من زوامل "الموت لأمريكا" إلى الاتفاق السري في مسقط... ترامب يفضح الحوثي، والانتقالي يُشرعن التدخل الإسرائيلي!

د. علي العسلي
الاربعاء ، ٠٧ مايو ٢٠٢٥ الساعة ١٢:١٣ صباحاً

 

أبدأ بأحدث تصريح للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي كشف — وبصراحة غير معهودة — أن جماعة الحوثي بعثت إليهم برسالة عبر "مصدر جيد"، تطلب فيها وقف استهدافها مقابل وقف قصف السفن. قال ترامب: "الحوثيون أبلغونا وقالوا لنا: رجاءً توقفوا عن استهدافنا، وسنتوقف نحن كذلك عن استهداف السفن في البحر الأحمر"... وأضاف أنهم قالوا: "نحن لا نريد القتال"... وقد قَبِل العرض، وتم تنفيذه فورًا.

هل هناك خيانة أكبر من هذه؟ الحوثيون يتفاوضون سرًا، ثم يتفقون مع "الشيطان الأكبر"، بينما في الإعلام يتبجحون، ويخوّنون، ويُصهينون الآخرين، وفي الساحات يتجمهرون ويرددون الزوامل ضد أمريكا وإسرائيل!

ها هم يتبادلون الصفقات المشبوهة على حساب دماء اليمنيين وأطفال غزة، وعلى حساب كل ذرة من الكرامة الوطنية والعروبية والإسلامية!

حفرة بجوار مطار بن غوريون بفعل صاروخ حوثي، كان ثمنها ثلاث موانئ خرجت عن الخدمة، ومطاران توقفا، ومصنعان للإسمنت، ومحطات كهرباء، وخزانات وقود... إلخ.

نرفض ونُدين العدوان الصهيوني بأشد العبارات، ونطالب اليمنيين جميعًا بأن يصحوا ويتنازلوا لبعضهم البعض، وألا يتسبب أحد منهم في تدمير وتجزئة اليمن، وأن يحافظوا على ما تبقى من قدرات.

الخبر لم يأتِ من تسريب صحفي، بل من رئيس الولايات المتحدة ذاته، ولا مصلحة له في الكذب في هذا التوقيت، ما يؤكد أن الحوثيين قد باعوا اليمن وفلسطين في لحظة واحدة، وأسلموا السيادة ومقدرات البلاد لدويلة "إسرائيل"، التي بدأت بقصف المطارات والمنشآت والمصانع والخزانات، وقبل كل ذلك بإراقة الدم اليمني الطاهر... مقابل ماذا؟ ربما من أجل البقاء أطول قليلًا، أو لاحقًا إشراكهم في السلطة، أو مقابل الاعتراف بهم.

قصف "إسرائيل" لليمن اليوم دليل على أن "تل أبيب" ليست راضية عن صفقة الحوثي–أمريكا، فهي لا تريد أي كائن مسيّر أو صاروخ يُعلن عن إطلاقه باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، بل تريد السيطرة الكاملة، وأن تكون هي صاحبة مشروع تغيير ما يُسمّى "الشرق الأوسط".

وها نحن على مفترق طرق خطير: إن لم يُستأنف قصف السفن هذه الليلة من قبل الحوثي، فتأكدوا أن الحوثي قد باع غزة كما باع صنعاء!

المؤامرة واضحة وضوح الشمس: أمريكا، وإيران، والصهاينة يديرون المسرح، والحوثي والمجلس الانتقالي هما الدُّمَى.

ويا شرعية... أين علاقاتك الاستراتيجية والتنسيقية مع أمريكا؟! وما قيمة اللقاءات المتواصلة مع السفير الأمريكي؟

قبول أمريكا لرغبة الحوثي بعدم مواجهتها هو بمثابة إعلان نصر للحوثي، وإقرار ضمني بالاعتراف به من خلال عقد الصفقة. ولا تهمها لا الشرعية الدستورية، ولا الدولة، ولا معاناة، ولا دماء من قُتلوا وشُرّدوا من قبل الحوثي...

وهنا أُحذّر من التوقيع على خارطة الطريق عقب هذا الإخراج الأمريكي–الحوثي. فما تم الإعلان عنه الليلة ما هو إلا تمهيد للصفقة الكبرى التي أُجّلت للخميس، والتي تسبق زيارة الرئيس ترامب. وقد يكون من بينها توقيع الحوثي على خارطة الطريق، طالما فاجأنا ترامب بالإعلان عن الاتفاق مع الحوثي الليلة بوقف القتال بينهما.

وربما سيتزامن ذلك مع إدخال المساعدات لقطاع غزة، ليُقال إن الحوثي ساهم في إنهاء الحصار على غزة، وربما سيتم الإعلان عن اتفاق بين حماس و(إسرائيل) بهدنة طويلة، وتبادل للأسرى والرهائن، ودخول المساعدات. وقد يشمل الاتفاق النووي، وربما القبول بإعلان دولة فلسطين، ثم الحلم بموافقة دول المنطقة على التطبيع مع الكيان الصهيوني... هذا الإعلان سيُظهر أن للحوثي دورًا ما، وهذا هو فحوى الإعلان المؤجّل كما أتصوره!

وكم نبهناكم من عُمان، لكن لا تسمعون، ولا تقرؤون، وإن قرأتم لا تأخذون منه شيئًا!

أقول... إذا لم تتحرك "الشرعية" على الأرض وفي الجبهات الليلة قبل الغد، لتقلب المعادلات قبل أن تُقلب الطاولة على رأسها، فإن لم تفعل، فستكون طرفًا في المؤامرة، أو — على أقل تقدير — متواطئة بالصمت! وإذا ثبت ذلك، تكون قد خانت الأمانة وتتحمل المسؤولية، والشعب اليمني لن يُفرّط بثورته وجمهوريته، وسيتولى الدفاع عن وطنه وسيادته ووحدته بنفسه.

قدر اليمن التاريخي والجغرافي والسياسي أن يكون في مواجهة مستمرة مع الفرس والصهاينة، وألا يسمح بتحويل أرضه إلى ساحة لتصفية الحسابات الدولية. وما كشفه ترامب مجرد قمة جبل الجليد، وما خفي أعظم... فالساعات والأيام القادمة حبلى بالمفاجآت.

الحوثي انكشف بصفقته مع ترامب، أما الانتقالي فقد انكشف من خلال مقابلة ممثلته "سمر أحمد الضالعي"، التي خرجت في صحيفة "جيروزاليم بوست" تُدين استهداف الحوثي لمطار بن غوريون، وتعتبره "عملًا إرهابيًا صارخًا"!

فمن يتحدث بهذه اللغة هو متماهٍ مع الرواية الصهيونية، ويحمل أجندة تفتيت اليمن، بل يسعى إلى "تهويد الجنوب" عبر علاقات مشبوهة، وتمويل لوبيات يهودية في أمريكا لدعم الانفصال، والدعوة الصريحة لتدخل (إسرائيل) "من أجل الانفصال"!

مفارقة مع تطلعات كل اليمنيين... الحوثي والانتقالي يتوسلان تدخل دويلة إسرائيل؛ الأول بتوظيفه في القصف، والثاني بالمطالبة الصريحة بالتدخل!

الكرسي يجعلهما تائهين بلا هوية ولا مبدأ، فيتجهان نحو التهويد والتخادم مع الأعداء، للحفاظ على سيطرة كلٍّ منهما على ما تحت يده.

الخلاصات:

1. إعلان ترامب فضح الحوثي تمامًا، وأكد بما لا يدع مجالًا للشك أن هذه الجماعة ليست إلا أداة في يد القوى الدولية، ولا علاقة لها لا بالمقاومة ولا بفلسطين.

2. الانتقالي لم يعد يخجل من إعلان تحالفه مع (إسرائيل)، عبر تصريحات رسمية تُدين استهداف مطار بن غوريون مقابل دعم دويلة إسرائيل لتُشرعن الانفصال.

3. الشرعية اليمنية أمام امتحان أخير: إما أن تتحرك، أو تترك الشعب اليمني يقرر مصيره بنفسه.

الاقتراحات:

إصدار بيان رئاسي عاجل يوضح موقف الحكومة الشرعية من تصريح ترامب، ويؤكد ثوابت اليمن تجاه الحوثيين.

تحريك الجبهات العسكرية لتأكيد أن اليمن غير معني باتفاق الحوثي مع أمريكا، وقضية اليمن مع الحوثي سابقة لافتعال عمليات البحر الأحمر بسنوات، وللتأكيد على أن اليمن لن يكون حديقة خلفية للصراعات الدولية.

تفعيل الدبلوماسية الشعبية والإعلامية لفضح التحالفات المشبوهة للحوثي والانتقالي مع الخارج.

ختامًا، الوطن باقٍ، والخونة إلى زوال... واليمن لن يسقط ما دام فيه أحرار يرفضون الخضوع ويتصدّون للمؤامرات.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي