اليمن بين الضغوط الدولية ومأزق الحل السياسي: هل يكفي رفض التصعيد لإنهاء الصراع؟

د. فائزة عبدالرقيب
الاربعاء ، ١٢ مارس ٢٠٢٥ الساعة ٠٣:٤٨ مساءً

 

 

في تطور لافت، أعلنت الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، بريطانيا، وفرنسا) رفضها تصعيد الصراع في اليمن، مشددة على ضرورة ضبط النفس وحل الأزمة عبر الحوار السياسي. هذا الموقف يثير تساؤلات حول تأثيره على مستقبل الأزمة اليمنية وما يمكن أن يترتب عليه من توقعات وحلول لإنهاء الحرب ومعالجة جذور النزاع.

 

المتابع للشأن اليمني يدرك أن القرار الدولي الرافض للتصعيد قد يؤدي إلى تراجع حدة المواجهات العسكرية بين الأطراف المتحاربة مما قد يدفعها إلى إعادة النظر في استراتيجياتها خاصة مع تصاعد الضغوط الدولية للتهدئة. ومع ذلك، فإن هذا التراجع قد يكون مؤقتًا وغير كافٍ وحده لتقديم معالجة جذرية لأسباب الصراع.

 

بل من المحتمل أن تلجأ الدول الكبرى إلى اتخاذ خطوات فعلية لتقييد تدفق الأسلحة إلى أطراف النزاع بهدف الحد من قدراتها العسكرية ودفعها نحو البحث عن حلول سياسية بديلة بالتزامن مع تعزيز الجهود الدبلوماسية من خلال الأمم المتحدة والمبعوثين الدوليين، الذين قد يكثفون جهود الوساطة عبر تقديم مقترحات جديدة للحل أو إعادة إحياء مبادرات السلام السابقة.

 

إضافةً إلى ذلك، قد تستغل القوى الدولية الأزمة الإنسانية شوتردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية لممارسة مزيد من الضغوط على القوى الإقليمية الداعمة للأطراف المتحاربة لإجبارها على تقديم تنازلات تسهم في وقف إطلاق النار والانخراط في حوار جاد. 

 

ومع ذلك، فإن بعض الفصائل المسلحة قد ترى في هذا الموقف الدولي عائقًا أمام طموحاتها العسكرية، مما قد يدفعها إلى تصعيد داخلي ضد الحكومة الشرعية أو محاولة فرض أمر واقع جديد على الأرض.

 

يرى البعض أن رفض الدول الكبرى لتصعيد الصراع في اليمن يمثل خطوة إيجابية نحو منع تفاقم الحرب، إلا أن ذلك وحده ليس كافيًا لإنهاء الأزمة. المطلوب هو تفعيل المسار الدبلوماسي بشكل عملي، وإطلاق مبادرات سلام حقيقية، والإفراج عن المعتقلين، خصوصًا العاملين مع المنظمات الدولية، كخطوة لبناء الثقة وربط الحلول السياسية بتحسين الأوضاع الإنسانية والاقتصادية.

 

عندها فقط، يمكن الحديث عن فرصة حقيقية لإنهاء معاناة اليمنيين ووضع حد لحرب تجاوزت عقدًا من الزمن. ومع ذلك، يبقى المستقبل غير واضح المعالم في ظل استمرار التحديات على الأرض وصعوبة التوصل إلى تسوية شاملة ومستدامة. وهنا يأتي دور المجلس الرئاسي والحكومة، وبمعية الأحزاب والقوى الوطنية، في توحيد جهودهم لاستثمار هذا الموقف الدولي الرافض للتصعيد، مقابل الدفع نحو حلحلة وضع الموارد الاقتصادية، بما يسهم في تحسين البنية التحتية، سواء في الكهرباء أو التعليم أو الصحة، أو غيرها من القطاعات الحيوية.

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي