منذ جلس الجميع على طاولة الرئيس، هيئة مصالحة، ومكونات سياسية خلال اجتماعه الثلاثاء 22 أبريل 2025، قرأت كلمة الرئيس خلافا لما هو مألوف ومرغوب سماعه، ويظهر للوهلة الأولى، والأهم في محور قرآتي، الاقتصاد، ووحدة الصف وهي إشارة إلى فشل بن مبارك، وضرورة طي صفحته، وما عداها هوامش وإن طفت.
فالمحور الإقتصادي، وتعافي وتحسين مؤشراته باستثمار الموارد المتاحة، والتوسع فيها، كطموح للقيادة السياسية، كان محل تركيز طرح الأخ الرئيس، وتآكل قيمة الريال وتبعاته على حياة الناس، ومجمل المؤشرات الاقتصادية هي هاجس يقلق قيادة الدولة، ولو طغى لفظ التفاؤل واقع المعطيات المحبطة، الدولار على عتبة 2500، والريال السعودي قفز على حاجز 650 ريال، على حين غياب حنكة، وفاعلية، وكفاءة رئاسة الحكومة وأعضاءها في تحمل أعباء المرحلة، وتدبير ملفها الاقتصادي المتهاوي. وعوض بذل الجهود في تحسين روافع العمل الاقتصادي، وتحسين مؤشراته تذهب رئاسة الحكومة في جدل مناكفة لا يسمن ولا يغني المواطن من جوع،، وهذا ما يعنيه فخامة الرئيس من وحدة الصف لنبل الغايات الاقتصادية أملا في تخفيف المعاناة، التي تصيب المواطن بمقتل، وجملة ما تتحفنا به الحكومة مفاوضاتها اللانهائية مع قرض من صندوق النقد لن يصل حتى يكون الاقتصاد في خبر المشلول.
الإشارات التي لا يقرأها البعض في الخطاب هي رؤوس الكلم، وبطن اللفظ السياسي مما تواجهه القيادة في معترك الحراك السياسي، وتعاطي رئاسة الدولة، والحكومة المشوشة، والعاجزة حتى عن الانسجام والتخطيط المتكامل، ناهيك عن النجاح، والوطن يواجه أحلك الظروف، وتمور به الأزمات مورا، وسط غيبوبة لا تستقيم فيها نبل الغايات، والوسائل المريبة لوحدة الصف لا سيما الاستثمار العسكري المتنكر لواحدية القرار، وبنيان المؤسسة الواحدة للدولة.
حتى والرئيس يتحدث بلغة القوة في استعادة الوطن المخطوف ومؤسساته كتموضع سياسي تقره معطيات دولية مهمة، يتحلى برشده السياسي، وحكمته في توحيد الصف المتناثر على واقع الجغرافيا، ولملمة أفكار اللاعبين المشوهة بفعل التجاذبات ضيقة الأفق، والمعنى الوطني، من منضور تحديد بوصلة القيادة، أن خطرا محدقا بحجم الحوثي، ونكبته يلزم القيادة تعاملا حكيما مع ملفات مشوهة لا سيما رئاسة الحكومة، والنتوءات العسكرية والأمنية فاقدة المعالم والمصلحة الوطنية إلى مرحلة أكثر صحية وهدوء لوضع معالجات ناجعة لا سيما في تغيير حكومي قريب.
منطق وحدة الصف، أنه من غير الحكمة الذهاب في معارك جانبية سياسية كانت أم اجتماعية، لا تخدم الانسجام المؤسسي، ولا تبني نجاح، أو تسهم في تحسين ظروف الناس المعيشية. وحدة الصف، ومنطق العقل أن يتحرر البعض من مآسير التفكير التملكي الذي عفى عليه الزمن إلى رحاب الأمتثال للشرعية الجمهورية وهي رسالة الرئيس لبقية من يغرد خارج الصف.
باختصار، وحدة الصف لا يغرد أحدا خارج الشرعية، وتوجيهاتها الوطنية، وأن لا تستثمر في إضعافها بانتهاج أنشطة مريبة، وغير مسئولة بمنصبك كرئيس وزراء، وأهم أن لا تتخادم بأي تصرف أو أنشطة تآمرية "خلايا أزمة" للنيل من رأس الشرعية وتسميم علاقاتها بالآخرين، أو تذهب في شطحات، وأنشطة تخدم بها مناورات الحوثي وهوامش تحركه،، وتهدم جدار التوافق الوطني ومؤسساته الشرعية، فالوسائل المريبة لا تخدم الأهداف الوطنية النبيلة.
لذا، فإن وحد الصف في الخطاب تعني أن لا تحرير أو انتصار بدون وحدة الهدف والإرادة السياسية الموحدة، والمسئولة، وهذا يتطلب إنسجام إرادة الرئاسة بإرادة رئاسة الحكومة، ويعني ضرورة طي صفحة بن مبارك، ولكن بصفحة أكثر نجاحا وأملا.
رسالة أخرى للأشقاء لاسيما قيادة المملكة ممثلة بسمو ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان مشروع الطموح العربي الكبير، ورائد التحولات الإستراتيجية، بأن رئيسا يمنيا يتحلى بهذه الحكمة، والنضج السياسي في لملمة الأجندة المتباينة، وجمع الصف الوطني هو أولى بكريم دعمكم المعهود، ومؤازرتكم النوعية والأخوية في مرحلة هي الأكثر وطأة اقتصاديا وسياسيا على اليمن.
سمو ولي العهد الأمين لا تنسى صنائع معروفكم ودعمكم، لكن ما يرجى منك في دعم الشرعية في هذا التوقيت الصعب والمعقد سياسيا واقتصاديا أكثر مما يرجى من أصحاب المشاريع الصغيرة والمريضة، فأنت المشروع الطموح الكبير، واليمن عمقك، وظهرك، ومدد مشروعك، ولا مناص من تحصينة ليس فقط أمنيا وسياسيا بل وهو الأهم اقتصاديا ومعيشيا.
-->