التعليم والمعلم في اليمن.. ضحايا الجاهلين والمتعلمين!

د. علي العسلي
الجمعة ، ١٨ ابريل ٢٠٢٥ الساعة ٠٦:٢٥ مساءً

 

في اليمن، التعليم يحتضر!

يعيش التعليم في اليمن أسوأ مراحله؛ واقعٌ منهار، ومعلّمٌ مسحوق، ومناهج إمّا مزوّرة أو متهالكة، وأجيالٌ تتخرّج بلا علمٍ حقيقي ولا وعي، بعدما أصبح التعليم ساحة للتنافس بين المحافظات والمناطق عبر الغش، لا بالتحصيل والمعرفة.

لقد تحوّل التعليم إلى وسيلة لتصفية الحسابات الأيديولوجية والسياسية، لا لبناء العقول.

في مناطق سيطرة الحوثي، التعليم في قبضة الخرافة!

المعلم هناك "سُخرة" بلا أجر، يُجبر على تدريس مناهج طائفية منحرفة، محشوة بقداسة زائفة لرموز السلالة، وتاريخٍ مزوّر، وخرافات تهدم الوعي وتزرع الكراهية والعداء.

أما مخيماتهم الصيفية، فليست مجرد أنشطة عابرة، بل معامل لتفخيخ العقول، وصناعة التطرّف، وهي قنابل موقوتة ستنفجر في وجه المجتمع وتحتاج لعقود لمعالجتها.

ويا لمرارة ما يحدث! فالمعلم الحقيقي مُهان، يُسجن إن خالف، ويُعذّب إن عبّر.

والمثال الأبرز: المفكر التربوي الكبير الدكتور محمد حاتم المخلافي، أستاذ المناهج وفيلسوف التربية، الذي يُحاكم زورًا وبهتانًا بتهمة "التجسس"، ويُجبر تحت التعذيب على الاعتراف بما يخدم رواية خاطفي الدولة، وبأنه عمل لصالح المخابرات الأمريكية!

أي مهازل أكبر من هذه؟!

إنهم يريدون إفراغ المدارس من العلماء، وتعليم الأجيال ما يخدم مشروعهم الظلامي!

أما في مناطق "الشرعية"، فالوضع ليس أفضل كثيرًا

فرغم تفاخر بعض المسؤولين بشهاداتهم العليا، إلا أن التعليم والمعلمين في أسفل سلّم الأولويات.

إضرابات متكررة في الجامعات والمدارس بسبب الرواتب المنقطعة أو الهزيلة، وفصلٌ دراسيٌّ كامل يمر دون أي تعليم، والحكومة صامتة لا تستجيب وكأن الأمر لا يعنيها!

بل المفاجأة الكارثية الكبرى أن وزير التربية والتعليم في الحكومة الشرعية يعلن جداول امتحانات الثانوية العامة بقسميها العلمي والأدبي، رغم أن التعليم كان متوقفًا ولا يزال في بعض المناطق، وفي تعز تعلن مديرية التربية رفع الإضراب فقط للاستفادة من موازنات الامتحانات...

أهـ يا بلد... ما فيش فائدة يا صفية، قالها ومات... رحمك الله يا سعد زغلول!

كيف يُمتحن طلاب لم يدرسوا؟!

إنها شرعنة للغش، وتدمير ممنهج لمستقبل الأمة، وتخريج أجيال مغشوشة تنهار أمام أول اختبار حقيقي!

هذه فضيحة لا يجوز السكوت عنها

ويجب التحقيق مع من أقرّ الامتحانات دون استكمال العملية التعليمية.

بل يجب الاستجابة العاجلة لمطالب المعلمين، وتعويض الطلاب، وتأجيل الامتحانات حتى يُستكمل التعليم الفعلي.

راتب المعلم... مهانة وطنية!

أما إذا التفتنا إلى راتب المعلم اليمني، فإنه لا يتجاوز 160 ريالًا سعوديًا حاليًا، بل قد يتناقص إلى أقل لأن العملة المحلية تنهار كل يوم!

إنها مأساة لا يقبلها ضمير، ومهزلة لا تليق بوطن يحلم بالنهوض والتقدّم!

مناهج هناك مشوّهة... وهنا مهترئة والشرعية لا تُحدِّث!

ففي الوقت الذي يشوّه فيه الحوثي المناهج لخدمة مشروعه، لم تقم "الشرعية" بتحديث أو طباعة مناهجها منذ عهد الرئيس السابق صالح!

وكأن المناهج لا تهرم، وكأن التحديث ليس ضرورة لمواكبة العصر!

الخلاصة... التعليم يحتضر، والمعلم يُذل، واليمن تدفع الثمن!

ما يحدث اليوم في قطاع التعليم كارثة حقيقية، وإذا ضُرب التعليم، ضاع المستقبل.. فاقرأوا على هذا البلد الفاتحة!

وإن كان التعليم يحتضر، فالمجتمع الحي لا بد أن يُنقذه... فالنهضة تبدأ من المدرسة!

جمعتكم مباركة... وعقول أبنائنا في ذمّة المسؤولين!

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي