تمر المليشيات الحوثية بواحدة من أكثر الفترات اضطراباً في تاريخها السيء والذي لا يملك إلا سجلًا من الفوضى والدمار، حيث تعاني من انكسار نفسي ومعنوي كبير إثر الهجمات العسكرية الأمريكية التي استهدفت مواقعها القيادية ومعسكراتها الاستراتيجية. هذه الضربات، التي جاءت في سياق الردع الدولي لتجاوزات الحوثيين في البحر الأحمر، لم تكن مجرد عمليات عسكرية، بل حملت في طياتها تأثيرات نفسية عميقة على قادة وعناصر المليشيا، وكذلك على داعمها الرئيسي، إيران.
أول ما يبرز في الحالة المزاجية للحوثيين هو الشعور العارم بالإحباط، إذ اعتادوا على التحرك بحرية في مناطق نفوذهم دون مواجهة ضربات مؤثرة بهذا الحجم كما أن استهداف قياداتهم ومعسكراتهم أدى إلى زعزعة الثقة الداخلية، وخلق حالة من الذعر والتوتر في صفوفهم، خاصة مع عجزهم عن الرد بفاعلية مماثلة. هذه الضغوط انعكست على سلوكياتهم، حيث باتوا يتصرفون بانفعال وتخبط واضح، سواء عبر التصعيد الخطابي الحاد والتبريرات الواهية أو من خلال محاولات متسرعة لإثبات الوجود عبر هجمات غير مدروسة.
التأثير النفسي العميق يمتد أيضاً إلى مقاتليهم، الذين بدأوا يدركون أن الدعم الإيراني للمليشيا لا يمكنه الصمود أمام إرادة دولية قوية. وقد دفعت هذه الضغوط العديد منهم إلى فقدان الثقة في قياداتهم، خاصة مع تصاعد الضغوط الداخلية والانقسامات بين القيادات الحوثية التي تتقاذف المسؤولية عن تدهور الوضع.
أما إيران، الداعم الرئيسي للمليشيات الحوثية، فقد تلقت هذه الضربات كصفعة مباشرة لمشروعها التوسعي في المنطقة، إذ إن إضعاف الحوثيين لا يقتصر على إضعافهم عسكرياً فحسب، بل يوجه ضربة موجعة للاستراتيجية الإيرانية التي تستخدم المليشيات كأدوات ضغط على القوى الإقليمية والدولية وأن الضغوط الدولية المتزايدة على الحوثيين تعني بالضرورة انكماش النفوذ الإيراني في اليمن، ما يجبر طهران على إعادة تقييم سياساتها في المنطقة، وسط تحديات متزايدة وعزلة دولية متنامية.
في المحصلة، تعيش المليشيات الحوثية مرحلة غير مسبوقة من الانكسار النفسي والتوتر المزاجي، بينما تجد إيران نفسها أمام مأزق استراتيجي مع تراجع نفوذ أحد أهم أذرعها الإقليمية، مما قد يدفعها إلى البحث عن بدائل تكتيكية وقد تجد إيران نفسها مضطرة للتخلي عن الحوثيين وبيعهم سياسياً كما فعلت مع أذرعها السابقة لإنقاذ مصالحها الاستراتيجية المتدهورة.
-->