتعلق بالبنية التقنية فقط بل بتغيير في البنية المجتمعية برمتها من كل النواحي من أهم التفاتات هذه الدراسة على قصرها.

استعان الكاتب بجملة من الجداول الإحصائية مثل جدول رقم (1 :( دليل استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للعام 2006في 18 دولة من موقع مرآز أبحاث اقتصاد المعرفة في الشرق الأوسط (مدار) com.madar.www وهو دليل تقع اليمن فيه في آخر القائمة قبل الدولة الاخيرة. السودان. وكذلك الحدول رقم ٢ الذي يبين (أن عدد الحواسيب المنتشرة في اليمن قد بلغ (210000(جهاز حتى نهاية العام 2004م, وبمعدل (01.1 (جهاز لكل (100 (نسمة من السكان. وعند مقارنة قيمة هذا المؤشر في اليمن بقيمته بالمتوسط العالمي الذي يصل إلى (10 (أجهزةً لكل (100 (نسمة, فإنه يظهر مدى التدني الكبير لعدد الحواسيب في اليمن عن المتوسط العالمي بشكل عام. وعموماُ فإن أعداد لحواسيب يتزايد بصورة متنامية عبر استيرادها ,حيث إن التوجه للاستثمار في مشاريع الصناعةالتجميعية لمكونات الحاسوب لايزال قيد التنفيذ. نفس المرجع

يستخدم الكاتب، أيضًا، جداول أخرى وتتعلق الأمور عنده بالعتاد-أجهزة الحاسوب وقلتها وما تسبب قلتها من ترد تقني بجانب قلة المستخدمين. وهو ـ الباحث الربوي ـ ينتقد بوابة الحكومة الإلكترونية اليمنية المنشأة في العام 2003م بمبلغ مئة وخمسين ألف دولار وكيف أنها لم تقدم شيئا.

كيف نتعامل مع هذه الدراسة ومثيلاتها اليوم؟!

الاستناد إلى اللحظة الزمنية المتخلق فيها الفعل

ومعايير الحكم على التجربة

ربما كانت دراسة الربوي السابقة ٢٠٠٦ومقالاته الأخرى بشأن الحكومة اليمنية الإلكترونية ودراسات وأبحاث أخرى يمنية وعربية من نفس الفترة، ينطبق الاسقاط على الدول العربية وفي نهاية قائمتها اليمن وكثير من دول العالم الثالث ولا ينطبق على العالم المتقدم إن جازت التسمية، ربما كانت مفيدة وقد كانت كذلك حينها، لكن الأمر اليوم مختلف تمام الاختلاف وقد أمسى معظم ما ينطبق على العالم المتقدم هو عينه في المعظم ما ينطبق على العالم الثالث وحتى على العالم الاكثر تخلفا. لا سيما مع الهواتف الذكية وما قدمته وتقدمه من فعل لحظي متغير وخلاق. فأصبح لابد من استراتيجيات جديدة وسيكون من الأفضل القول لا بد من تموقعات جديدة. وفعليات متبادلة أجد.

عوالم الأجد الذكي، واليمن

  تتساوى اليمن وغيرها حاليا وعدد وفير من الدول في هذا الشأن بعد صيرورة الارتباط الشبكي وحركات الذكاء الهاتفي رغم ضياع الشكل والقوام المتجسد للدولة في اليمن وتفرق جغرافيتها أيدي سبأ بين القوى التي منها القاعدة والحوثي والحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي ووو رغم ما تعيشه اليمن من تعنتات رقمية واتصالية الحقت بالمواطن الكثير من الأذى الافتراضي مثل تلك الواقعة التي وجد فيها المواطن نفسه بين عشية وضحاها صفر اليدين من حسابه الهاتفي المرتبط بشركة يو You.. فانقطعت بسبب توقف اتصالات الشركة وحساباتها أواصر المستخدم الهاتفي وروابطه التي منها ارتباطاته العائلة فلم يفق من الصدمة ويعيد جزءا من تواصلاته الا بعد فترة طويلة ولعل كثيرًا من هواتف المستخدمين بعدن مازالت برامجها الاجتماعية الرقمية لاسيما منها الواتس اب على أرقام شركة يو او 73 وهي واقعة لا يمكن حدوثها إلا في اليمن.

تمثِّل تجربة الامارات الرقمية من الحالات الصحية الفاعلة التي تمكن الإحالة إلى جديتها في تبني الرقمية وهو سياق لا أدل على نجاعته من إنشاء محمد بن زايد في اليوم التالي لتوليه الحكم أكثر من وزارة متعلقه بالتقنية والتكنولوجية والتعليم الرقمي والمبكر. إنه لشأن في غاية الحيوية، بحيث لا يمكن وسم هذه التجربة سوى بالابتكار والإدراك الرقمي الفاعل وإن ظلت مرتبطة بشكل كبير منها بالهياكل الإلكترونية وبناها المحكمة لا بالتفاعل والإنتاجية وهو ما ستصل إليه في القادم بلا ريب ما دامت قد شرعت في الفعل الشبكي.

  عمَّت الهواتف الذكية اليمن من وقت قريب قبل ثورات الربيع العربي أسوة بغيرها من الدول، العربية تحديدا، وبالتالي أصبحت تقلبات وانتاجيات الفعل الهاتفي تغطي جغرافيا السعيدة من أقصاها إلى أقصاها.

لم يعد هناك فرق او امتياز إذن!

بالطبع لم يعد هناك فرق اليوم، وإذْ نؤكد مثل هذا سنستفهم: ما الذي ينقص اليمن إذن ليفيد الشعب من اندياحات الفضاء الإلكتروني ويتموضع داخل مراجله الخالقة ؟!!

الحلول الرقمية الأكيدة

الالتئامات الافتراضية الخصبة:

  لا يخفى تفوق المستخدم الهاتفي في اليمن-المواطن، ولتقل البسيط حتى، بل علينا تثبيت ذلك، تفوقه على حكومته واعني الشرعية بالذات كونها الخيار الوحيد للحفاظ على شكل الدولة على ما يعتورها من قصور واضح وملموس وتسلط شلل قليلة وعصب أقل على مصادرها ولا سيما بعد تفجر الموقف نهاية العام 2014م .

لم تخط الحكومة اليمنية خطوة واحدة صوب الحل الرقمي الذي كان بامكانه أن يكون طوق نجاة لما يطحن جموعنا وهوياتنا اليمنية من تشرذم.

التعليم الرقمي..

تشكِّلُ استغاثات المستفيدين من أموال الدولة ومناداتهم العالم الوقوف بجانب النشء اليمني الذي يوشك أن يضيع ويتلاشى ويقع في براثن التحشيد الطائفي وغسيل الأدمغة جراء ما يقوم به الحوثي من تجريف للمناهج.. كل ذلك بعض من مشهد لا أقول عدم إدراك جدوى التعليم الرقمي أو التغافل عنه بل إهماله عمدا؛ كي يجد المستفيد المتباكي على ضياع الجيل الجديد ما يستنفر به ماء عينيه من تجن حوثي.

لم تلتف الدولة وهو فعل ـ عدم التفاتها ـ لا بد من اشهاره عاليا والتنديد به، وإبراز الحاجة الملحة إلى جدوى تبنى مشروع افتراضي يخرجنا من مأزق التشرذم الطائفي فيما يتعلق بالمسؤولية عن النشء.

نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن؛ لأن السياق متعلق بالسيولة وحركة الأموال بينا ظلت الاتصالات في يد صنعاء الخارجة عن نطاق الدولة ــ ولنقل بحسب من اسال المال لعابهم وتعاموا عن الوطن ـ وهي ـصنعاء ـ مدركة لفعليات التحول الرقمي وما يحدث هناك من تفاعلات في هذه النقطة غير خاف، على اختلاف غرض الحوثي من ذلك، وهو سياق يمكن سحبه على مختلف الجماعات الدينية المقاتلة، وما القاعدة وداعش إلا أعلى الأمثلة الملموسة الظاهرة للعيان على ذلك؛ إذْ جندتْ داعش معظم عناصرها من على مواقع التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها تويتر والفيس بوك، وهي ـ داعش تحديدًاـ من أكثر الجماعات والتظيمات تفوُّقًا تقنيًا ورقميًا وشبكيًا.

ما كانت الحكومة اليمنية ومنصاتها ومؤسساتها وفاعلوها الصوتيون بحاجة إلى رثاء التعليم في المناطق الخارجة عن سيطرتها؛ بقدر حاجتها إلى برنامج تعليمي شبكي للتعليم الإساسي والثانوي ـ وحتى الجامعي! ـ فيه المناهج الدراسية المعتمدة ووسائل التقويم وشبكة فاعلين تربويين ذوي خبرة إن وجدوا أو تقوم وزارة التربية والتعليم بتدريبهم خارج اليمن أو استقدم مدربين دوليين إلى العاصمة المؤقتة وهو برنامج قومي ينبغي أن تشرف عليه رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية بصفة سريعة، وقد حاولت شخصيًا ومجموعة من الأصدقاء ممن تفاعلوا مع الفكرة في زيارتي الأخيرة إلى عدن؛ حاولنا لفت القائمين على المؤسسة التعليمية وعلى مؤسسات متداخلة معها ويجب أن تكون شريكة في العملية غير أن مناداتنا ذهبت أدراج الرياح.

قد يستغرب المتتبع من بساطة العملية وكيف أن برنامجًا صغيرًا بمقدوره حل هذه الإشكالية الوطنية الكبرى، فقضية مثل تسرب طلاب المراحل التعليمية من صفوفهم منذ بدء الحرب بسبب لجوئهم وأسرهم إلى مخيمات نزوح في محافظات أخرى ـ وإنْ في محافظاتهم ـ بحيث أصبح أقرانهم الذين واصلوا التعليم في الثانوية مثلا بينما ظلوا هم في الصف السادس الأساسي، فلاهم قادرون على البدء من السادس الأساسي بعد استقرار أوضاعهم ولا هم قادرون على اللحاق بزملائهم وقد غدا الفارق الزمني بينهم سنوات ربما تربو على الستْ!، قد يتعجب من قدرة برنامج صغير تنشئه وزارة التربية على حل الإشكالية وتدريس مثل هؤلاء إلكترونيًا فيأخذون كل ثلاث سنوات في سنة لينجزوا المقرر خلال سنتين على سبيل المثال ويلتحقوا بأترابهم!

ثمة إدارة للتعليم الإلكتروني في اليمني ـ لا يمكن إنكار ذلك! ـ ولكنها لا تعمل داخل أفق رقمي بل ما زالت كاملة الورقية والسيديهية ـ إشارة إلى السيدي/القرص الخارجي والذي ليس سوى حافظة ورقية مرقمنة منعدمة القيمة لا تقدم ولا تؤخر! ـ كما أن تحركاتها، إن بالتعاون مع شركة رقمية أو بفرض قرارات على مدارس كمدارس التعليم الأهلي لم تكن سوى تحركات ونزولات ميدانية ريعية تطالب برسوم إضافية من أجل برامج عتيقة الطراز ولا تمت بأدنى صلة للمتغير الرقمي في المنطقة والعالم.

ينطبق الموضوع على التباكي على الهوية اليمنية والتي بالمناسبة ليست واحدة وإن زعم دعاة الحصر من مدعي العلمية مثل هذا، بل هي هويات فاعلة وهو ما يميز اليمن الممتد عن غيرهِ، ولعل حيويتها وتشظياتها المنتجة وتخلقاتها الدائم، ما مكنها من البقاء إلى اللحظة بل ومدها على فضاءات أوسع، وسينتج منها ما هو أنجع وأجدى.

إنَّك لتلمح في أحد المجالس ـ أحيانًا ـ من ينظِّر ويضع حلولا لمشكلة الهوية اليمنية ـ يشدِّد الياء بقوة! ـ ويزعم أنه قد دعم فلانًا وعلَّانًا ليكتبوا كتبًا وأبحاثًا عن الهوية اليمنية وقد طبع بعضها، وهي للأمانة كتب تتراوح جميعها بين الجودة والرداءة، وهناك من دخل المضمار بلا عتاد لكنه أبدع بعد تماهيه مع المعنى والقضية، غير أن الجميع يحصرون اليمن في هوية واحدة وهو ما يتعارض مع أننا تجاوزنا مرحلة التوحيد والربط العائلي والأسري القبلي، وحتى مرحلة الوحدة في التنوع والتنوع في الوحدة ـ بتعبير الكبير جمال حمدان صاحب شخصية مصر-العمل المعروف ـ حتى هذه المرحلة تجاوزناها إلى مراحل وفضاءات وغليانات إنتاج الهوية-الهويات.

 لا محيص عن القول عند هذه النقطة: أن برامج وتطبيقات رقمية بسيطة يمكن أن تربط المستخدمين المواطنين من اليمن المتناثرة ببعضهم وهي برامج لن تكلف سوى القليل مما يصرف على الفعاليات الاستعراضية الهائلة التي تلتهم ملايين الدولارات، لا سيما فعاليات التصالح والتقارب وشراء المواقف.

إن كل هذا وما ستتوالد عنه من استفهامات ليقول بوجوب تحول رقمي شامل في اليمن ـ إن انتبه إليه أعلى الهرم وأعني مجلس القيادة الرئاسي مجموعًا ـ علَّه يحقق الدولة الافتراضية وتماوجاتها، وهو ما سيحققه بالفعل دون أدنى مبالغة، وسيحافظ على ترابط الجمهورية حتى تعود الأوضاع إلى طبيعتها، وبلا شك ستساعد الحالة الانفتاحية التي تجري دول التحالف، وفي مقدمتها السعودية، صوب أكوانها المفتوحة على تحقق الدولة اليمنية الافتراضية، وآفاقها الشبكية.

سوف يتسنى للقائمين على أمر اليمن الحصول على مثل هذا الجديد إن أخذوا الحالة اليمنية بجدية، وشرعوا في العمل، منحين الجوانب الأخرى جانبًا، وإن وإن ... إلخ، وإن ـ ختامًا ـ خاطبوا عقلية الإقليم بحسب السياق الجديد وحسب سباقات التطور المعروفة، وتركوا مخاطبة دول التحالف ـ السعودية والإمارات تخصيصًا ـ بالعقلية القديمة، عقلية أربعينيات وخمسينيات وستينيات وسبعينيات و.. تركوا مخاطبة الملك فيصل، والملك فهد وخاطبوا محمد بن سلمان، ومشروع 2030م، إن خاطبوا العالم كله بحسب السياق الأجد!

هل ما زالوا يفعلون ذلك؟!

نعم إنهم ما زالوا يخاطبون الملك فيصل بكل جدية وتفانٍ!

 

 

 

 

 

 

 

 

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي