اثار اعلان الرئيس الامريكي دونالد ترامب عن استسلام الحوثيين وقبولهم بوقف الهجمات على الملاحة في البحر الاحمر تساؤلات حول دلالاته. هل ينهي بيان الاتفاق ازمة اهم ممر ملاحي عالمي ام يفتح باب تصعيد اخطر؟ البيان الامريكي، الذي تجاهل ذكر اسرائيل او سفنها، كشف تناقضًا جوهريًا، فالحوثيون وفقًا للخارجية العمانية، وافقوا على تجنب استهداف السفن الامريكية فقط. بينما الحوثيون يؤكدون على مواصلة ضرب السفن الاسرائيلية طالما استمرت الحرب على غزة.
الاتفاق، اذن، ليس نصرًا امريكيًا بل مناورة تكتيكية تفصل بين واشنطن وتل أبيب، تضع اسرائيل في مأزق وتضعف رواية نتنياهو عن التحالف الاستراتيجي مع امريكا، وسط غضب اسرائيلي يرى في البيان تنازلاً عن حليف.
اسرائيل، التي تعتمد على الردع الجوي، قد تلجأ لضربات استباقية ضد الحوثيين مما يهدد بتصعيد يربك الولايات المتحدة، التي بدورها تحقق مصالحها بحماية الملاحة البحرية. دون تكلفة حرب مفتوحة في الوقت الذي لن تقبل اسرائيل تحويل الحوثيين الى اداة ضغط ضدها. هذا الخلاف قد يشعل مواجهات غير مباشرة خاصة اذا استهدف الحوثيون سفنًا غير امريكية بدعوى دعم غزة - تنفيذا وفقا للاملاءات الايرانية.
من الواضح ان المشهد هش ومن الصعب التكهن مسبقا بالنتائج كما ان نجاح التهدئة مرهون بوقف حرب غزة وهو شرط ترفضه اسرائيل وبالتالي فإن الاتفاق الحالي بمثابة جسر مؤقت فوق بركان قد ينهار مع أي ضربة خارج الاطار المتفق عليه، كما ان الاتفاق ليس نهاية للتهديد الحوثي، بل في إعادة توجيه الصراع نحو منطقة اكثر حساسية، ذات علاقة في تقييم حدود التحالف الامريكي- الاسرائيلي وشرعية الضربات الدافاعية في حروب الوكالة.
عموما، الايام المقبلة ستحدد فيما إذا كانت هذه الهدنة بداية استقرار ام شرارة لصراع اوسع، و التاريخ يذكرنا بأن التهدئات في المنطقة نادرًا ما تصمد.
-->