عن تخزينة الغفوري وفحسة الفندم و خيمة النائب..!

فائد دحان
الأحد ، ٣٠ مارس ٢٠٢٥ الساعة ٠١:٤٨ صباحاً

 

 

دعوني أحدثكم عن نموذج واضح وفاضح للمهنية الإعلامية عند بعض الكتّاب والناشطين اليمنيين في نقل الحكايات بكمية مهولة من المغالطات، عملوا ترند على مقال الدكتور مروان الغفوري عن "خزنت القات في الرياض" ، وعلى طول أكّدوا وجزموا إنه خزن في خيمة الدكتور عبدالله العليمي! مع أن هذا الكلام ما حصل ولا الغفوري أصلاً ذكره في مقاله.

 

اللي حصل يكشف هشاشة أصحاب الترند، ما تعبوا أنفسهم حتى يشوفوا الحقيقة من مصدرها. 

 

اضرب لكم مثال، حينما كتب مروان عن لقائه بالفندم علي محسن ، رواد الترند تركوا الجوهر، وراحوا يشمّوا ريحة الفحسة ويتذوقوا طعم السلتة! ثم جلسوا يحسبوا كم استلم، هل حصل على ظرف، وكأن القضية مطبخ لا موقف، حتى لما أوصاه علي محسن بوضوح: "قولوا أدعياء آل البيت مش آل البيت"، ما فهموها، ولا أرادوا يفهموها، عيونهم في القدر وألسنتهم في الجيوب!

 

وهنا حبيت أوضح نقطة مهمة جداً حول هذه الجزئية الهامة : عن " آل البيت "علي محسن ظهر على غير ما كنا نتوقعه. كنا نظن أنه يواجه خرافة آل البيت فكرياً كما واجهها ميدانياً بالسلاح، ويدعم تعرية هذا الزيف بدل ما يبدو وكأنه حريص على تحسين صورتهم، مع أنه طوال سنوات مجده دعم طباعة كتب تُعرّي هذه الخرافة.

 

هذي الحكاية لحالها فضحت هشاشة بعض النخب وحتى هشاشة الفندم علي محسن، اللي واضح إنه لازال مهتم كيف يصيغ عبارة "آل البيت" وكأنهم فعلاً حقيقة مقدسة! مع أنه سبق وواجه هذا الكهنوت عملياً وقاتلهم سنوات طويلة، لكنه لما جاء الموقف الحقيقي بان مرتبك وكأن عنده عقدة لازم يوازن بين الحقيقة والكذبة.

 

أما بخصوص دعوة الدكتور عبدالله العليمي للدكتور مروان لمأدبة إفطار، الغفوري كتب المقال واضح وصريح وأورد نقطة مهمة، بس إحنا كلنا ذهبنا نخترع قصة مش موجودة أصلاً، سووا ترند من لا شيء، وبنوا عليه حكاية كاملة من خيالهم، قالوا مروان خزن في خيمة العليمي! وأنا أحد أعضاء كادر مكتب النائب، و اؤكد لكم بأن معالي النائب وجه بشكل صريح بمنع التخزين في المكتب بشكل كلي، التزاماً بقوانين البلد، و إدراكاً منه أن القات آفة تأكل الوقت وتدمر الالتزام، والفرق واضح بين أداء مكتب العليمي ومكاتب الآخرين، أنا متواجد في المملكة منذ 2022 حتى اليوم لم امضغ القات ولا توجد لدي رغبة بذلك بتاتاً. 

 

الغفوري بنفسه ما قال إنه خزن في الخيمة، و حاول بمقال لاحق يوضح ذلك، فكيف للقات أن يلعب بأفكار أصحاب الترند ويصل تأثيره عابراً للقارات لكل اليمنيين في الخارج ليخلقوا قصة من العدم؟ كيف صدقوها؟ وزادوا عليها موضوع ظرف فيه خمسين ألف ريال سعودي وكأنهم بيكتبوا مشهد من مسلسل! ناسين من هو مروان الغفوري أصلاً.

 

الغفوري طرح موضوعاً غاية في الأهمية، وهو انهيار - "ميثاق الشرف" - اللي كان مقرر أن يجمع أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، مات قبل أن يولد و يظهر للعلن، هذا الموضوع كان المفروض يتصدر النقاش، لكن خيانة المثقف لنفسه وللبلد و للقضية اليمنية هي أكبر مشاكلنا، بالله عليكم، بدل ما تضيعوا وقتكم في الترندات الفاضية ، ليش ما تناقشوا هذا الميثاق؟ ليش ما تمسكوا فيه حتى كقشة تعلقوا فيه بقايا أمل يمكن أن نعول عليه لإنقاذ البلد من هذا المأزق؟ لكن للأسف، إحنا أمام مثقفين جزء منهم للأسف هم مشكلة فوق مشكلة السياسة، وأصبح الانسياق وراء الترندات اهم من تبني وجهة نظر حقيقية للقضية التي تعنينا جميعاً. 

 

وأحب أضيف نقطة أشوفها ضرورية بل غاية في الأهمية، أتساءل لمصلحة من يتم إغلاق أي جسر يربط قوة الكلمة بقوة القرار؟ ليش ما نشجع إن السياسي يظل بابه مفتوح للمثقف؟ ليش كل ما حاولنا نفتح هذي الأبواب الموصدة، ونسد الفجوة بين المسؤول والمثقف، يجي المثقف نفسه ويغلقها بتصرفات تجعل السياسي يشوفه مجرد انتهازي ما يهمه إلا نفسه؟

 

وأنا هنا أتحدث من قلب المعركة، وأسعى جاهداً لجعل لقاء السياسي بالمثقف أمراً عادياً،، فعلت ذلك حتى ونحن معاً في صنعاء، كثير ممن تعرفوا على الدكتور في صنعاء كنت انا همزة الوصل، وعندما تقطعت السبل جمعتهم في الواقع الافتراضي، اردت حصول ذلك بعيداً عن المراسيم والتعقيدات، خصوصاً لما يكون الكاتب والمثقف إنساناً مهنياً يحترم نفسه وجمهوره وضيفه ومضيفه.

 

أما مسألة أمانات المجالس، الدكتور مروان معروف من الكل إنه بيكتب عن لقاءاته و معظم زياراته، ولا حد من اللي التقى فيهم كان عنده مشكلة، لأنهم عارفين إنه إنسان صاحب قضية وطرح وطني، مش إنسان عابر، وله احترام حتى من ناقديه قبل محبيه، لأنهم مؤمنين بموهبته وقدرته على السرد اللي قليل جداً من يقاربه فيها، اتفقنا معه أو اختلفا.

 

في الأخير، اللي بيتابع الترند هذا بعمق، بيكتشف إنه إحنا أمام نخبة هشة، ليس فقط قيادة هشة، وأمام مجتمع افتراضي هش، ما يليق أبداً إنه يحمل قضية محترمة مثل القضية اليمنية، اللي المفروض تكون قضيتنا الجامعة للدفاع عنها ومواجهة كهنوتية الحوثي كفكرة وتمرد وانقلاب وأساس مشكلة اليمن من قرون مضت.

 

في أقل الاحوال ندرس الحالة الفلـ، سطينية وكيف استطاعوا تصدير قضيتهم للعالم دون وسائل التواصل الاجتماعي ولا ترندات، أصبحت قضية عالمية بينما نحن عالقين جدا في فوضى إعلامية هشة تخبرنا انه العقوبة الحوثية قليل علينا.

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي