في مقابلة حديثة مع مجلة دير شبيغل الألمانية، أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور رشاد العليمي على أهمية التحركات الدولية، بما في ذلك الغارات الجوية الأمريكية في مواجهة تهديدات الحوثيين للملاحة البحرية في البحر الأحمر ورغم إقراره بدور هذه العمليات في الحد من الخطر الحوثي فقد شدد على أنها وحدها لا تكفي لإنهاء التهديد بل يجب تنفيذ قرارات مجلس الأمن ودعم الحكومة اليمنية لاستعادة مؤسساتها وبسط نفوذها على كامل التراب الوطني.
حاليًا، تشهد الساحة اليمنية سلسلة من الغارات الجوية الأمريكية التي تستهدف مواقع الحوثيين في صنعاء وصعدة والحديدة ومأرب في محاولة لتعطيل قدراتهم العسكرية التي تهدد الأمن البحري وهي رسالة واضحة لهم بأن المجتمع الدولي لن يبقى متفرجًا أمام تصعيدهم، لكنها في الوقت ذاته تثير تساؤلًا جوهريًا: هل يمكن التعويل فقط على هذه الضربات لتحقيق النصر؟
التجربة أثبتت أن أي دعم خارجي لا يمكن أن يكون بديلًا عن الجهود الوطنية بل يجب أن يكون عاملًا مساعدًا يُستغل بفاعلية، فالقوات المسلحة اليمنية اليوم أقوى مما كانت عليه في 2015 فهي تمتلك أسلحة متطورة وخبرة قتالية أوسع إلى جانب تزايد الرفض الشعبي لوجود الحوثيين في المناطق التي يسيطرون عليها. ومع ذلك، فإن تحقيق تقدم حقيقي في استعادة الدولة وإنهاء سيطرة الحوثيين يتطلب إرادة يمنية موحدة تتجاوز الحسابات الضيقة والخلافات الداخلية.
الفرصة الآن مواتية لتحويل الضربات الأمريكية إلى مكاسب ميدانية عبر تحريك الجبهات العسكرية وشن عمليات منسقة ضد الحوثيين مما يزيد الضغط عليهم ويفقدهم القدرة على التقاط الأنفاس. وبالتوازي مع ذلك يجب تعزيز الرقابة على المنافذ البرية والبحرية والجوية لمنع تدفق الأسلحة والإمدادات إليهم بالتعاون مع التحالف الدولي.
وإلى جانب التحركات العسكرية، فإن للدبلوماسية دور محوري في هذه المرحلة من خلال تكثيف الجهود في مجلس الأمن والأمم المتحدة لكشف التدخلات الإيرانية المباشرة في اليمن والمطالبة بفرض عقوبات أكثر صرامة على الجهات الداعمة للحوثيين. فمن دون تجفيف مصادر الدعم الخارجي سيظل الحوثيون قادرين على إعادة بناء قدراتهم والاستمرار في تهديد الأمن اليمني والإقليمي.
ان تحرير اليمن واستعادة الدولة مسؤولية وطنية قبل أن تكون شأنًا دوليًا. وبينما يُقدَّر الدعم الخارجي، فإن التعويل عليه وحده لتحقيق النصر سيكون خطأ فادحًا و المطلوب هو توحيد الصفوف والجهود الوطنية وان يجمع بين العمليات العسكرية الحاسمة، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والخدمية ومكافحة الفساد في المناطق المحررة.
لا ينبغي انتظار الآخرين لانه ليس بالخيار الصائب سيما وان المصالح الدولية قد لا تتطابق دائمًا مع المصالح الوطنية ولذلك فإن تحمل المسؤولية الوطنية والعمل الجاد لاستعادة الدولة هما السبيل الوحيد لضمان مستقبل مستقر وسيادة وطنية غير مرهونة بأي طرف خارجي.
-->