يستعرض الفريق البرهان بزهوٍ باذخ قواته فاردًا صدره رافعًا هامته في قلب القصر الجمهوري ممثلاً السيادة السودانية.. الخرطوم اليوم حرة قالها ملء السماء استعادوا روح الأمل السودانية وروح كل يمني لديه أمل في تحرير بلاده من رجس الميليشيات العميلة صانعة الرعب والخراب المستدام..
شعرت بشرف العسكرية السودانية الذي امتد من هناك من شغاف القلوب البيضاء إلى أعماق روح كل يمني حر عندما سمعت أحد جنرالاته يقف بشموخ مضاء وجهه بالشعار الجمهوري الذي يحمله بالبرية "الطاقية" كالقمر في تمامه..
ينادي قواته ويخطب في الفضاء الرحب وبأعلى صوته المبحوح كأنه الرعد..كل الجبهات كونوا في تنسيق تام كونوا كتلة واحدة، متناغمة مترابطة، تفكر مع بعض نريد منكم أن تلقنوا العدو هؤلاء الجنجويد النهابة القتلة اللصوص درسًا قاسي لا يُنسى، هؤلاء الأنجاس الملاعين، نريد أن تعلموهم قبل الدروس العسكرية دروس في الوطنية والإرادة والعزيمة، بعدها تعلموا الدول من حولنا ودول الإقليم ورعاة الإرهاب وحكامها الملاعين الممولين لهم، تعلموهم من يكون الشعب السوداني من يكون المقاتل السوداني من يكون الشعب المستنصر السودان"
عندما سمعت الناطق باسمهم نرحب بالمساعدات لإعادة الإعمار لكن دون شروط، مساعدات لا تتدخل بالقرار السياسي ولا تمس بالسيادة..شعرت بالنزاهة السودانية التي مكنتهم من الانتصار على أنفسهم والشياطين من حولهم والدول التي تريد لبلدهم التفكك والخراب..الصدق والإخلاص والنزاهة في الحروب هي سر التغلب على الأعداء وسحقهم.. مبادئ سطرها شباب ثورة 26 من سبتمبر في سجلات البطولات الوطنية وأساطير الصبر عند القتال، عندما فر الجميع وتركوهم وحدهم عند حصار السبعين تحديدًا لكنها مُحيت بفعل الجبناء من بعدهم..
قصة الكتيبة التي ذهبت للدفاع عن الكويت إبان تهديد الرئيس العراقي عبدالكريم القاسم في أوائل ستينات العقد الماضي ضمن قوات مشتركة بعثت بها جامعة الدول العربية شاهدة..
عند انتهاء المهمة وزع أحد الأمراء لكل واحد منهم ظرفًا محشوًا بالمال قبل صعود الطائرة كهدية..، انتظر قائد القوة اللواء أ.ح صديق الزيبق حتى انتهى سمو الأمير من توزيع الظروف وعندها صاح بأعلى صوته موجهاً النداء لضباطه وجنوده: «طابور صفا.. انتباااااه» «أرضاً ظرف» أي ضع الظرف على الأرض، ونفذ جميعهم الأمر ووضعوا الظروف على الأرض بدون أي تذمر. ثم صاح مجدداً «معتدًا مارش» ركبوا طائرتهم تاركين الظروف والساعات على الأرض ثم صعدوا الطائرة..
وقف كل من حضر هذا الموقف العجيب مشدوه تركوها دون سواهم وعيون الكويتين محملقة تدور في أحداقها تعجبًا من نزاهةٍ لم يعهدوها، صعدوا إلى الطائرة وصعد إكبار الناس لهم وصعد معهم شموخ النزاهة والعصامية والشرف العسكري المصان.. ولو بحثنا عن السر سنجده في نزاهة النظام وقيادتهم العليا التي لم تُعلم ولم تتعود على اللهوطة..
آآآآه لو لم أكن يمنيًا لتمنيت أن أكون سودنيًا..العزة للسودان أرضًا وشعب والنصر الأبدي الدائم لهم..
حمل الجيش السواداني على عاتقه إدارة ثلاث معارك، معركة وطنية مكافحة الميلشيات وإخراجها من المدن والقرى، ومعركة إنسانية أخلاقية ودينية وهى حماية المجتمع من همجية الدعم السريع وعدم اكتراثهم بأرواح المدنيين الأبرياء والبنى التحتية تحديدًا الطبية واستهداف حتى الجرحى المرضى فيها..والثالثة المعركة الدبلوماسية والدولية أدارها عبر سفراء ومندوبين كان إخلاصهم لبلدهم وأداءهم غير متوقع..
معركة خاضها ويخوضها الجيش السوداني معقدة وخطيرة إذ أن مسؤلية إنهاء مشروع التمرد كوم والحفاظ على ضحايا الحرب من قتلى وجرحى والمدنيين العزل نساء أطفال الذين ليس لهم صلة بالمعارك كوم آخر..
يواجه الجيش السوداني المنظم بمعرك منظمة حرب عصابات اعتادت على القتل دون تحملها لأي تبعات قانونية تتعلق بالحفاظ على قواعد القانون الدولي الإنساني لأنها ميليشيات خارجة عن القانون أصلا وليست دولة..
اقتصرت كفاح الجيش السوداني البطل على تحقيق هدف وحيد من بداية الحرب وهو السيطرة على كامل الأراضي السودانية وحماية سيادة الدولة والمجتمع وتطهيره من رجس الميليشيات المتمردة والتزامه الكامل بقواعد الاشتباك العسكرية، ظهرت مهارات التخطيط والإصرار والعزيمة عند قادته وضباطة برزت سمات الصبر والتفاني في سبيل حب الوطن..
الحروب كالخطوب محك القلوب ومخابر الجيوش لمدى وطنيتها وإيمانها وحبها لأوطانها رأينا كثير من جيوش العروض العسكرية التي تلاشت وذابت عند الداعي كالملح في المياه الآسنة..
الشعوب مخازن المعادن البشرية كما هي مخازن للمعادن الطبيعية فيها الغالي والغث والسمين والتافه وسيء السمعة والضار والنافع..السر في مهارة مستكشفها ووطنيته وإخلاصهم للبلاد، واستخدامها في الظروف المناسبة والزمن الصح..
مرةً أخرى: آآآآح لو لم أكن يمنيًا لتمنيت أن أكون سودنيًا..العزة للسودان أرضًا وشعب والنصر الأبدي والسؤدد والأمان الدائم لهم..ولنا بعدهم وعلى إثرهم إن شاء الله وإن غدًا لناظره لقريب..
-->