من وحى العيش فى اليمن الحبيب ( 8 ـ صنعاء ... مدينة حوت كل فن )

أشرف عقل
الأحد ، ٠٩ مارس ٢٠٢٥ الساعة ٠١:٠٠ مساءً

 

- هي العاصمة السياسية لليمن ، وعاصمة إقليم أزال ، وواحدة من أقدم المدن المأهولة فى العالم ، ولها تاريخ من القرن الخامس قبل الميلاد على الأقل .

تقع وسط اليمن في منطقة جبلية عالية على جبال السروات ، وترتفع عن سطح البحر بحوالى ٢٣٠٠ متر . وقديماً كانت المدينة لا تحتل سوى مساحة صغيرة من قاع صنعاء الفسيح الذي يمتد من جبل نُقم شرقاً وجبل عيبان غرباً ، ولكنها تزايدت في العهود الإسلامية واتسعت دائرة سورها .

- وفي القرون الأخيرة استحدثت في غربها بير العزب تلاصقها وتفوقها مساحةً ، وكان للوجود العثماني اليد الطولى في إنشائها ، وفي غربي بير العزب ، أقيم في القاع في القرن السابع عشر حي اليهود . ومنذ قيام ثورة ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢م ، بدأت صنعاء تشهد تغييرات هائلة ، وامتدت صنعاء القديمة و بير العزب خارج أسوارها وتكثف زحفها العمراني في جميع الاتجاهات .

- ويطلق عليها ، فى الأوساط الرسمية ، أمانة العاصمة ، وهي المركز الإداري لمحافظة صنعاء ، وقد بلغ عدد سكانها قرابة ثلاثة مليون نسمة ، وفقا لتقديرات عام ٢٠١٥م . وتنقسم أمانة العاصمة إدارياً إلى عشر مديريات . وقد اكتسبت صنعاء أهميتها من كونها العاصمة السياسية والتاريخية للجمهورية اليمنية ، حيث تتركز فيها الوزارات والمؤسسات والمصالح الحكومية ، فضلاً عن النشاط التجاري والصناعي الواسع .

- وتتميز المدينة بطابع معماري فريد مما أهلها لتكون من ضمن المدن التاريخية العالمية ، وهي واحدة من مدن العالم الأكثر جمالاً ، حيث تتحدث بمفردات معمارية إسلامية ، وتتباهى بنفائس المساجد والحمامات والخانات والبيوت الجميلة ، فما إن تدخلها وتطابق قدماك مواطئ أقدام العظماء الذين مروا فى دروبها ، حتى تسرى إلى روحك ما يعتمل داخلها من طاقات روحية كامنة .

- ومازال لقلب المدينة قلب نضر ينبض بالحياة يتفرع داخله شريان سوق الملح الذى أبرز عادات وتقاليد قل أن تجدها فى أى مكان آخر . وقد أوصدت صنعاء ، فى القديم بواباتها دون رياح التغيير ، وحصنت نفسها ضد الغزاة ، فلم تعرف غير صورتها الأولى ، واحتفظت بشخصية فريدة صرفة منتزعة لقب " عاصمة " مرات عديدة فى التاريخ .

- ورغم أن صنعاء استلقت فى فيء جبال نقم وظفار وعيبان ، وتسللت المساحات الخضراء داخلها فى مقاشم المساجد ، وروت السائلة قلبها ، إلا أنها عانت فى العقود الأخيرة من اجتياح الأسمنت لأخضرها . وتعد صنعاء القديمة بأكملها قلعة داخل سورها الحجرى ببواباته السبع التى بقى منها : باب اليمن جنوبا . وبينما تسامقت بيوت صنعاء بتكويناتها الشاقولية نحو السماء ، انفتحت بجرأة على البساتين والساحات ، لتوفر فى مساحة الأرض الزراعية وتلبى احتياجات الدفاع الحيوية فى حياة اليمنيين .

- وقد احتفلت واجهات البيت الصنعاني ب " مهرجان " من الزخارف والنقوش ، لتستعرض كل زينتها فى الخارج ، خشب محفور ونقوش ورسوم جصية بيضاء . ونجحت صنعاء بثوبها المحاك من حجارة البازلت وطوب الطين المشوى ، فى أن تفرض شيئا من شخصيتها حتى خارج أسوارها القديمة ، فزينت واجهات المباني الصنعانية الحجرية الحديثة بالقمريات والزخارف البيض المميزة .

- واعترافا بعراقة مدينة صنعاء ، التى ظلت على الدوام ، مصدر إشعاع علمى وفقهى ، سجلت اليونسكو فى عام ١٩٨٣م ، مدينة صنعاء على لائحة التراث العالمى ، كما زفت صنعاء أيضا فى عام ٢٠٠٤م ، عاصمة للثقافة العربية . وقد قال عنها أحمد القلقشندى المولود فى مصر عام ١٣٦٤م : " هى من أعظم مدن اليمن وبها أسواق ومتاجر كثيرة ، وتكثر مياهها وأشجارها ، وهى كرسى ملوك اليمن فى القديم " .

* وبهذه المناسبة ، لابد هنا من الإشارة إلى قصيدة أخى الأكبر وصديقى الأعز البروفيسور عبد العزيز المقالح ، رحمة الله تغشاه ، عن صنعاء ، وفيها يقول :

يوماً تغنى فى منافينا القدر

لابد من صنعاء وإن طال السفر

لابد منها حبنا .. أشواقها

تدوى حوالينا إلى أين المفر ؟

إنَّا حملنا حزنها وجراحها

تحت الجفون فأورقت وزكا الثمر

وبكل مقهىً قد شربنا دمعها

الله ما أحلى الدموع وما أمر

وعلى المواويل الحزينة كم بكت

أعماقنا ، وتمزقت فوق الوتر

هى لحن غربتنا ولون حديثنا

وصلاتنا عند المسرة والضجر

مهما ترامى الليل فوق جبالها

وطغى وأقعى فى شوارعها الخطر

وتسمر القيد القديم بساقها

جرحاً بوجه الشمس فى عين القمر

سيمزق الاعصار ظلمة يومها

ويلفها بحنانه صبح أغر

هو ذا يلملمنا من الغابات من

ليل الموانئ من محطات البشر

ليعيدنا لك يامدينتنا وفى

أفواهنا قبلا وفى الأيدى الزهر

صنعاء وإن أغفت على أحزانها

حيناً وطال بها التبلد والخدر

سيثور فى وجه الظلام صباحها

حيناً ويغسل جدبها يوما مطر .

* المرجع : مصادر متعددة .

* الصور المرفقة لنا من مناطق متعددة فى صنعاء مثل : السائلة ، إحدى الحارات ، بيت بوس ، مسجد الصالح ، ومعنا بعض الأصدقاء .

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي