إلى من يزعمون تمثيلنا في مجلس القيادة الرئاسي، إلى الحكومة، إلى مجلسي النواب والشورى، إلى القادة العسكريين، إلى المكونات السياسية والمدنية...
أما آن لكم أن تستفيقوا؟
أما آن للضمير أن ينتصر، ولو لمرة واحدة، على المصالح الضيقة والمنافع العابرة؟
أخاطبكم لا باسم حزب، ولا مكون، ولا جهة، بل باسم الوطن الممزق، باسم المعاناة الممتدة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب:
من مأرب المقاومة، إلى تعز المحاصرة الصامدة الحالمة،
من حضرموت المستهدفة، إلى عدن الجريحة،
ومن صنعاء الأسيرة، إلى الحديدة المخنوقة المظلومة... الآن، وقبل الآن.
أخاطبكم باسم الشهداء الذين جادوا بأرواحهم من أجل الجمهورية، لا من أجل تقاسم الغنائم،
باسم الجرحى الذين تُركوا بلا علاج،
باسم المعاقين الذين تُركوا لمصيرهم،
باسم الأسرى والمختطفين والمغيّبين في سجون الحوثيين، الذين تحوّلت قضيتهم من قضية إنسانية إلى ورقة سياسية للمساومة والابتزاز والإثراء،
باسم الأرامل اللاتي يبكين بصمت،
باسم الجوعى الصابرين على الوعود الفارغة،
باسم الأطفال الذين يُلقَّنون الكراهية بدل القيم، ويُدفعون أفواجًا إلى الجبهات، في مخالفة صريحة للقانون الإنساني الدولي ولقرارات مجلس الأمن بشأن اليمن،
باسم التعليم الذي سُحق، والمناهج التي شُوّهت، والأساتذة الذين يقبعون في غياهب السجون،
باسم الثورة، والجمهورية، والدولة المدنية المنشودة،
باسم البنية التحتية التي دمرها استدعاء الخارج،
باسم الموظفين المقطوعة رواتبهم، والمفصولين، والمهجرين، والنازحين، والمواطنين الذين فقدوا الثقة بكم!
أرى وطني يُمزّق قطعةً قطعة،
ويُحوّل إلى ساحة صراع وقتال، وساحة لتبادل الرسائل،
أراكم تجتمعون لاقتسام المناصب والنفوذ،
تتبادلون الترشيحات وكأن الوطن بخير، تعينون المحربين وتتركون الكفاءات،
تصدر قرارات باسم "الرئاسة"، لا باسم "الجمهورية"! فأي جمهورية هذه التي نسيتموها، ولم تعودوا تصدرون قرارات باسمها؟!
الفرق بين القرار الرئاسي والقرار الجمهوري واضح وجلي:
فالأول يُصاغ نتيجة توافقات ضيقة وتفاهمات على الحصص،
أما الثاني فيصدر عن ممثلين لإرادة الشعب، عبر الترشيح والتزكية من قِبل مؤسسات ومستويات دستورية وقانونية (الوزير المختص - رئيس الوزراء - رئيس مجلس القيادة الرئاسي).
وفي الوقت الذي تنشغلون فيه بترتيب مكوناتكم وتشكيلاتكم، تتفق أمريكا – نعم، أمريكا – مع من اغتصب العاصمة، واحتكر السيادة، وصادر الدولة، وربما تسلّمه السلطة وتعترف به، وأنتم ملهون بالتعيينات! حتى إنكم نسيتم أن تستوضحوا من الإدارة الأمريكية عن الاتفاق الأخير بينها وبين الحوثي، وهم مصنّفون – كما تصفونهم أنتم – "إرهابيين"!
ويُقال إنه قبل هذه الخطوة، هناك سيناريو معروض في سوق السياسة حاليًا، عليكم وعلى الحوثي...
أتقبلون به بعد التضحيات الجسام للشعب اليمني؟
أتقبلون أن تشاركوا الحكم مع الحوثي قبل الخروج من العاصمة، وتسليم السلاح والمعسكرات والوزارات، وقبل تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة؟
إليكم ما يُطبخ خارج إرادة الناس، ويتكرر سيناريو "الحلول المفروضة" كما حدث في الماضي. وهاكم أهم ما نقله الناشط الثائر بسام البرق على صفحته في فيسبوك، وعلى مسؤوليته:
"هناك اتفاق على خارطة طريق، سيتم الإعلان عنها بعد زيارة ترامب للمنطقة، وهي نفس الخارطة التي جهزتها سلطنة عُمان ووقع عليها الحوثيون والسعودية، مع إضافة بعض الملامح:
(مجلس رئاسة من خمسة أشخاص: ثلاثة شماليين واثنين جنوبيين، على غرار مجلس الرئاسة في اتفاقية الوحدة عام 1990، مع دمج بعض بنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لعام 2012.
الرئاسة للشمال، والتمثيل يشمل: المؤتمر الشعبي (صنعاء)، أنصار الله، المجلس الانتقالي (عدن)، المؤتمر الجنوبي (حضرموت)، وقوى 11 فبراير (تعز).
حكومة مناصفة يرأسها جنوبي من المؤتمر الشعبي (الضالع) مع خمسة نواب.
مجلس نواب يرأسه شمالي وله ستة نواب.
مجلس شورى يرأسه جنوبي ويضم كل القوى الموقعة.
لجنة عسكرية وأمنية عليا.
العاصمة المؤقتة ستكون المكلا، وينتقل إليها مجلس الرئاسة والحكومة ومجلسا النواب والشورى.
يصدر قرار من مجلس الأمن لإعطاء الاتفاق الشرعية والضمانات.
أما الأقاليم وغيرها من النقاط الخلافية فستُناقش لاحقًا في مؤتمر حوار وطني) ".
وياليت هذا السيناريو مطروح بين مكونات الشرعية، لكنا قبلنا به كمحاولة لحلحلة هذا الجمود المحبط... لكن العرض مع الحوثي؟!
أي عبثٍ هذا؟!
أي منطقٍ يقبل أن تكون عاصمة الدولة خارج العاصمة المغتصبة قبل استردادها واسترداد الدولة؟
أي شرعية تبقى إذا تم تقاسم السلطة مع من انقلب على الدولة والشرعية؟
أين أنتم من كل هذا؟
أين موقفكم؟ أين صوتكم؟ أين أنتم من الشعب الذي تقولون إنكم تمثلونه؟
نحن أمام مفترق طرق خطير:
إما أن تثبتوا أنكم أمناء على الوطن،
أو تتركوا مواقعكم لمن هم أقدر على حمل الأمانة!
هذا نداءٌ أخير... نداءٌ باسم الدم، باسم الخبز المفقود، باسم المستقبل الذي يُراد اختطافه.
فإن لم تسمعوه الآن،
فلن يعفيكم التاريخ،
ولن يرحمكم الناس،
ولن تبقى لكم شرعية يُعوَّل عليها!
كفى صمتًا... كفى انتظارًا... كفى خنوعًا!
-->