حراك ⁧‫الأقيال‬⁩ .. مصحة عقلية للهاشميين

موسى عبدالله قاسم
الخميس ، ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٥٦ مساءً

‏الهاشمية ليست مجرد فكرة عابرة، بل هي مشروع سلالي عنصري متجذر في اليمن. منذ توغله في بلادنا شطرها جغرافيا إلى شمال وجنوب، ومزّق شعبنا ديموغرافيا إلى قطبين متناحرين، زيود وشوافع، تحت مظلة الدين والمذهبية. هذا المشروع الإرهابي المجنّح تسبب في دمار غير مسبوق لليمن، فهل شهدت دولة في العالم تجربة أشد قسوة من هذا الخراب السلالي الممنهج الذي عصف باليمن وشعبنا الحر الكريم؟

 

‏أن يصف أحد نفسه بأنه هاشميا فهذا الوصف لا يعبر عن انتماء قبلي أو فخر بنسب كسائر القُبل والعشائر. بل يحمل أبعاداً أكثر خطورة، ويترتب عليه حقوقا مدّعاة باسم الدين والنبوة، أولها دعاوى الحق الإلهي في الحكم والتميز الطبقي العرقي وليس آخرها سرقة أقوات الناس ولقمة عيشهم باسم الخُمس، بتأصيل ديني سُلالي يشرعن الهيمنة ونهب الثروات..!

 

‏لذلك، الحديث عن وجود أفراد ينتمون إلى الهاشمية ويعارضون مشروعها الدموي لا يمكن أن يغير الصورة الكاملة لهذا المشروع الكهنوتي، فهؤلاء إن صدقوا في دعواهم ليسوا سوى استثناء صالحا من قاعدة كهنوتية عنصرية فاسدة.

 

‏في مواجهة هذا المشروع، برز حراك الأقيال كمشروع وطني جامع، يتجاوز الانتماءات السلالية والقبلية والمناطقية، ويؤكد على الانتماء للوطن اليمني فقط، مستلهما انتماءه الحضاري المشرق. ولا يترتب على هذا الانتماء مصلحة ذاتية بل مصلحة الوطن والشعب في العيش بحرية وأمان وعدالة ومساواة.

 

‏هذا الحراك بقدر ما يهدف لاستعادة الذات اليمنية والتخلص من الخرافات الدينية التي حملتها الهاشمية معها وغرستها في وجدان الناس، فإنه يهدف أيضا لإعادة تأهيل المدعين انتسابهم للهاشمية، وإدخالهم إلى مصحات نفسية وطنية تزيل أفكارهم التمييزية العنصرية من عقولهم، وتعمل على موْطنتهم ليصبحوا مواطنين صالحين ينتمون لليمن ويوالونها، عبر عقد اجتماعي جديد يحافظ على الدولة وكيانها وكينونتها وينظم تعاملها مع سائر المواطنين.

 

‏تجارب الشعوب الأخرى تقدم لنا دروساً يمكن الاستفادة منها، بعدما تمكّنت هذه الشعوب من بناء دولها وإرساء أمنها واستقرارها ووأد دعاوى التميز السلالي وضعف الانتماء الوطني.

 

‏السعودية على سبيل المثال، استطاعت طي صفحة دعاوى الحق الإلهي للهاشميين في الحجاز بفضل رؤية الملك عبدالعزيز الذي قال "لن تنعم البلاد بالسلام طالما هناك هاشمي واحد يحكم في الحجاز"، وأرسى بفضل رؤيته تلك دعائم دولة قوية تقترب اليوم من ذكرى مئوية تأسيسها الأولى. 

 

‏ماليزيا كذلك نجحت في بناء دولتها الحديثة عبر عقد اجتماعي يربط المواطنة بالولاء الكامل للدولة، بعيداً عن الانتماءات الثقافية أو العرقية. مهاتير محمد، رئيس الوزراء الماليزي، أكد في حوار له عندما سئل عن عدم تمكين الهنود والصينيين من المناصب العليا في الدولة وهم يشكلون قرابة 40% من السكان، أكد بأن معيار الانتماء والولاء للدولة هو الفيصل، ومن يرتبط بأصله السلالي والثقافي ويتجرد من انتمائه وولائه لماليزيا لا يمكن أن يكون مواطنا بكامل الحقوق الوطنية.

 

‏خلاصة القول، حراك الأقيال الوطني هو المشروع الوطني الجامع الذي يتجاوز كل المعوقات المجتمعية والسياسية، التاريخية والمعاصرة، التي تسلل منها الغرباء، ويؤسس لعقد اجتماعي جديد يعزز قيم الجمهورية في الحرية والعدالة والمساواة، ويبني يمنا قويا منيعا مستقلا يتساوى فيه اليمنيون في حقوقهم المدنية وواجباتهم الوطنية.

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي