حفرة في اسرائيل ووادٍ سحيق في اليمن

عبدالرحيم الفتيح
الثلاثاء ، ٠٦ مايو ٢٠٢٥ الساعة ١٠:٥٢ مساءً

 

في البدئ ندين بشدة هذا المسار الكارثي الذي ينزلق إليه البلد، حيث يتعرض ما تبقى من منجزات الجمهورية، التي تأسست بثورة 26 سبتمبر، لضربات منهجية تُنفذ بعلم الحوثي، أو بتواطؤه، أو بسوء تقديره، والنتيجة واحدة.

 

فالذي يُقصف اليوم ليس موقعًا عسكريًا فاعلًا ضد الاحتلال الإسرائيلي، ولا قاعدة لوجستية تهدد أمن المنطقة، بل ما تبقى من ملامح الدولة اليمنية الحديثة، كأن هناك قرارًا واضحًا بإبقاء الحوثي وإدامة وجوده، عبر القضاء على منجزات الجمهورية وإهلاك الإنسان اليمني.

 

الحوثي، في هذا السياق، لا يطلق صواريخه لفرض معادلة ردع حقيقية، هو يطلقها لتثبيت موقعه كحاجة في الحسابات الدولية، ولضمان بقائه في معادلة إقليمية أكبر من اليمن نفسه.

 

صاروخ بلا أثر عسكري على إسرائيل، يقابله دمار حقيقي هنا، حيث لا قبب حديدية تحمي اليمنيين، ولا غطاء سياسي يحصنهم من الحسابات العابرة للحدود.

 

الحوثي بهذا السلوك لا يدافع عن فلسطين، ولا حتى عن اليمن؛ بل يدافع عن موقعه كـ"وكيل محلي" في معركة إقليمية معقدة.

 

أما الغطاء الإيراني، الذي يُراد له أن يُطمئن أتباعه، فلم يُفلح حتى في منع العدوان على بيروت أو دمشق، ولن يمنع سقوط صنعاء تحت ركام الضربات.

 

الشرعية من جهتها تتحمل مسؤولية متزايدة، لا لأن الحوثي استهدف إسرائيل، ولكن لأنها لم تتحرك بعد بما يكفي لإنقاذ ما تبقى من مقدرات اليمنيين.

الصمت، هنا، ليس موقفًا، بل انحياز ضمني إلى استكمال مشروع الإجهاز على الدولة الوطنية اليمنية.

 

نحن أمام مشهد يتكرر بطريقة مقلقة، صاروخ يطلق بإرادة إيرانية، وعمليًا يعمق مأساة اليمن، ويوفر مبررات إضافية لضربه، ويديم حالة الانقسام التي تُبقي الاحتلال أكثر أمنًا، والضحايا أكثر تيهًا.

 

ما يحدث هو استخدام مفرغ من المعنى، لصالح مشاريع توسعية، واحتلال خارجي، في آن معًا.

 

الذين أطلقوا الصاروخ لم يكسروا حصارًا ولم يسقطوا مقاتلة، بل مهدوا لضربة جديدة، وقايضوا بها الحطام بمكاسب سياسية مؤقتة، على حساب شعب، ودولة، ومستقبل، والدليل انهم ذهبوا اليوم لمصافحة ترامب طلبا للعفو، بحسب تصريحه الأخير، أقدمت المليشيا على تقديم مقترح بإيقاف استهداف السفن مقابل أن يعدهم بالتوقف عن ضربهم.

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي