السعودية لليمن.. عطاء لا حدود له

أحمد الشميري
الأحد ، ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٥٩ مساءً

 

لم يكن إعلان السعودية تقديم نصف مليار دولار كدعم للتنمية المستدامة في اليمن هو الأول ولن يكون الأخيرة، فهذه الأيادي البيضاء السعودية تُعلم العالم دروساً عظيمة في العطاء والإخلاص والوفاء الذي لا مَنْ ولا أذى فيه.

على مر العقود كانت ولا تزال السعودية هي السباقة في الوقوف مع اشقائها وجيرانها في اليمن ليس على المستوى الاقتصادي والتنموي بل على مستوى أمن وسلامة وازدهار بلادنا سياسياً واقتصادياً وتنموياً وحتى شعبياً فالحرص على إعطاء اليمني الأولوية في العمل وإصدار مئات الألف من فيز العمل تعتبر بحد ذاتها دعماً سخي للأسرة اليمنية بشكل مباشر وحرص على منع البلاد من الوصول إلى مرحلة المجاعة التي ظل الحوثي وإيران بكل الطرق والوسائل يعملون لإيصال بلادنا إلى هذه المرحلة من الجوع والمجاعة عبر أساليب وطرق متعددة في مسعىً لاستغلالها سياسياً وإنسانياً والمتاجرة بمعاناة شعب عريق.

لو تجاهلنا الدعم السعودي لما قبل عقدين من الزمن مع أننا لا نستطيع إحصاءه، لوجدنا أنه منذ مؤتمر المانحين في لندن عام 2006 التي كانت السعودية هي أكبر المانحين لليمن بمبلغ مليار دولار، وتبعه ودائع ومنح نفطية ومالية بطرق غير مباشرة خلال السنوات التي تليه، ثم دعم نفطي ومالي خلال أحداث 2011، وتبعها مؤتمر المانحين الذي استضافته الرياض عام 2012 وجمع فيها 

6,4 مليارات دولار كانت دول الخليج وفي مقدمتهم المملكة هي الأكثر دعماً لليمن، ثم مؤتمر جنيف 2017، ثم مؤتمر 2018 وجميعهم كانت السعودية الأكثر عطاء، فضلاً عن التعهدات والودائع والمنح الذي تقدمها بشكل مباشر وباستمرار والتي منها الوديعة التي قدمتها عقب المشاورات اليمنية ـ اليمنية في الرياض ووصلت بحسب إحصائيات الحكومة اليمنية إلى أكثر من 20 مليار دولار. كما أن مركز الملك سلمان للإغاثة الإنسانية هو الأخر لا يتوقف عن دعمه لليمن يوماً واحد منذ تأسيسه وكذلك البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن والذي ساهم بشكل كبير في أعادة الحياة لبلادنا عبر برامج الإعمار والتنمية التي ينفذها في مختلف المحافظات وأثمرت بمشاريع تنموية مهمة كمستشفى الأمير محمد بن سلمان ومدينة الملك سلمان الطبية وجامعة تعز ودعم جامعة عدن وطريق العبر وطريق تعز وإعادة تأهيل مطار عدن وما نذكره شيء من قائمة تطول ولا تشمل مجال واحد بل جميع المجالات والمؤسسات الحكومية بما فيها الصحة والكهرباء الذي تعتبر السعودية الداعم الرئيسي لها. ولم يقتصر هذ الدعم على محافظة أو فئة مجتمعية معينة بل أن مستشفيات السعودية في صعدة وحجة مستمرة حتى اليوم في يتقدم خدماتها للإنسان اليمني بكل إنسانية، كما أن برامج الأمم المتحدة كالغذاء العالمي واليونيسيف وغيرها من المنظمات الدولية التي تركز على شمال اليمن بدرجة رئيسية دعمها في اليمن سعودي وهذا إن دل فإنما يدل على أن السعودية تستهدف في عطائها اللامحدود الإنسان اليمني بشكل مباشر دون غيره.

لكن أوجه الاختلاف بين الدعم الأخوي السعودي لليمن والدعم الخارجي هو أن السعودي تعطي عطاء لا محدود وبدون أي مقابل ويرفض حتى المسؤولين الحديث عنه، وكإعلامي يمني فإني أجد صعوبة مع المسؤولين السعوديين في عرض مشاريعهم بعكس الدول الأخرى التي تجعل من الحبه قبه كما يقال وتلاحق الإعلام والإعلاميين للترويج له، فعندما تتحدث مع مسؤول سعودي وتريد منه عرض المشاريع السعودية وإظهارها بشكل أفضل يرد عليك نحن نعطي لإخواننا في اليمن والذين هم أهلنا وروابطنا تختلف عن روابطنا مع الآخرين، فهم جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي السعودي في الإخوة والنسب والمصير المشترك باختلاف الدول الأخرى وهذا ليس موقفنا كمسؤولين بل توجيهات قيادتنا التي تشدد على ذلك وتولي اليمن وشعبه أهمية كبيرة عن غيرها من الشعوب الأخرى.

خلاصة الأمر أن السعودية شريكاً رئيساً مع الحكومة اليمنية والدول الإقليمية في البناء والتنمية باليمن والداعم الكبير للشعب اليمني، وربما أحرص على اليمن وشعبه من اليمنيين أنفسهم الذين ذهب بعضهم (الحوثيين) للعمل لصالح أجندة خارجية هدفها تدمر البلاد وجلب الصراعات والحروب إلى ديارنا في الوقت الذي ظلت السعودية تقدم المبادرة تلو الأخرى لإيجاد حل سياسي بل ولا تزال تعمل بكل الإمكانيات وبالشراكة مع دول المنطقة للتوسط بين الأطراف اليمنية للوصول إلى حل نهائي وسلام دائم وشامل.

للعلم الحب لليمن وشعبه لم يكن مرتبط بالقيادة السعودية والمسؤولين بل أن الشعب السعودي فرداً فردا يحبون اليمن حد الشغف، ويشعرون بالحزن والألم لما وصلت إليه وهذا نلتمسه ونحن نعيش في اوساطهم ونجدهم الأقرب إلينا في فرحتنا وحزننا وفي معاناتنا سباقون للوقوف مع كل يمني عصفت به الأزمات، وهناك مواقف لا استطيع حصرها معي كنازح في السعودية من نيران الحوثي وملاحقاته لي منذ أن اقتربت من منفذ السعودية وحتى اليوم، ومع كل يمني يعيش على التراب الطاهر في مملكة الخير والرخاء، كان السعوديون إلى جوارنا في كل وقت وهو ما ساعدنا على تجاوز الكثير من التحديات بما فيهم المدرس في المدرسة التي فتحت أبوابها لأطفالنا بهوية الزيارة للدراسة أو المسؤول في المستشفى الذي نتلقى فيها العلاج مجان بأمر من خادم الحرمين الشريفين وتعاون من كل الجهات، وذلك العسكري الذي يقف في الشارع أو أمام مؤسسة خدمية والكل يحدثك أهلاً وسهلاً بك أنت في بلدك وبين أهلك وأولادك أولادنا وأسرتك هي أسرتنا.

ولا أخفيكم كمراقب وإعلامي أرى أن الأحداث التي تمر بها اليمن والهجمات المستمرة على المؤسسات اليمنية تقلق السعودية كثيراً بل وتعارضها بشكل مباشر من خلال المواقف الذي يعلنها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في أكثر من محفل أو غير مباشر من خلال العمل بالأروقة الدبلوماسية الدولية لمنع تعريض بلادنا والمنطقة للدمار ورفض جلب المخططات الخبيثة إليها، بعكس الدول الأخرى التي تريد تحويل اليمن إلى ميدان للصراع الإقليمي والدولي أملاً في إبعاد شبح الحرب عن أرضها، كما تواصل إغراق بلدنا بالألغام والأسلحة الفتاكة والمخدرات وغيرها من أدوات الدمار والإبادة للمجتمع اليمني والعربي وإقلاق أمن واستقرار المنطقة.

وأمام كل هذا العطاء ألا محود واحتضان ملايين اليمنيين نعجز حتى عن شكر السعودية قيادة وشعباً فالشكر قليل بحقهم على مواقفهم الأخوية الخالصة والحريصة على إخوانهم في بلدهم الثاني اليمن والذي لا ينكرها إلا جاحد.

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي