أمن الحرم المكي.. نموذج فريد في الخدمة والإنسانية

كمال الشيباني
السبت ، ٢٩ مارس ٢٠٢٥ الساعة ٠٥:٢١ صباحاً

 

29 -رمضان- 1446

 

في رحاب البيت العتيق، حيث تلتقي القلوب وتتجلى الروحانيات، يبرز رجال الأمن في الحرم المكي نموذجًا فريدًا للإنسانية والتفاني. إنهم ليسوا مجرد حماة للنظام، بل هم أيادٍ رحيمة تمتد لتسهيل رحلة الزائر والمعتمر، يسعون بجد واجتهاد، مبتسمين ومتعاونين، ليكونوا عونًا وسندًا لكل من تطأ قدماه هذه الأرض الطاهرة.

 

*التفاني في خدمة الزوار والمعتمرين*

 

منذ اللحظة التي تقترب فيها من الحرم المكي، يلفتك التنظيم الدقيق والانسيابية الرائعة لحركة الحشود. رجال المرور في الشوارع المؤدية للحرم يعملون بكفاءة عالية لتنظيم السير، بينما ينتشر رجال الأمن داخل الحرم بأدوار متعددة، بدءًا من إرشاد التائهين، واحتضان الأطفال الضائعين، وحتى تقديم العون لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.

 

إنهم يجسدون معاني الأخلاق العالية، يخاطبون الجميع بلطف وابتسامة، بل ويتحدثون بلغات متعددة ليسهلوا التواصل مع المعتمرين من مختلف دول العالم. فلا عجب أن ترى رجل الأمن ينحني ليحمل طفلًا يبحث عن أهله، أو يفسح الطريق لعجوز منهك يبحث عن الراحة، أو يبتسم وهو يرشد زائرًا تائهًا.

 

*مواقف تعكس النبل والأصالة*

 

في أحد المشاهد التي تجسد روح العطاء، وبينما كنت أسير في طريق مزدحم بالمعتمرين في اجياد قبل النفق ، حاولت الانحراف إلى المسار الأيمن منتظرًا مرور بعض المعتمرين أمامي، فإذا برجل أمن يربت على كتفي قائلاً بلطف: "يا غالي، يا حبيب، حاول ترجع يسار". وعندما أخبرته بأن هناك كبار سن أمامي، أوقف السيارة التي بجانبي ليفسح لهم الطريق، ثم ابتسم قائلاً: "تفضل الآن". إنه موقف بسيط لكنه يحمل في طياته معاني العطاء والتقدير لكل إنسان.

 

*إدارة متميزة رغم الأعداد الهائلة*

 

رغم الأعداد الضخمة التي تملأ أروقة الحرم المكي على مدار العام، إلا أن التنظيم المحكم يجعل كل شيء يسير بسلاسة مدهشة. الخدمات متوفرة بأعلى مستوياتها، من ممرات منظمة، وأماكن مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، ونظام أمني محكم يضمن السلامة للجميع.

 

إن ما نشهده من تفانٍ في خدمة ضيوف الرحمن ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لتوجيهات كريمة من قيادة حكيمة جعلت راحة المعتمرين والحجاج أولوية قصوى. المملكة العربية السعودية تستحق كل التقدير على جهودها الجبارة في تأمين وتنظيم الحج والعمرة، لتجعل من زيارة بيت الله الحرام تجربة روحانية خالية من المشقة والعوائق.

 

*ختاما*

 

ما ذكرته هنا ليس مجرد كلمات، بل هو واقع ملموس يشهد عليه كل من زار بيت الله الحرام. إن رجال الأمن في الحرم المكي ليسوا مجرد حراس، بل هم جنود الإنسانية، يعملون بإخلاص ليكونوا العون والسند لكل زائر. فتحية تقدير وإجلال لهؤلاء الرجال الذين جعلوا من الأمن خدمة، ومن النظام رحمة، ومن الابتسامة رسالة محبة لكل ضيف حلّ في رحاب البيت العتيق.

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي